الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد العربي هروشي: ماذا بعد الصمت الدبلوماسي بين المغرب وإسبانيا؟

محمد العربي هروشي: ماذا بعد الصمت الدبلوماسي بين المغرب وإسبانيا؟ محمد العربي هروشي
يمر الوقت والمغرب مصر على موقفه الطبيعي الدبلوماسي الندي مترجما صورته الجديدة التي تتلخص في مغرب العهد الجديد غير، ومغرب الأمس غير:
تفسير ذلك أن الدور الذي بات يلعبه المغرب إقليميا وإفريقيا ودوليا خصوصا في الملفات الحساسة كالهجرة غير الشرعية، ومحاربة المخدرات والتطرف الجهادي من جهة وما أبانت عنه المملكة المغربية من روح التعاون الإفريقي و العربي خاصة في ظروف الوباء كوفيد 19، علاوة على الإقلاع التنموي بالمشاريع الرافعة للاقتصاد الوطني من بنى تحتية( موانئ قارية ،وصناعات السيارات والطائرات و..)
كل ذلك بوأ المغرب لأن يحسب له ألف حساب في العلاقات الدولية، لا نقول هذا الكلام من باب الحماسة الوطنية وإنما من استنطاق الوقائع والأحداث من الكركرات وتداعياتها والتي لم يندد بالتطهير الذي قامت به القوات المسلحة الملكية لعصابات البوليساريو، التي حاولت مناوشة جيش نظامي له تاريخه، سوى الجزائر الرسمية، من دون دول باقي المعمورة، بما في ذلك بعض الدول المساندة للأطروحة الانفصالية لم يصدر عنها أي موقف معلن.
قلت انطلاقا من أحداث الكركرات وصولا إلى استقبال الحكومة الاشتراكية الشيوعية الإسبانية حكومة بيدرو سانشيز لرأس حربة المليشيات الانفصالية (البوليساريو)وما عقب ذلك من تداعيات جد سلبية على العلاقات البينية المغربية الإسبانية.
وقد أبانت الدبلوماسية المغربية عن حنكة في تدبير ملف الخلاف الذي مس السيادة الوطنية سواء في استقبال غالي دون سابق إخبار، أو في تحرك الآلة الدبلوماسية الإسبانية لجر الاتحاد الأوروبي إلى أن يتخذ قرارا عقابيا في حق المغرب على إثر الهجرة التي حدثت إلى سبتة من طرف المهاجرين من دول الساحل جنوب الصحراء وبعض المغاربة من بينهم قصر، وبالرغم من اتخاذ إسبانيا هؤلاء القصر ذريعة، إلا أن مبادرة الدولة المغربية بقيادة رئيسها الملك محمد السادس لاستعادة كل قاصر موجود خارج المملكة من دون أهل، شكل تحديا لهذا الادعاء وأوقف ابتزاز إسبانيا في الموضوع.
والآن وأمام هذا الصمت الدبلوماسي المتبادل هل من انفراج في أفق العلاقات المغربية الإسبانية وعلى أي أسس؟
ما يبدو واضحا هو أن تخلي حكومة سانشيز عن أرنشا أيالا وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية ( سابقا)، وتغيير بعض حقائب وزرائه من داخل الحزب الاشتراكي العمالي لم يجد نفعا في حلحلة ملف الخلاف بين البلدين، أي تغيير الموقف الرسمي لإسبانيا من قضية مغربية الصحراء المغربية ،خاصة بعد تصريح بايدن من ألا تراجع عن موقف إدارة ترامب من إعلان السيادة المغربية على الصحراء وحذف لفظة " الغربية " من قاموس الخرائط الأمريكية .
بل إن تصريح وزير الخارجية الإسبانية الجديد من كون أن المغرب بلد صديق وجار و...لم يترجم هو الآخر ألفاظه إلى أفعال ،بحيث كان منتظرا ،حسب التقليد أن تكون المملكة المغربية قبلته الأولى في أول خروج دبلوماسي له إلا أنه فضل البيرو عبر انجلترا.
إن صمت البلدين لا يدل على رضا أحد الطرفين، وإنما الترقب هو سيد الموقف، ولذلك في نظري المتواضع أن الاتصال الذي كان بداية يوليوز مع السفيرة المغربية بوالعيش، وما تلاه من اتصالات حسب إلبايس ليوم الثلاثاء 27 يوليوز 2021 عبر المفوض الأوروبي السامي خوسي بوريل وبعض مساعديه في المفوضية الأوروبية تركت باب التفاوض مواربا.
وحسب ما أوردته إلبايس ذاتها على صدر صفحتها الأولى/ إسبانيا والمغرب بصدد التفاوض حول مراجعة جذرية للعلاقات الثنائية في مواضيع ومقترحات محددة:
أ -خلق منطقتين مزدهرتين مشتركة متاخمتين لسبتة ومليلية على غرار ما يتم البحث عنه من صيغة في جبل طارق مثلا.
ب - في حالة عدم التوصل إلى المقترح أعلاه ،تفرض إسبانيا عزلة على المنطقة وتعمل من خلال الاتحاد الأوروبي على إدراج السليبتين سبتة ومليلية ضمن المنطقة الحدودية الجمركية لشينغن.
لكن، هذا المقترح مغامرة غير مضمونة النتائج بالنسبة لإسبانيا، لأن ذلك سيؤدي إلى عدم التعاون في مجالات حساسة وعلى درجة من الخطورة عالية من قبيل ملف الهجرة السرية ومحاربة الحركات الجهادية وترويج المخدرات، وقد أشارموقع Dijital Le 360 إلى نتائج ذلك.
أعتقد أن على إسبانيا أن تغير من موقفها فيما يتعلق بالسيادة المغربية على الصحراء وأن تقف على الأقل مع الحل العقلاني، وهو طي الملف نهائيا بالمقترح المغربي والذي رحبت معظم الدول به، ثم الجلوس بكل وضوح حول الملفات الحساسة بما في ذلك وضعية السليبتين سبتة ومليلية، كأن يسعى البلدان على تنمية مشتركة حقيقية في المنطقتين المتاخمتين لهما، وتمتيع المغاربة برفع التأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي ،على أن يعملا معا على مراقبة صارمة للهجرة غير الشرعية ،وبذلك ستعود الثقة المفتقدة بين البلدين في أفق حل كل القضايا بالدبلوماسية وعلاقة حسن الجوار.