السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبدالوهاب دبيش: لعالم والفقيه

عبدالوهاب دبيش: لعالم والفقيه

من حين لآخر تبرز اشكالية المعرفة العلمية  ومتداوليها  فنخلط  بين العالم الذي يتقن معرفة علمية موجودة ومتداولة حصريا في الجامعات،  وبين الفقيه ذلك الشخص الحافظ لنصوص الدين والملم ببعض متونه حفظا لا نقدا. خصائص العلم أنه مبني على قواعد النقد والتمحيص والتأكيد والتجربة والإبتكار. وهذه هي مداخل المعرفة العلمية الملقنة في أمهات الجامعات كونيا يعترف بها المسلمون وهم في مستوياتها الدنيا من حيث مكانتهم فيها، ويعترف بها النصارى واليهود والبوذيون ومن لا دين لهم. وهؤلاء يحتلون مراتب متقدمة في مجالها بإتقانها مناهج الدراسة فيها حتى أضحوا هم مبدعوها.

أما الفقيه حتى لا أقول لفقي، فهو ذلك الشخص الذي يحفظ نصوصا دينية تم تدوينها بأسلوب وبمنهج بعيد عن مناهج المعرفة، فلا نقد فيها ولا تمحيص ولا قراءة منهجية. كتابات تطرح قضايا العلاقة الوجدانية بين الإنسان ومعتقده بشكل لا يترك للمعتقد، بكسر القاف، أية إمكانية للنقاش وكل ما عليه سوى التسليم بالمضمون باعتباره من المسلمات التي لا مجال للرد عليها بشريا.

هذا الصنف هو ما يغلب على العالم الاسلامي والعربي، فهم يعتبرون أنفسهم علماء بحكم تملكهم للنصوص حفظا عن ظهر قلب. والحقيقة أن إطلاق صفة العلماء على هذه الشريحة جاء نتيجة لغياب التعليم والمدرسة في بلدان هذه العوالم التي دأبت على تقسيم المجتمع إلى فئتين هما: الخاصة والعامة.

الخاصة وهي "العالمة" الحافظة للنصوص الدينية والمتحكمة في الوظائف السلطانية والثانية، وهي العامة التي لم يتح لها أن تتعلم أو تدرس  وظلت هذه الوضعية إلى أن جاء الإستعمار الذي كسر البنية القائمة بعد أن أصبح التعليم ديمقراطيا ومتاحا للجميع. غير أن هذه الديمقراطية التعليمية ستعرف انتكاسة مع استقلال هذه الدول عن المستعمر لتعمد نخبتها الحاكمة إلى تجهيل الشعوب ومنعها من ولوج المدارس وامتلاك المعرفة حفاظا على مصالحها وارتباطاتها مع محتل الأمس.

الآن وبعد أن أصبحت المعرفة كونية ضاقت بهؤلاء حدود امتلاكها، وأعادوا إنتاج فئة من الناس تلوم لفهم خاطئ للمعتقد مبني على قاعدة إما نحن أو الفناء. 

اللي احفر شي حفرة كيطيح فيها.