الثلاثاء 19 مارس 2024
خارج الحدود

إسقاط إخوان تونس في يوم وليلة.. إذا الشعب يوما أراد "الخلاص"

إسقاط إخوان تونس في يوم وليلة.. إذا الشعب يوما أراد "الخلاص" تونسيون يحتفلون بقرارات الرئيس قيس سعيد

تسارعت الأحداث في تونس لتتكسر مكائد الإخوان على صخور إرادة الشعب، فيسدل سيد قرطاج الستار على منظومة الإخوان.

 

هكذا بين عشية وضحاها أسقط التونسيّون منظومة الإخوان، بعد عقد من الزمن، جثموا فيه على صدور حرية شعب قال شاعره يوما: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر".

 

حياة أفرغها حكم الإخوان من معناها، بذريعة ديمقراطية قيّدها تسلّط الجناح السياسي للتنظيم الدولي "النهضة"، فعطلت الحركة وأذرعها الصغيرة مهامّ البرلمان، وحاكت المؤامرات لإسقاط الحكومات المتتالية، لحاجة في نفس رئيس الحركة ومجلس الشعب راشد الغنوشي.

 

شرارة "الفتنة" تضيء

وربّ ضارة نافعة -يقول نشطاء تونسيون- فما كان لمكيدة الإخوان بنصب فخ لوزير الصحة فوزي مهدي المحسوب على الرئيس قيس سعيد، وقرار استدعاء المواطنين للتطعيم في أول أيام الحديث دون التحضير اللازم، أن يمرّ مرور الكرام.

 

نعم. نجح الإخوان في إسقاط الوزير وتحميله المسؤولية، لكن إقالته كانت شرارة أضاءت ظلمة الشارع التونسي، وفتحت أعينه على مؤامرة الإخوان، فتزامن الغضب من الفِعلة مع ذكرى عيد الجمهورية، الذي اختارته فعاليات تونسية يوما لإسقاط الإخوان واستعادة الدولة.

 

الغضب الصاعد

صباح يوم الأحد 25 يوليوز 2021 كانت تونس على موعد مع هدير شعبي توجه إلى مقر البرلمان وسط العاصمة، تلقته أجهزة الأمن بإغلاق الطرقات، وتطويق المجلس، لكن "الثائر" لا يسد عليه باب، فتوجه الجمهور الغاضب إلى مقرات حزب النهضة في 4 محافظات خارج العاصمة، تعبيرا عن رفض استمرار المنظومة، سرعان ما امتدت الشرارة لباقي الولايات.

 

وامتدّ الغضب إلى محافظات أخرى؛ توزر والقيروان وسيدي بوزيد، وصفاقس ونابل وقفصة وسوسة والمهدية والكاف، كلها صدحت حناجر سكانها في وقفات احتجاجية، مطالبة بإسقاط حكومة هشام المشيشي وحل البرلمان وتغيير النظام السياسي.

 

وردّد المحتجون بتلك المحافظات شعارات مناهضة لرئيس البرلمان وزعيم تنظيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي مطالبين بمحاسبته وكل من تورط معه من حلفائه، في إرادة لا تنكسر لتحقيق الهدف.

 

إعلان "النصر" من قرطاج

الاستجابة للإرادة الشعبية؛ جاءت بعد ساعات من قصر قرطاج، فعقد الرئيس قيس سعيد اجتماعا طارئا مع قيادات عسكرية وأمنية؛ لبحث تطورات تحرك الشارع الهادر ضد الإخوان ومنظومة الحكم.

 

وقبل إعلان نتائج الاجتماع تواصلت في تونس "مسيرات الحسم"، واستمر المحتجون في اقتحام مقرات حركة النهضة، والهدف هو نفسه: "إسقاط منظومة الإخوان واستقالة هشام المشيشي ومحاسبة راشد الغنوشي على ما اعتبروه جرائم إرهابية وفسادا ماليا".

 

ولم يفلح توعد قيادات الإخوانية الرئيس سعيد وأنصاره، والمحتجين في الشارع، في إيقاف الغضب، حتى خرجت قرارات قصر قرطاج الدستورية، لتنشر الفرحة بين المتظاهرين، بتحقيق الهدف.

 

قرارات سعيد تضمنت تجميد سلطات البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، وتولي رئيس الجمهورية مهام السلطة التنفيذية، وإسناد السلطة التشريعية إلى الرئاسة.

 

وقال الرئيس التونسي إنه استجاب لدعوات طالبت بتفعيل الفصل 80 من دستور البلاد الذي يخول الرئيس اتخاذ تدابير استثنائية حال وجود خطر داهم؛ مؤكدا أن البلاد تمر بأخطر اللحظات ولا مجال لترك أي أحد يعبث بالدولة وبالأوراق والأموال والتصرف في تونس كأنها ملكه الخاص.

 

الهبّة الشعبية وجدت في قرارات سعيد نصرا لها، فاحتشد الآلاف وسط العاصمة التونسية ليل الاثنين للاحتفال، وتحديدا في كل من ساحة باردو حيث مقر البرلمان، وشارع الحبيب بورقيبة، تأييدا للقرارات التي وصفت بـ "الاستثنائية".

 

وبمشاركة قيس سعيد، أطلق التونسيون في الشوارع شماريخ ومفرقعات "النصر"، رافعين الأعلام، ومرددين النشيد الرسمي للبلاد، قبل أن ينضم رجال أمن للاحتفالات التي تمهد لإزاحة الإخوان عن الحكم بعد 10 سنوات عجاف.

 

وانتشر الجيش في عدة مناطق لحراسة المنشآت العمومية بينها مقر البرلمان ومقر التلفزيون العمومي.

 

وعرض التلفزيون التونسي صورا للرئيس قيس سعيد يشارك حشدا يحتفل بقراره بإقالة رئيس الحكومة وتعليق عمل البرلمان في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين 26 يوليوز 2021.

 

وأظهرت الصور الرئيس التونسي وهو يلقي التحية على التونسيين المتجمعين بالشارع، وسط هتافات مؤيدة للقرارات الاستثنائية التي أصدرها مساء الأحد.

 

ماذا بعد؟

في المقابل منع الجيش التونسي، اليوم الاثنين رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي من دخول مبنى البرلمان، تنفيذا لقرار تجميد نشاط المجلس.

 

ويتخوف التونسيون حاليا من فوضى قد يثيرها الإخوان في الشارع، بعد أن أغلقت عليهم أبواب التحكم في رقاب التونسيّين، خاصة باللجوء إلى النزول للميدان، وحض الأنصار على الاعتصام، حتى العودة إلى مفاصل القرار.

 

وبالفعل دعا الغنوشي، فجر اليوم الاثنين أنصاره إلى النزول إلى الشوارع لإنهاء ما وصفه بـ "الانقلاب"، وقال في مقطع مصور بثته حركة النهضة الإخوانية، إن "على الناس النزول إلى الشوارع مثلما حصل في 14 يناير 2011 لإعادة الأمور إلى نصابها"، في إشارة إلى إزاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

 

(عن "العين الإخبارية" الإماراتية)