الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

حميد المرزوقي: الذكرى 66 لعيد الاستقلال مناسبة لإقرار الوضع النهائي لعلاقتنا بالاتحاد الأوربي

حميد المرزوقي: الذكرى 66 لعيد الاستقلال مناسبة لإقرار الوضع النهائي لعلاقتنا بالاتحاد الأوربي حميد المرزوقي
بعد مرور 66 سنة لحصول المغرب على استقلاله يحق لنا تقييم العلاقة التي تربطنا بالمستعمرين السابقين إسبانيا وفرنسا، لمعرفة ما تحقق على أرض الواقع، والتعثرات التي عرفتها العلاقات المغربية الفرنسية والإسبانية، خاصة وأن المغرب بصدد تصفية آخر الملفات ذات الصلة بتصفية الاستعمار.
والغريب في الأمر أن المغرب الذي كان ضحية للمد الكولونيالي الأوربي يوضع من طرف بعض الجهات التي مازالت تحن للعهد الاستعماري في قفص الاتهام أمام اللجنة الرابعة لهيئة الأمم المتحدة الخاصة بتصفية الاستعمار حيث تطالبها هذه الجهات التي ربما فقدت الذاكرة أو كما يظهر، برفع اليد عن الصحراء (المغربية الساقية الحمراء ووادي الذهب) والصحراء المغربية الشرقية (كلومبشار، حاصيل بيضا توات وتنذوف) في تجاهل تام لتورطها في تحالف غير معلن وقدر لخدمة أجندة القوى الكولونيالية في الصيغة المتجددة للهيمنة على إفريقيا ومنع أي تكامل اقتصادي أفقي بين الدول الإفريقية وتدعيم تبعيتها للاتحاد الاوربي، والمحصلة دول إفريقية ممزقة الأوصال تسجل أضعف نسب للتجارة البينية أي أقل من 4٪ فيما تسجل مبادلاتها التجارية مع الاتحاد الأوربي ما يفوق 70٪، هذا هو الوضع الذي خططت له أوربا منذ القرن 19 والذي وضعت لاستمراره آليات ومكنزمات أهمها خلق بؤر التوتر في مناطق مختلفة من إفريقيا وتحديد مهام بعض الدول الإفريقية للسهر على ضمان استمرار التوتر بين الدول الإفريقية لمنعها من أي تكامل اقتصادي في الزمن المنظور، لذلك ومنذ حصول النظام العسكري الجزائري على استقلال الجزائر والمغرب يعاني من المؤامرات الجزائرية التي أخدت منذ 1962 أشكالا مختلفة، ورغم ما تظهره الجزائر وحلفائها الكولونياليين من أزمات في علاقاتهما الديبلوماسية والاختلاف الظاهري لمصالحهم، إلا أن هذا ما هو في الواقع إلا تمويها للتحالف الغير المعلن الذي يربط بينهم، وكما يقول المثل "رب ضارة نافعة" لأن توثر العلاقات المغربية الجزائرية الأخيرة عرى على المستور وكشف اللعبة القذرة التي يلعبها النظام العسكري الجزائري لإضعاف المغرب والمس بمصالحه الاستراتيجية عن طريق توسيع رقعة التوثر وشن حرب متعددة الأبعاد والأشكال؛ نفسية، ميدانية وحتى سيبريانية لترهيب المغرب...، إن هذا الوضع الذي عمر طويلا أصبح عبئا لا يطاق يجثم على صدر شعوب شمال إفريقيا ويمنعهم من التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ويرهنهم بمخططات كولونيالية عفا عنها الدهر وأصبحت غير مواكبة لتوجهات التعاون الدولي لخدمة مصالح الشعوب الانسانية التواقة للعيش في غد افضل وواعد...
إن هذا التشخيص المقترب لما عاشته وتعيشه بلادنا والشعوب المغاربية من توثر دائم يفرض أكثر من أي وقت مضى إلى دعوة القوى الكولونيالية القديمة وبالأخص فرنسا وإسبانيا التخلي بصفة نهائية عن هذه المقاربة الاستعمارية المتجاوزة التي سقط عنها القناع وانكشفت بشكل فضيع، وأن تمد يدها لشعوب شمال إفريقيا لإقرار الوضع النهائي للمرحلة الكولونيالية سواء المباشرة التي امتدت من مؤتمر برلين 1884 إلى نهاية خمسينات القرن الماضي، أو المرحلة الكولونيالية الجديدة التي امتدت من ستينيات القرن الماضي إلى الآن، والتي ترهن مستقبل شعوب إفريقيا في مخططات متجاوزة حان الوقت للقطع معها وإعلان الانعتاق الكامل والنهائي لها وفتح صفحة جديدة للعلاقات، شمال جنوب، أكثر عدل وشفافية مبنية على منطق(رابح - رابح) (win-win)(gagnant - gagnant) والإعلان عن اقرار الوضع النهائي لما بعد المرحلة الكولونيالية القديمة الجديدة المجحفة.