الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

الحريشي: الجزائر لا تستطيع شن حرب ضد المغرب.. وكل ما تقوم به هو مناوشات يائسة

الحريشي: الجزائر لا تستطيع شن حرب ضد المغرب.. وكل ما تقوم به هو مناوشات يائسة د.علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء
يرى علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء، أن ظاهرة تناسل اتهامات المسؤولين الجزائريين ضد المغرب تجد جذورها منذ عودة المغرب للإتحاد الإفريقي، وهي تصريحات واهية وليس لها أي سند، مضيفا بأن المسؤولين الجزائريين يعتمدون على نظرية العدو بسبب عجزهم عن إيجاد حلول واقعية للمشاكل الداخلية.
وأضاف أنه  منذ تحرير معبرات الكركرات وجدت الجزائر نفسها في عزلة إقليمية وعزلة دولية خاصة أن الأمم المتحدة والأمين العام يساندون المغرب الذي يحترم كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعها، مؤكدا بأن تصريحات المسؤولين الجزائريين هي محاولات يائسة لإستفزاز المغرب الذي يسير في خطى تابثة في طريق النمو وتوطيد الديمقراطية.
وعن احتمال اندلاع حرب في المنطقة في خضم هذا التوتر أشار الحريشي إلى أنه ليس بمقدور الجزائر المبادرة بشن حرب ضد المغرب، بل كل ما يمكنها القيام به هو مناوشات يائسة، وستكون محدودة في الوقت والزمان.
 
 
كيف تقرأ ظاهرة تناسل تصريحات واتهامات المسؤولين الجزائريين للمغرب منذ تحرير معبر الكركرات من عصابات البوليساريو؟
يمكن القول إن ظاهرة تناسل اتهامات المسؤولين الجزائريين للمغرب تجد جذورها منذ عودة المغرب للإتحاد الإفريقي، وهي تصريحات واهية وليس لها أي سند. فالمسؤولون الجزائريون يعتمدون على نظرية العدو بسبب عجزهم عن إيجاد حلول واقعية للمشاكل الداخلية، ولهذا فهم يحاولون ايجاد عدو خارجي لصرف النظر عن مشاكل الجزائر الخانقة.
منذ تطهير معبرات الكركرات وجدت الجزائر نفسها في عزلة إقليمية وعزلة دولية، خاصة أن الأمم المتحدة والأمين العام يساندون المغرب الذي يحترم كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعها، وتصريحات المسؤولين الجزائريين هي محاولات يائسة لاستفزاز المغرب الذي يسير في خطى تابثة في طريق النمو وتوطيد الديمقراطية، وخير دليل على ذلك هو نجاح الانتخابات التشريعية والمحلية ومشاركة أكثر من 50 في المائة من المغاربة في الاقتراع، وأكثر من 80 في المائة من المغاربة الصحراويين.
هذه الاستفزازات يواجهها المغرب بصمت العقلاء والحكمة في اتخاذ القرارات علما أن الجزائر تحاول جر المغرب لارتكاب الخطأ، لكن الحكمة تواجه تهور المسؤولين الجزائريين.
 
قلت إن النظام العسكري الجزائري يحاول تمويه الرأي العام الداخلي وصرف نظره عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، فهل يتعلق الأمر بعقيدة يتبناها النظام الجزائري تقوم على معاداة المغرب؟
مع الأسف، الأمر يتعلق بأوليغارشية سياسية وعسكرية تتحكم في الجزائر وتقوم بخنق الشعب الجزائري منذ الاستقلال، فالجزائر ظلت ترفض التعددية السياسية وتقوم على نظام الحزب الواحد إلى حدود عام 1988، أي بعد اندلاع مظاهرات عام 1985 التي شارك فيها الطلاب والتلاميذ، ومظاهرات عام 1988 التي أدت إلى سقوط قتلى إثر تدخل الجيش الجزائري لمواجهة المتظاهرين، ومنذ ذلك الحين حاولت الجزائر إقرار التعددية السياسية لكنها فشلت في ذلك، وما يؤكد ذلك هو ما وقع من أحداث في انتخابات 1990 و1991 وما تلاها من أحداث دموية عرفت بالعشرية السوداء، والغريب في الأمر هو أن الجزائر بلد غني بالغاز والبترول بالمقابل فإن الشعب الجزائري يعيش في أزمة خانقة، بسبب استحواذ النخبة الحاكمة على الثروة في الجزائر .
للأسف فالنظام العسكري الجزائري ظل دائما يتهم المغرب، علما أن المغرب قدم دعما كبيرا للجزائر ضدا على مصالحه الخاصة، حيث سبق لفرنسا أن اقترحت على المغرب ترسيم الحدود مع ما كانت تسميه «المقاطعة الفرنسية بالجزائر». لكن المغرب رفض ذلك عام 1958، وأبرم اتفاقية مع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة فرحات عباس واعترف بها، وكان المغرب هو ممثل الجزائر في الأمم المتحدة في الفترة الممتدة من عام 1958 إلى حدود 1962 تاريخ حصولها على الاستقلال، ومع هذا كله يواجه بالجحود ونكران الجميل من طرف الطبقة الحاكمة في الجزائر، وقد انطلق ذلك بحرب الرمال باقتحام الجيش الجزائري للتراب المغربي، وظلوا دائما يحاولون جر المغرب للمشاكل، عبر خلق نوع من الحرب الباردة ودعم الجبهة الانفصالية في الصحراء. وقد ظل المسؤولون الجزائريون يرددون نفس الأسطوانة المشروخة الموروثة عن الحرب البادرة (خطاب المظلومية واتهام المغرب بكونه دولة توسعية..)، علما أن الشعب الجزائري اليوم يعرف جيدا حقيقة الطبقة الحاكمة في الجزائر، وهو الأمر الذي جسده الحراك الجزائري في الشارع، كما أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ليست لهم القابلية اليوم لسماع خطاب المسؤولين الجزائريين الموجه ضد المغرب، فالمغرب دولة قائمة بذاتها منذ 12 قرنا، أحب من أحب وكره من كره جوابا على تصريح أحد المسؤولين الجزائريين.
 
