الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

درشول: ما تفعله الصحافة الفرنسية بخصوص "بيغاسوس" هو تغطية استخباراتية لحدث "بيغاسوس" وليس تغطية صحافية

درشول: ما تفعله الصحافة الفرنسية بخصوص "بيغاسوس" هو تغطية استخباراتية لحدث "بيغاسوس" وليس تغطية صحافية شامة درشول
في هذا الحوار مع شامة درشول، الباحثة الإعلامية، تتحدث عن قضية "بيغاسوس" بأنه ليس على المغرب أن يسمح لنفسه بأن يعيش عقدة الشعور بالذنب، ولا أن يسمح لأحد أن يضعه في موقف المدافع عن نفسه، على المغرب أن يفهم أنه هو نفسه من تعرض لمحاولة تجسس عليه، وعلى شركائه:
 
جددت عدد من المنظمات بغطاء حقوقي وإعلامي حملتها الممنهجة ضد المغرب، في نظرك ما سياق ذلك؟
هذه الحملة كانت متوقعة، حيث إن منظمة "فوربيدن ستوريز" أو القصص المحرمة، هي منظمة جعلت من أهدافها إكمال رواية القصة التي لم يكملها صحفي ما بسبب اعتقاله، أو سجنه، أو اختطافه، أو مقتله، أو اختفائه، وهو ما يفسر سبب عودة قصة "بيغاسوس" إلى الظهور من جديد في اليوم الذي تقرر أن يصدر فيه الحكم على عمر الراضي، لم يكن المقصود هو الضغط على المحكمة من أجل اطلاق سراحه، بل كان المقصود هو استغلال هذه المحاكمة من أجل أن تطلق المنظمة الجزء الثاني من قصة بيغاسوس، وفي موقع المنظمة ستجد أنها تقول إنه حين يعتقل صحفي، أو يختطف، أو يقتل تحرص هي على أن تبقي القصة التي بدأها حية، وهذا ما يفسر أيضا سبب تواجد بيغاسوس في العناوين الأولى للصحف الكبرى.
من جهة أخرى، علينا أن نتذكر أنه حين اندلعت قضية "بيغاسوس" لأول مرة منذ سنة تقريبا كانت تبحث عن "طعم"، وللأسف كان هذا الطعم هو الصحافي عمر الراضي والذي سبق واعتقل لأيام بسبب تغريدة، فتم التواصل معه ليحصلوا على هاتفه ويتحققوا من قضية التجسس عليه "ببيغاسوس"، وقد تم انتقاء عمر كما انتقي آخرون في عدد من الدول والذين لديهم علاقة ما مع منظمات غير حكومية مثل "امنستي"، أي أنهم كانوا من المحيط المقرب، ومن صحفيين يصنفون على أنهم "مزعجين"، وسيتقبلون فكرة أن الأمن في الدولة التي ينحدرون منها يراقبهم، هذا يرضي غرور أي صحفي، أن يكون مستهدفا من رجل الأمن، وبالتالي حين تلقى عمر الراضي خبر أن هاتفه يحتمل أن يكون اخترق من "بيغاسوس"، لم يمانع في أن ينشر الخبر على صحف العالم، هذا سلوك اخر يرضي غرور أي صحفي أن يكون على صحف العالم، وهو الطعم الذي أتقنته منظمة "قصص محرمة"، والتي نجد في تقريرها المنشور على موقعها تقول إنها هي من طلبت من الفرع الألماني لأمنستي أي ببرلين أن تحصل على التقرير الدي تتحدث فيه عن "بيغاسوس"، وقامت هي أي "فوربيدن ستوريز" باعتبار انتمائها لشبكة أصوات حرة بالتنسيق مع عدد من الصحف للخروج خرجة رجل واحد ضد هدف معين هو المغرب، والسؤال الذي يجب أن يطرح هنا هو:"لماذا قامت منظمة فرنسية مثل "فوربيدن ستوريز" بنقل قضية بيغاسوس من الفرع الألماني لأمنستي إلى الفرع الفرنسي لأمنستي؟"، وأترك مهمة الجواب هنا لمن هو يهتم بهدا الأمر بعيدا عن عقدة جلد الذات التي تسكن عددا من المغاربة.
حدة هذه الحملة تبين أن المغرب أضحى مستهدفا، ألهذه الدرجة يغيظهم المغرب؟
المغرب في خريطة العالم، وبه مصالح لدول، ولوبيات، وشركات أجنبية تسمح لنفسها بكل شيء من أجل الحفاظ على مصالحها، وثرواتها فيه، ونحن اليوم نعيش عالم ما بعد كورونا، عالم تعاد فيه صياغة أنظمة جديدة، وتختبر قوة الأنظمة التقليدية مثل الانظمة الملكية، العالم يعيش اليوم ما يعيشه جسد الإنسان، اختبار المناعة أمام تحورات كورونا، لذلك على المغرب أن يتخلى عن التفكير بعقلية الضحية، وعقلية المستكين، المهادن الذي يتساءل"مالهم معايا؟"، "اش بغاو عندي؟"، "ياك انا ضريف وشاد تيقاري؟"، على المغرب أن يكون متفهما أنه دولة تتواجد في خريطة العالم، وفي دائرة الصراع حتى لو هو يرفض أن يكون طرفا في هذا الصراع، ففي عالم بعد كورونا إما أن تكون مصارعا أو مصارعا عليك.
