الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: في ذكرى التحرير

نوفل البعمري: في ذكرى التحرير نوفل البعمري

تحل يوم 13 نونبر ويحل معها تخليد الذكرى الأولى للعملية الأمنية التي قام بها الجيش المغربي في المنطقة العازلة الكركرات التي كانت تفصل بين نقطة العبور والحدود الموريتانية، هذه الحدود التي كان يتم العمل على محاولة عرقلة انسيابية المرور منها سواء للمسافرين العابرين لها، أو للمركبات والعربات التجارية التي تمر من المعبر الحدودي باعتباره الممر الآمن الوحيد الذي يربط أروبا بإفريقيا، مما جعله يحظى بأهمية تجارية قصوى نظرا لمردوديته الاقتصادية خاصة للدولة الموريتانية التي كانت قد تضررت بفعل قطع الطريق ومحاولة  الاعتصام في الطريق لفرض أمر واقع جديد يفصل المغرب عن موريتانيا، و من خلالها إفريقيا.

 

العملية الأمنية العسكرية التي استطاع الجيش أن يقوم بها بدون أن يسيل قطرة دم، أو يخلف أية ضحايا، وكان للمهندسين العسكريين دور كبير في إعادة ترميم وإصلاح الطريق بشكل سريع أعاد بشكل قياسي الحركة للمعبر وأمَّن الطريق من جديد، استطاعت أن توقف كل أعمال البلطجية التي كان يتم القيام بما وحققت واحدة من الأهداف الأساسية لاتفاق وقف إطلاق النار وهو الحفاظ على السلم والأمن بالمنطقة، بل أكثر من ذلك العملية قامت بحماية أعضاء بعثة المينورسو الذين تعرضوا لكل أشكال الإهانة من طرف بلطجية البوليساريو الذين دفعهم النظام الجزائري لمحاولة إنشاء مخيم ظاهره مدني لكن عمقه مسلح بهدف السيطرة عليه  لخلق أمر واقع في المنطقة يُحولها لنقطة تمركز للجزائر تحت غطاء البوليساريو خاضعة للجنرالات الجزائريين بهدف تحقيق ثلاث أهداف كانت دائمة استراتيجية للعسكر، نجمله باختصار أولها البدئ بنقل سكان المخيمات للمنطقة للتخلص منهم ودفعهم لخلق واقع جديد للنزاع، ثانيها قطع الطريق وعزل المغرب ومحاصرته شرقا وجنوبا، ثالثهما هو تحقيق حلم بومدين إيجاد منفذ داخل المحيط الأطلسي عن طريق اقتطاع جزء من المغرب وجعله خاضعا للجزائر، فشل هذه الأهداف الاستراتيجية للجنرالات هو ما يفسر الحالة النفسية التي يوجدون عليها اليوم ومنذ هذه العملية، وخروجهم المكشوف لجر المغرب للحرب بعد أن فشلت في القيام بها عن طريق المناولة للمليشيات.

 

المغرب بتأمينه للمعبر استطاع أن يريل ثلاث رسائل:

- داخليا ولكل الأجيال الصاعد التي لم تواكب حروب أكتوبر 1973 التي شارك فيها الجيش المغربي، وحرب امغالا وكل الأدوار الوطنية التاريخية التي قام بها الجيش المغربي، استطاعت بهذه العملية أن تعيد اكتشاف جيشها واكتشاف حجم قوته، ووطنيته ودوره الكبير في حماية حوزة الوطن وأن لها جيش وطني قادر على رد أي عدوان وكما هو محافظا على السلم، هو أيضا قويا في مواجهة أي خطر خارجي.

- خارجيا استطاع الجيش المغربي أن يحافظ على السلم في المنطقة ويحافظ على أمن جل المركبات التجارية الدولية ويعيد حركة المعبر لسابق عهده، ويجعله أكثر أمانا للمعبرات مما قوى من حجم المعاملات التجارية التي تتم من خلال هذا المعبر ورفع حجم  استفادة دولة موريتانيا من عائداته المالية التي كانت تضررت اقتصاديا من قطع المعبر، وأظهر المغرب جيشه بالحيش الذي يلعب كل أدواره في المنطقة لتأمينها ولتحقيق واحدة من الالتزامات الأساسية للمينورسو.

- أمميا استطاع الجيش أن يقوم بدوره كاملا في فرض احترام اتفاق وقف إطلاق النار وللمهمة الوحيدة التي ظلت البعثة تقوم بها بعد تغير ولايتها المدنية والسياسية بفعل التطور السياسي الذي شهده النزاع وإقرار الأمم المتحدة بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وأوحد، في مستوى آخر الجيش ناب عن بعثة المينورسو في تأمين المنطقة بعد أن عجزت عن تحمل مسؤوليتها في الشق العسكري.

 

العملية الأمنية العسكرية تستحق أن تكون حدث وطنيا، تحتفي به جل الأجيال ويدرس لدى تلامذتنا لتعرف أهمية الأدوار الوطنية التي يقوم بها جيشهم، وباعتباره حدثا شكل علامة فارقة في الصراع المفتعل حول الصحراء، كل ذلك بفضل قيادة الملك باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وحنكة عناصر الجيش المغربي.