الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

كريم مولاي: ... ولا تزال الجزائر في عيد ثورتها مختطفة

كريم مولاي: ... ولا تزال الجزائر في عيد ثورتها مختطفة كريم مولاي (يمينا) وفي الصورة المركبة: الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والصحافي سليم أقار

تمر اليوم الأثنين الفاتح من نوفمبر (2021) الذكرى السنوية للثورة الجزائرية التي استطاعت أن تزيل استعمارا استيطانيا جثم على صدور الجزائريين لأكثر من قرن، دون أن يتمكن الجزائريون فعلا من طعم الاستقلال وما يقتضيه من حرية وكرامة وسيادة وطنية..

 

لا يمكن لأي جزائري أيا كان موقعه أن يطعن في الإنجاز التاريخي الذي حققه الجزائريون في مواجهة الاستعمار الفرنسي وهزيمته في آخر المطاف، فتلك من مفاخر الجزائريين والعرب والمسلمين الذين ناصروا الثورة الجزائرية ودعموها بالمال والسلاح والموقف السياسي الشجاع...

 

ولعله من سوء الطالع أن احتفالات هذا العام بثورة نوفمبر يقترن بأزمة طاحنة مع جارتنا المغرب، لأسباب يعلم الجميع أنها واهية ولا تصمد أمام التمحيص العقلي والمنطقي فضلا عن العلاقات التي تربط الشعبين منذ عقود طويلة..

 

لا أريد أن أنزلق وراء هذه البكائيات والمرثيات، التي لا تزيد الجزائريين إلا ألما وحسرة على ثورة مختطفة من عصابات حكمت الجزائر ولا توال منذ استقلالها عام 1962، لأركز على اتجاه العصابة الحاكمة إلى لي ذرائع الحقائق، واللعب بالرأي العام وذلك من خلال إنشاء قناة إعلامية دولية موجهة للخارج الجزائري، والدفع باتجاه تشكيل رأي عام داخلي وإقليمي يشهد للنظام الجزائري بأنه صاحب دور لا يمكنه تجاوزه.

 

تقول التقارير الأولية، إن النظام الجزائري أنهى استعداداته لإطلاق أول قناة دولية اليوم الأثنين، وأن هذه القناة ستكون مخصصة للمعلومات الوطنية والدولية المستمرة في الوقت الحقيقي، 24 ساعة في اليوم.

 

التقارير تقول إن النظام أطلق على القناة اسم "AL 24 News"، وستبث من الجزائر العاصمة وتبث عبر الأقمار الصناعية عبر النايل سات. وقد تم تكليف سليم أقار بإدارته.. وهو صحفي سابق للتعبير اليومي، ومستشار تلفزيوني، متخصص في السينما، وكان مديرًا لمكتبة الجزائر للأفلام على مدى السنوات الثلاث الماضية.

 

المعلومات تقول إن هذه القناة هي قبل كل شيء مشروع لعبد المجيد تبون الذي أراد إطلاق إعلام جزائري دولي منذ وصوله إلى المرادية عام 2019 لنقل صوت الجزائر، وأنها ستكون مستقلة عن باقي وسائل إعلام الدولة..

 

هذه هي المعلومات الرئيسية المتوفرة عن هذه القناة، فضلا عما تداوله إعلاميون وخبراء عن حجم الصراعات التي عرفتها هذه القناة بين الإعلاميين الذين تم ترشيحهم لقيادة هذه المؤسسة.

 

لا شك أن النظام الجزائري يسيطر على كل المنابر الإعلامية في الداخل، لا بل إنه لا يسمح لأي قناة أو سيلة إعلام دولية بالعمل، إلا وفق شروطه وبعد الرقابة القبلية المطلوبة، وما خبر إغلاق مكتب "فرنسا24" ببعيد عنا..

 

السؤال: لماذا إطلاق قناة تلفزيونية دولية في هذا الوقت بالذات، والحال أن السلطة تمتلك قنوات تلفزيونية متعددة يمكنها أن تحولها إلى قناة دولية؟

 

إنها الخدعة القديمة الجديدة التي لجأ إليها الانقلابيون في الجزائر، حيث يعمدون إلى امتلاك أسلحة تمكنهم من تحويل أنظار الجزائريين الذين يواجهون أزمات اقتصادية وصحية وسياسية معقدة، إلى الانشغال بالتحديات الخارجية والعداوات الموهومة التي تواجها الجزائر بما يجعل من أي معارض لها في الداخل يندرج ضمن سياق الخيانة، وما الموقف من حركتي "رشاد" "القبائل" ببعيد عنا..

 

الخطورة التي يجب الحذر منها في التعامل من هذه القناة، التي تصادف ذكرى وطنية عزيزة على قلوب الجزائريين، هي أن هذه القناة ستكون أداة متقدمة في الدفع باتجاه ليس فقط الحرب مع الجارة المغرب، وإنما أيضا في استدراج قوى دولية جديدة إلى منطقة الساحل والصحراء، وتقديم الذرائع لجعل المنطقة المغاربية مسرحا جديدا لصراع القوى الاستعمارية، من خلال إقحام روسيا وربما الصين كطرف شريك في إدارة معاركنا الداخلية والبينية..

 

أعرف أن القنوات التلفزيونية لم تعد لها ذات القيمة التاريخية، وليس بإمكانها أن تمارس الخداع كما كان ذلك في السابق، لكن خشيتي من أنه في ظل هيمنة الرأي الواحد في الجزائر، وإغلاق الباب أمام مصادر المعلومة من شأنه أن يسهم في صناعة رأي عام مضلل، يساعد مرة أخرى على استمرار اختطاف الجزائر ورهن قرارها لعصابات محلية وإقليمية ودولية...

 

كريم مولاي، خبير أمني جزائري