خطاب المظلومية واستعداء المغرب لم يعد ينطلي على الشعب الجزائري في عصر العولمة وتدفق المعلومة، وقد عاينا تصريحات عدد من المثقفين والمعارضين الجزائريين التي تندد بما آلت إليه الأوضاع بين البلدين. فما تعليقك؟
الشعوب المغاربية يجمعها تاريخ مشترك وتجمعها نفس اللغة، ويتقاسمون نفس الدين ونفس العرق، ولكن للأسف فالطبقة الحاكمة في الجزائر لا تهتم لكل هذه الروابط المشتركة. وأعتقد بأن النخب الجزائرية التي تتواجد في غالبيتها خارج الجزائر بسبب كبح حرية الرأي وحرية التعبير ترفض خطاب المسؤولين الجزائريين المعادي للمغرب.
 
كيف تنظر إلى اتهام المغرب بالتورط في حرائق الغابات في شهر يوليوز 2021 وهو الاتهام الذي تكرر بصيغة أخرى خلال هذا الشهر بحديث المسؤولين الجزائريين عن احباط عمل مسلح في منطقة القبايل؟
كما قلت لك فهم يحاولون جر المغرب لارتكاب الخطأ، لكن المغرب يواجه كل هذه الاتهامات بمنطق الحكمة.. فكما هو معلوم فمختلف بلدان العالم تعاني من اندلاع الحرائق ( في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، تركيا، البرتغال، المغرب، الجزائر..)، ثم بعدها سمعنا بسيناريو ركيك جدا عبر التلفزيون الجزائري يتعلق باتهام المغرب بدعم عمل مسلح تقف خلفه حركة «الماك».. إنه سيناريو مفضوح جدا، ولا يمكن تمريره ضدا على وعي الشعب الجزائر ..أعتقد أن النظام العسكري الجزائري وجد نفسه في نفق مغلق وهو الأمر الذي يبرر لجوئهم الى استفزاز المغرب، دون أن تكون لهم نفس الشجاعة في علاقتهم بفرنسا علما أن الرئيس الفرنسي صرح لجريدة «لوموند» بأن الجزائر لم تكن كدولة قائمة إلا في حدود عام 1962، وبأن فرنسا هي من ساهمت في صنع الجزائر، في حين أن المغرب لم يسبق له أن أدلى بتصريحات من هذا النوع ومع ذلك يواجه بكم هائل من التصريحات والاستفزازات من طرف المسؤولين الجزائريين، وهو الأمر الذي يؤكد أن الجزائر تعتبر المغرب هو ذاك العدو الذي تحاول من خلاله الإجابة عن مشاكلها الداخلية.
 
ماذا عن مآل هذا التوتر، هل سيقود إلى اندلاع حرب بين المغرب والجزائر؟
لا أعتقد بأنه بمقدور الجزائر المبادرة بشن حرب ضد المغرب، بل ما يمكنها القيام به هو مناوشات يائسة، وستكون محدودة في الوقت والزمان، بالنظر للموقع الاستراتيجي الهام للمنطقة وبالنظر للدور المغرب الهام الذي يضطلع به المغرب في مكافحة الهجرة السرية ومكافحة الإرهاب. وأعتقد بأن المجتمع الدولي لن يسمح باندلاع حرب طويلة في المنطقة، وإذا ما أقدمت الجزائر على مناوشات ضد المغرب فأعتقد بأنه سيكون هناك تدخل فوري للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لأن الخاسر لن يكون المغرب أو الجزائر، بل المنطقة ككل وأقصد جنوب البحر الأبيض المتوسط وشمال البحر الأبيض المتوسط.