الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك: العنف الذي نتنفس..

وحيد مبارك: العنف الذي نتنفس..

يجب علينا أن نتفق جميعا على أننا نعيش أزمة تربية.. أزمة قيم، وبتنا نعيش في مجتمع منحلّ، وبالتالي لا يجب أن ندّعي بكوننا فوجئنا وصدمنا وقت اطلاعنا على تسجيلات يعتدي فيها تلاميذ على أساتذة، فقد اعتدى قبل ذلك أبناء على آبائهم وأمهاتهم، بل وسفكوا دمهم وأزهقوا أرواحهم، كما سبق وأن عنّف آخرون رجال أمن، وأطباء وممرضين، واستسهل غيرهم الاعتداء على إخوتهم، وجيرانهم، وعلى باقي المواطنين، سائقين وراجلين، لأتفه الأسباب، وتربّص آخرون بمارة لسلبهم حاجاتهم واستباحوا أجسادهم...

في مجتمعنا تغتصب الطفلة والطفل، الابن، الأخ، والغريب، يستباح شرف الشابة والعجوز، يعتدى جنسيا على "الأسوياء" وذوي الاحتياجات الخاصة.. في مجتمعنا نتنفس جرعات متتالية من العنف على مدار الساعة، "من المهد الى اللحد"، وبعضنا يعيش "الأوفردوز"، حتى طبّعنا وتعايشنا معه، وفجأة نستفيق على وقع التنديد والشجب وشعارات الغضب؟

نحن نعيش أزمة حقيقية، تحتاج لمعالجة شمولية، لا الى ردود فعل لحظية ظرفية، نحن كلنا نتحمل المسؤولية، أسرة ودولة، فما نعيشه هو نتاج سياسات معينة، وضعت في سياقات خاصة لغايات بعينها، واليوم ندفع ثمنها الباهظ وبكل تأكيد ستتوالى تداعياتها بشكل أفدح وأخطر إذا لم نراجع أنفسنا ولم نعد ترتيب أوراقنا، فما نعيشه اليوم هو تحصيل حاصل لم يأت من فراغ حتى ندّعي "البراءة"، وللقطع معه يجب أن نضع أصابعنا على مكمن الخلل الفعلي من أجل تشخيص مضبوط يترتب عنه علاج ناجع، حتى لا نتيه في بحر من المبررات الفارغة ونعتقد أننا يمكن أن نواجهها بوقفات وإضرابات عابرة!