على مر التاريخ كان الإعلام الفرنسي ذراعا لضرب المغرب وابتزازه مند عهد الراحل الحسن الثاني هل نحن امام موجة أخرى من الاستهداف؟
طرحت في جوابي على السؤال الأول تساؤلا:"ما الذي جعل منظمة فرنسية مثل "فوربيدن ستوريز" تأخذ تقرير أمنستي حول بيغاسوس من فرع أمنستي ببرلين إلى فرعها في فرنسا؟"، وفي الجواب عن هدا التساؤل الرد. لا يعقل أنه حين نتحدث عن الصحافة المغربية نشكك دوما أن لها علاقة بالاستخبارات المغربية، أو جهاز أمن الدولة، وحين نتحدث عن الصحافة الغربية والفرنسية نستبعد هدا المعطى ونتعامل معها على أنها صحافة نزيهة؟ الصحف العالمية في بريطانيا، أو غيرها لها علاقة بأجهزة الاستخبارات، وفي عالم الاستخبارات هناك مقولة تقول "الصحافة هو نقل الحدث كما هو، الاستخبارات هو متابعة انطباعات الناس حول الحدث".
لذلك، ما تفعله الصحافة الفرنسية بخصوص "بيغاسوس" هو تغطية استخباراتية لحدث بيغاسوس، وليس تغطية صحافية. وهو ما يفسر لمادا تركز على "الانطباعات"، التي تركها حدث بيغاسوس، وترويجها على أنها حقائق، عوض التأكد من الحقائق.
كيف يمكن تفسير أن عددا من دول أوروبا تشيد بالتعاون الأمني مع المغرب في مجال مكافحة الجرائم العابرة للقارات وفي نفس الوقت تتهجم بعضها على المؤسسات الأمنية بالمغرب؟
العرب يسمون هذا "السم المدسوس في العسل"، والمغاربة يقولون "الله ينجيك من إشارة الأصابع ولو بالخير"، وفي تقنيات تدمير أنظمة الحكم هناك تقنية "الحرق بالضوء"، من لا تستطيع أن تغلبه، أو تتخلص منه بسهولة، قم بتعريضه للضوء، قم بالنفخ فيه، هلل له، اجعله حديث المجتمع، اجعل الناس تصفق له، تلتف حوله، وحين يقع حدث ما حتى لو كان خارج نطاق تحكمه، او ارتكب خطأ ما، سينقلب المصفقون عليه، ويحملونه كل المسؤولية. وهو ما يبدو من خلال التركيز في التغطية الصحفية على شخص معين، وجهاز معين، وهدا يبدو جليا في واحد من التقارير الأخيرة ل "لومند" أفردت فيه صفحة عن مدير مديريتي الأمن والديستي جاء فيها:"إنه شخص ظل طويلا في منصبه، وهده سابقة في المغرب، وهو يتحمل منصبين، وقد نال ثقة الملك، ولا يمكن التخلص منه إلا إن ارتكب خطأ، أو طرده الملك".
وهنا يطرح السؤال "كيف تعنون لوموند تقريرا من تقاريرها بأن هذا الشخص هو صديق لفرنسا، وفي نفس الوقت يتم محاولة حرقه بضوء الإعلام؟"، الجواب واضح، ولا يحتاج أي تفسير، بل يجعلنا نطرح تساؤلا آخر: "هل فرنسا وحدها من تطالب برأسه أم أن هناك دولة أخرى تتخفى وراء استخبارات وصحافة فرنسا؟".
أن نتذكر أنه في السنوات الثلاث الأخيرة صدرت تقارير حول استطلاع للرأي أجري في المغرب من قبل منظمات أجنبية غير حكومية سئل فيها:"فيمن يثق المغاربة؟"، فكان الرد على التوالي:"الملك، الأمن،الجيش". وهذا ما يفسر لمادا يتم التركيز على من يثق فيهم الشعب المغربي.
ما هي التناقضات التي يمكن المغرب أن يستند عليها لدحض ادعاءات استعمال تطبيق التجسس؟
ليس على المغرب أن يسمح لنفسه بأن يعيش عقدة الشعور بالذنب، ولا أن يسمح لأحد أن يضعه في موقف المدافع عن نفسه، على المغرب أن يفهم أنه هو نفسه من تعرض لمحاولة تجسس عليه، وعلى شركائه، وهذه المحاولة المفضوحة للايقاع بين رئيسي المغرب وفرنسا هي محاولة للتضليل عن المتجسس الحقيقي على الدولتين. وعلى هذه الذراع الطويلة التي تعتقد أنه بأموالها يمكن أن تعيث فسادا في دول ذات تاريخ عريق ليس فقط في علاقاتها بل أيضا في تواجدها على خارطة الدول العريقة تاريخيا وليست دولا ناشئة تفيض أموالا لكنها تعاني من عقدة التاريخ.