الثلاثاء 23 إبريل 2024
اقتصاد

محمد مرفوق: ما مصير الاختصاصات المترابطة بين التعمير والإسكان في الحكومة المرتقبة؟

محمد مرفوق: ما مصير الاختصاصات المترابطة بين التعمير والإسكان في الحكومة المرتقبة؟ محمد مرفوق
يترقب مسؤولو وموظفو قطاع إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، إدارة ونقابات مهنية، بتوجس كبير التشكيلة التي ستخرج بها حكومة اخنوش؛ بل ويتخوفون من تشردم جديد لاختصاصات وزارتهم، في إطار الترضيات  السياسية  وتوزيع أوسع لغنيمة الحقائب الوزارية والمناصب الحكومية بين الأحزاب التي ستكون الأغلبية القادمة!!
 
الوزارة منذ نشأتها الأولى مع أول حكومة البكاي بنمبارك الهبيل، التي تم تنصيبها بتاريخ 7 دجنبر 1955، مباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال، تضمنت وزارة للتعمير والسكنى، ووضع على رأسها آنذاك الدكتور محمد بن بوشعيب، وهي الوزارة التي اختفى اسمها من على قائمة الحكومات المتتالية ابتداء من الحكومة الثانية المنصبة بتاريخ 28 أكتوبر 1956، حيث دمجت كل المصالح التي كانت في ما سبق، تتكون منها وزارة التعمير والسكنى الأولى، ضمن مصالح وزارة الأشغال العمومية بموجب مقتضيات الفصل الخامس من الظهير رقم 1.56.269 بتاريخ 28 أكتوبر 1956.
ومنذ ذلك الوقت مرت مياه كثيرة تحت الجسر  وظلت هذه الوزارة متذبذة بين جمع مكوناتها تارة والتفريق بينها تارة أخرى؛وإلحاقها تارة ثالثة بوزارة السيادة الداخلية؛ ورابعة  بوزارات ذات انتماء حزبي (حزب الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي ،والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية ).
وهكذا للتاريخ نسجل  أنه  مع الحكومة رقم 28 التي ترأسها التقنوقراط إدريس جطو، احتفظ محمد اليازغي بإعداد التراب الوطني والبيئة، وأضيف لهما قطاع الماء، في حين تم تعيين أحمد توفيق حجيرة، وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول، مكلفا بالإسكان والتعمير وكان ذلك بتاريخ 7 نونبر 2002، وكانت هذه هي المرة الأولى كذلك، التي تنفصل فيها اختصاصات إعداد التراب الوطني عن اختصاصات التعمير منذ النشأة الأولى سنة 1977 عندما عين عباس الفاسي وزيرا للسكنى وإعداد التراب الوطني..
 وتأتي الحكومة رقم 29 التي ترأسها هذه المرة عباس الفاسي بتاريخ 15 أكتوبر 2007، لتجتمع مرة أخرى الاختصاصات الثلاث في وزارة واحدة، عين على رأسها أحمد توفيق حجيرة، وزيرا للإسكان والتعمير والتنمية المجالية، وعين عبد السلام المصباحي، كاتب دولة مكلفا بالتنمية الترابية..
ومع قدوم حكومة ما بعد دستور 2011، رقم 30 التي ترأسها عبد الإله بنكيران، احتفظ في بداية الأمر، محمد نبيل بنعبد الله المعين بتاريخ 3 يناير 2012، بالاختصاصات الثلاث كوزير للسكنى والتعمير وسياسة المدينة، ولكن مع التعديل الأول الذي طرأ على حكومة بنكيران بتاريخ 10 أكتوبر 2013، مرة أخرى يتم التفريق بين الاختصاصات الثلاث، فيحتفظ محمد نبيل بنعبد الله باختصاصات السكنى وسياسة المدينة فقط، ويعين محند لعنصر، القادم من وزارة الداخلية، وزيرا للتعمير وإعداد التراب الوطني.
ومع التعديل الثاني الذي عرفته الحكومة رقم 30 لبنكيران، بتاريخ 25 ماي 2015، احتفظ محمد نبيل بنعبد الله باختصاصات قطاع السكنى وسياسة المدينة، في حين انتقلت اختصاصات التعمير وإعداد التراب الوطني إلى إدريس مرون.. وكان علينا انتظار الحكومة رقم 31، والتي عين على رأسها سعد الدين العثماني بتاريخ 15 أبريل 2017، ليتم مرة أخرى الجمع بين الاختصاصات الثلاث، حيث عين محمد نبيل بنعبد الله من جديد، وزيرا لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مع تعيين فاطنة لكحيل، كاتبة للدولة مكلفة بالإسكان.. لكن مع قرار وضع حد لمهام الوزير محمد نبيل بنعبد الله بتاريخ 24 أكتوبر 2017، كان قد تم تعيين مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وزيرا لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بالنيابة.. وجاء التعديل الأول لحكومة سعد الدين العثماني بتاريخ 22 يناير 2018، لتتم مواصلة  الاحتفاظ بالاختصاصات الثلاث مجتمعة داخل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة التي عين على رأسها آنذاك عبد الأحد فاسي فهري مع احتفاظ فاطنة لكحيل على حقيبة كاتبة دولة مكلفة بالإسكان..
ومع التعديل الثاني الذي طرأ على حكومة سعد الدين العثماني بتاريخ 9 أكتوبر 2019، مرة أخرى تبقى الاختصاصات الثلاث مجتمعة داخل وزارة واحدة، وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والتي عينت على رأسها الوزيرة الحالية نزهة بوشارب، في حين تم إلغاء حقيبة كاتبة الدولة المكلفة بالإسكان..
وهكذا إذن فإذا كانت كل الفعاليات داخل الوزارة تتخوف اليوم، وتتخوف مرة أخرى عن تقسيم الاختصاصات الثلاث وتوزيعها بمناسبة تعيين الحكومة القادمة على أحزاب مشاركة في الأغلبية الحكومية على سبيل  إرضاء الخاطر والمجاملة؛ فإنه بغض النظر عن العواقب السلبية التي تحدث جراء هذا الانشطار في الاختصاصات، وخاصة على قطاع العقار وسياسة المدينة، فإنه لم يعد من المقبول تفريخ العديد من حقائب الوزارات وكتابات الدولة، فقط إرضاء لنزوات بعض أمناء الأحزاب المشاركة في الحكومة ضمانا لتحقيق الأغلبية، والاستفادة أكثر وإلى أقصى حد من كعكة المناصب الوزارية..
إن أول مؤشر إصلاح حقيقي، والقطع مع براثن الانحراف السياسي والإداري السابق، سيتجلى في عدد الحقائب الحقائب الوزارية التي ستتضمنها تشكيلة الحكومة الآتية.. وما دامت الأغلبية الحكومية ستتقتصر على الأحزاب الثلاث الأولى الفائزة في الانتخابات الأخيرة، فإن الأمل جد معقود ويبقى قائما على أن يتم تجاوز كل الوضعيات غير الملائمة واللائقة السابقة..
ونحن اليوم، في التقابة المستقلة "سماتشو" كما كنا دائما في السابق، مع تجميع الاختصاصات والتقليل من التكاليف الموازية، ولن يتأتى ذلك إلا بتقليص عدد الحقائب الوزارية إلى أقصى حد ممكن، تفاديا لمزيد من تبدير الموارد والمال العام، والانخراط بدل ذلك، في مسار الإصلاح والتغيير وإعادة تقويم الأخطاء وتطبيق قيم الحكامة الجيدة والنجاعة المتوخاة..


محمد مرفوق:الكاتب العام لنقابة "سماتشو" ورئيس اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب