الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

محمد الأمين: بني بويلول منطقة جبلية نائية لم تنل حظها من اهتمام المسؤولين

محمد الأمين: بني بويلول منطقة جبلية نائية لم تنل حظها من اهتمام المسؤولين

يرى محمد الأمين، أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، رئيس جمعية مبادرة للبيئة والتنميةببني بويلول، أن ساكنة منطقة تامجيلت عموما وساكنة بني بويلول على الخصوص تعاني غياب وسائل للنقل العمومي فلا وجود للنقل المزدوج مما يجعل الناس مضطرين لاستعمال وسائل للنقل السري. واعتبر محمد الأمين، أن المنطقة تعرف نزوحا متواصلا وغير مسبوق للساكنة نحو المناطق المجاورة، بحيث تعتبر بني بويلول المنطقة الأكثر تسجيلا لنسبة الهجرة.

وشدد رئيس جمعية مبادرة للبيئة والتنمية، على أن الجمعية تبدل كل ما في وسعها من أجل الإسهام في تحقيق تنمية شاملة بالمنطقة، تدفع بالساكنة إلى تغيير موقفها من التفكير في الهجرة إلى المناطق المجاورة (كيكو، الحاجب) إلى الاستقرار بالمنطقة.

 

ما هو السياق العام الذي جاء فيه تأسيس جمعية مبادرة للبيئة والتنمية ببني بويلول بإقليم جرسيف؟

  • تعتبر جمعية مبادرة للبيئة والتنمية بإقليم كرسيف جماعة بركين، -وبركين غير بركان-، من الجمعيات التي وإن كانت حديثة التأسيس، إلا أنها تأتي استمرارا للعمل الجمعوي الذي بدأ يظهر بالمنطقة في السنوات الأخيرة. هذه الجمعية التي تطمح إلى أن تكون جمعية نشيطة على المستوى الوطني لتشمل كل المناطق القروية بالمغرب التي لها نفس خصوصيات بني بويلول، ارتأت أن تجعل مقرها بمنطقة جبلية نائية لم تنل حظها من الاهتمام على المستوى الوطني إسوة بمثيلاتها من القرى المهمشة والنائية من قبيل أنفكو مثلا. هذه البلدة ليست سوى قرية بني بويلول التي يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى حوالي 2000 متر، تقع بالضبط عند سفح جبل بوناصر ثاني أعلى قمة جبلية بالمغرب بعد جبل توبقال وعلى مقربة من جبل بويبلان؛ منطقة وعرة بتضاريسها لدرجة أن طائرة الهليكوبتر الوحيدة التي وصلت وهبطت بها في 13 يونيو 1997 بمناسبة الانتخابات الجماعية -عندما أعطى سكان بني بويلول للسلطات يومها درسا رائعا في الاحتجاج السلمي بمقاطعتهم لتلك الانتخابات- تاهت في السماء، وهو ما حذا بأحد صحفي Maroc hebdo آنذاك بتشبيه بني بويلول بالمنطقة النائية التي لا تصلها سوى غربان سولت لهم انفسهم  أن يمتحنوا قدراتهم على تحمل العيش في أفظع أرض الله خرابا، حسب تعبيره.
  • ذكرت أن جماعة بركين ومنطقة بني بويلول تعاني التهميش والإهمال أين يتجلى ذلك؟

بالإضافة إلى ما ذكر، تعتبر بني بويلول أبعد منطقة على مدينة كرسيف- عاصمة الإقليم- إذ تبعد عنها بحوالي 150 كلم، المسالك الطرقية التي تؤدي إليها وعرة، فبالرغم من أن اشغال تعبيد الطريق الاقليمية رقم 5125 التي تربط تامجيلت بها قد بدأت مند أكثر من ثلاث سنوات إلى أنها تبدو أنها متعثرة الآن،  كما أن الطريق التي تربطها بإيموزار مرموشة عمالة إقليم بولمان عبر تامجيلت هي الأخرى غير صالحة للاستعمال بسبب رداءتها. هذا، ومما يزيد من صعوبة الأمر بالنسبة لساكنة تامجيلت عموما وساكنة بني بويلول على الخصوص عدم وجود وسائل للنقل العمومي فلا وجود للنقل المزدوج مما يجعل الناس مضطرين لاستعمال وسائل للنقل السري وما ينتج عن ذلك من تبعات قانونية في حالة حصول حوادث للسير على الخصوص. في ظل هذه الظروف كلها ووعيا منا بأهمية المجتمع المدني في تأطير المجتمع قمنا بتأسيس جمعية مبادرة للبيئة والتنمية والتي جعلنا لها كهدف أساسي تحقيق تنمية شاملة بالمنطقة والحفاظ على البيئة أملا في الحد من الهجرة. فقد لاحظنا من خلال دراستنا للمنطقة أنها تعرف نزوحا متواصلا وغير مسبوق للساكنة نحو المناطق المجاورة، بحيث تعتبر بني بويلول المنطقة الأكثر تسجيلا لنسبة الهجرة ويعزى ذلك لعاملين أساسين:

