الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد توبير: في نقد سلوك الأحزاب السياسية

سعيد توبير: في نقد سلوك الأحزاب السياسية سعيد توبير

ليس وظيفة النقد هو الهدم فقط وإنما التفكيك والتحليل لبناء تصور إيجابي للحزب تترتب عنه ممارسة عملية ذات فائدة اجتماعية.

الواقع من خلال التشخيص العام للواقع الحزبي والسياسي، هو أنه لا أحد يجد نفسه راضيا عن العمل الحزبي المغربي باستثناء بعض الممارسين المنتفعين من التمثيلية ومن يدور في فلكهم المصلحي.

 

بيد أن الواقع يحيل على أن هناك يأس عام، سخط كبير لدى الأوساط الشبابية، وتعبيرهم عن نفور أو عزوف لديهم عن العمل السياسي عموما والحزبي خصوصا.

 

والحال أنه في الوقت الذي تهيمن فيه شيخوخة القادة السياسيين واستمرائهم  للريع والامتيازات. تستفحل البطالة وضيق الافق بالشباب الذي يغذي أنواع الاحتقان السياسي والسخط الاجتماعي,

ويزداد الطين بلة عندما يتناهى الي اسماعنا أن هناك تزكيات تباع وتشترى دون أن تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والاستحقاق. لتغلق الأبواب في وجه المثقفين والباحثين والأطر مقابل استقطاب الأعيان لتحصيل المقاعد فقط دون اكتراث بما يسمى "تمثيلية الشعب" وتبتعد بذلك عن هموم الطلبة والشباب والقوى الحية مما يجعل هذه الأخيرة فريسة للمخدرات أو الانحراف أو الاتجاه نحو التطرف والتعصب.

 

والحال أن بنية المجتمع المغربي الديمغرافية تستدعي تقليص المسافات الثقافية بين الأجيال من خلال تشبيب القيادات الحزبية وإلا انحسر التواصل وعجزت عن أداء مهمتها. فإذا كانت الأحزاب هي مؤسسات عمومية تقوم بمساعدة الدولة على انجاح سياساتها العامة من خلال دعمها من المال العام لتقوم بوظيفة التأطير. فهل تقوم هذه الأخيرة بدورها؟

من جهة أخرى نلاحظ أن هناك حراك الدولة المغربية في أفق استكمال الوحدة الترابية ومواجهة أعداء الوحدة المغربية.

فإذا ما هي طبيعة الأطر الحزبية التي تكونها الأحزاب لتقوم بالديبلوماسية الموازية وتأطير شباب الجامعات و خلق تعبئة وطنية حقيقية؟

 

وعليه يمكن القول إن أحزابنا الحالية مثل النظرية العلمية التقليدية، أي انها لم تعد قادرة على تفسير ظواهر جديدة أو الاستجابة للتحديات من خلال منطق هيمنة الرقميات واستفراد التطبيقات باهتمام فئات عريضة من المجتمع المغربي، تغير سلوك واهتمامات الرأي العام وهيمنة الشباب الجديد بسلوكات وانتظارات مخالفة لما تقوم به الأحزاب.

وفي النهاية علينا أن نوضح ماذا نعني بالحزب؟

 

وفي هذا السياق يعتبر عبد الله العروي في برنامج في الواجهة ما يلي: الحزب هو مؤسسة قائمة علي التفكير فيما يسمى بالمصلحة فقط. من جهة أخرى الحزب هو برنامج دقيق  لديه أولويات في التضخم، الصحة أو التعليم قد يساهم في العمل العمومي سنتين أو ثلاث بعد ذلك نقوم بالتقويم.

أما من يتحدث عن العقائد ليس حزبا لأن العقيدة تهم الشخص ولا تهم ما يمكن أن يقع بصدده الاتفاق أي المصلحة كما يقول الفقهاء القدامى.

 

من قال إنه يمثل الشعب كله، فهذا اتجاه وليس حزبا.

من قال إن لديه حل لجميع مشكلات المجتمع، فهذا بدوره فكر غير عقلاني.

 

على الدولة بحكم علاقاتها مع الخارج وطبيعة التحديات الاجتماعية والاقتصادية أن تفكر في مخطط حقيقي لتكوين اجيال ونخب سياسية حقيقية للانخراط في بناء قاعدة باحثين؛ مثقفين وسياسيين في مستوى تحديات المستقبل المنظور.

 

سعيد توبير؛ باحث في الفلسفة والتربية