-   العامل الأول يتمثل في عدم الاهتمام بها من قبل الدولة خصوصا منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى غاية بداية الألفية الثانية رغم كونها كانت تزخر بثروات غابوية مهمة كانت تجعل من جماعة بركين من أغنى الجماعات ومع كل ذلك لم تنعكس على المنطقة في أي شيء.  ولعل الزائر لها اليوم سيشعر بأنها بلدة أشباح بسبب سقوط أغلب دورها، وعدم اهتمام الآخرين بمنازلهم لأنهم يعتبرون وجودهم هناك مؤقتا سينتهي في يوم من الأيام بالهجرة.

-  العامل الثاني يتمثل في التمدرس، نسبة كبيرة من الساكنة تضطر للهجرة لتدريس أبنائها، لعدم إيمانها من جدوى التدريس بهذه القرية الجبيلة النائية. فالبرغم من الاهتمام الذي أصبحت توليه المديرية الإقليمية مؤخرا للتعليم بالمنطقة إلا أن قلة التلاميذ الذين لا يتجاوز عددهم عشرون تلميذا في فرعية بني بويلول يفرض اللجوء للأقسام المشتركة وهو ما لا يتفهمه السكان، يبقى أملنا في تتفهم المديرية الإقليمية خصوصية وضعية المنطقة وللهدف الأسمى المراد تحقيقه ألا وهو الحد من الهجرة.

  • ما هي أهم الأهداف التي تسطرها الجمعية للنهوض بالمنطقة؟
  • -   من بين الأهداف الأخرى التي تسعى الجمعية لتحقيقها، هو المحافظة على البيئة بالخصوص محاولة الحد من تدهور شجرة الأرز بالتعريف بأهميتها وبالتشجيع على المحافظة عليها. فالمعروف أن بني بويلول تحتضن مئات الهكتارات من شجرة الأرز التي تعرف في السنوات الأخيرة تدهورا متواصلا أدى إلى تراجع غابة الأرز بها. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى سببين، من جهة بسبب القطع العشوائي لها من قبل أفراد من البلدة لاضطراهم ولحاجتهم لتوفير القوت اليومي ببيع خشبها، ومن جهة أخرى وهذا هو الأخطر ما يروج عن وجود عصابات (حتى لا نقول مافيا) لتهريب الخشب.  فالبرغم من السياسة الردعية – الزجرية التي تنهجها الدولة في محاربة هذه الظاهرة إلا أنها أثبت فشلها في ظل عدم قدرة الدولة على توفير بديل من خلال خلق فرض للشغل تضمن للمواطن في بني بويلول قوته اليومي. وتبعا لذلك فإن جمعية مبادرة للبيئة والتنمية وضعت نصب أعينها كل الأهداف المشار إليها، محاولة منها للمساهمة إلى جانب الجمعيات الأخرى بالبلدة -جمعية أصدقاء البيئة، جمعية تاومات، وجمعية الأمل على سبيل الحصر- في إخراج المنطقة من عزلتها في تعاون وثيق مع السلطات المحلية التي لمسنا من خلال تجربتنا القصيرة في التعامل معها كل الدعم والتفهم لحاجيات الساكنة. ولتحقيق ذلكم الهدف الأسمى المتمثل في الحد من الهجرة القروية، سطرنا مجموعة من الوسائل الأساسية سواء بالقانون الأساسي أو الداخلي للجمعية، لعل أبرز ما فيها يتعلق بتحسيس الساكنة وتشجيعهم على الحفاظ على الموارد البيئية، الوعي بأهمية غابة الأرز باعتبارها كنزا وطنيا، والعمل بكل الوسائل المشروعة للحفاظ عليها، التشجيع على التمدرس ودعم المدرسة بالمنطقة، ومحاربة الأمية والهدر المدرسي، العناية بأوضاع المرأة القروية ودعمها من أجل تحقيق الاستقلال المادي...

أملنا في أن تتظافر جهود الجميع من مجتمع مدني، سلطات محلية وإقليمية ومنتخبين من أجل الإسهام في تحقيق تنمية شاملة بالمنطقة، تدفع بالساكنة إلى تغيير موقفها من التفكير في الهجرة إلى المناطق المجاورة (كيكو، الحاجب) إلى الاستقرار بالمنطقة.