الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

حسن الروخ: البكالوريوس الجامعي.. شهادة بإصلاح شمولي أم حل ترقيعي؟

حسن الروخ: البكالوريوس الجامعي.. شهادة بإصلاح شمولي أم حل ترقيعي؟ حسن الروخ

البكالوريوس نظام جديد تقرر العمل به ابتداء من السنة المقبلة في الجامعات المغربية؛ إصلاح تأجل لسنة كاملة بسبب تداعيات أزمة كورونا. اتخذ القرار من الوزارة الوصية دون اللجوء إلى الفئات المستهدفة، أغلب التلاميذ و الطلبة لا علم لهم به.

 

التقت منابر صحفية عددا من التلاميذ والطلبة بمختلف ربوع المملكة، منهم من يدري أن النظام الجديد سيدخل حيز التطبيق السنة المقبلة، وآخرون، وهم كثر، لا علم لهم به على الرغم من أنه يعنيهم مباشرة. فحسب الوزارة الوصية، تعتبر أن “نظام البكالوريوس هو الشهادة الأكثر تداولا في العالم، وهو أول شهادة التعليم العالى بمجموعة من التجارب الدولية والجامعات الدولية الناجحة".

 

إن مزايا هذا النظام، سيمكن الطلبة من جواز يتضمن مجموعة من الكفايات، سواء في اللغات أو في الكفايات والمهارات الحياتية والذاتية، وأيضا في مجالات أخرى للإشهاد، سواء في المجال الرقمي أو في مجال المقاولات وريادة الأعمال، وفي مجموعة من التخصصات العلمية والتقنية منها.

 

ويسمح هذا النظام للطالب والمتلقي بتطوير قدرات التعليم الذاتي، وذلك من خلال تطوير نظام مختلط يجمع ما بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد والتعليم بالتناوب ما بين الجامعة والمقاولة. كما سيمكن خريجي التعليم العالي من فرص أكثر للاندماج في المجال المهني، عبر تأهيلهم في مجموعة من الكفايات والمهارات الحياتية والذاتية المطلوبة من طرف المشغلين، وأيضا من خلال تأهيلهم وتمكينهم من اللغات الأجنبية، ناهيك على أن النظام الجديد سيمكن الطالب من حركية دولية ووطنية أكبر، من خلال اعتماد ملحق البكالوريوس الذي سيمكن من مقروئية أكبر لشهادته المحصل عليها على الصعيدين الوطني والدولي".

 

وللتذكير يعتمد المغرب حاليا نظام “LMD” (Licence-Master-Doctorat-إجازة-ماستر – دكتوراه) الذي انطلق العمل به منذ سنة 2003، ويسمح بالحصول على الإجازة في ثلاث سنوات. ومن بين التغييرات التي سيأتي بها نظام البكالوريوس، التخرج بعد أربع سنوات، وتعزيز تعلم اللغات الأجنبية. ورغم ما تتحدث عنه الوزارة الوصية على القطاع من إيجابيات لهذا النظام، إلا أن الجدل يرافقه في اوساط الأساتذة.

 

وفي هذا الإطار، إن السادة الأساتذة ورؤساء الشعب والنقابة الوطنية للتعليم العالي، لهم تخوفات من تكرار التجربة السابقة، أي “بعد مرور 15 أو 20 سنة، يقر الاساتذة بأن الأمر يتعلق بنظام فاشل. ولم يتم لحدود اللحظة العمل على تقييم النظام السابق واعطاء تقرير مفصل ودقيق حول أهم الاخفاقات والثغرات التي تم رصدها بنظام الاجازة-ماستر-دكتوراه.

 

ومن ضمن مساوئ النظام، اعتماده على اللغات الأجنبية التي يعاني أغلب الطلبة من ضعف فيها، وأن “الإصلاح كان لزاما أن يبدأ من مستويات التعليم الثانوي والإعدادي والابتدائي قبل الوصول إلى الجامعة، وليس البدء فيه من الجامعة مع العلم أن مخرجات المراحل السابقة مخرجات ضعيفة".

 

الجميع متفق على أن النظام الحالي بالجامعات المغربية، LMD، أثبت فشله؛ فحسب المعلومات المحصل عليها من الوزارة الوصية، فإن الجامعات المغربية تستقطب 90 بالمائة من التلاميذ المغاربة، 16.5 بالمائة منهم يغادرون الجامعة في سنتهم الأولى، و47 بالمائة يغادرون دون الحصول على أي شهادة. فقط 19 بالمائة من المسجلين في سلك الإجازة يستطيعون الحصول على هذه الشهادة، وفقط 13.3 بالمائة يحصلون عليها في مدة ثلاث سنوات المنصوص عليها قانونيا، فيما معدل عدد السنوات للآخرين هو ما بين 4,5 و5 سنوات.

 

وبهذا الخصوص، فإن “الإحصائيات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط تؤكد أن نسبة 19 بالمئة من حاملي الشهادات العليا يعانون من معضلة البطالة على الصعيد الوطني، وعندما ندقق في الإحصائيات نجد أن غالبية الحاصلين على الشهادات الجامعية الذين يعانون من البطالة هم من حاملي شهادة الإجازة بالمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح".

 

وحسب مخرجات الجامعة المغربية، اعتمادا على التقارير التي تنجزها المؤسسات المختصة كالمندوبية السامية للتخطيط وغيرها، ثبت أنها ضعيفة وأن خريجي الجامعات ليسوا بالكفاءة المطلوبة في سوق الشغل.

 

وتعتبر الوزارة الوصية أن عدم إصلاح النظام الحالي يكلف خزينة الدولة 3.7 مليارات درهم سنويا. في المقابل، يؤكد الخبراء على ضرورة رصد الإمكانيات اللازمة قبل القيام بأي إصلاح، سواء تعلق الأمر بالإمكانيات البشرية أو المادية وحتى اللوجستيكية.

 

في هذا الإطار، قال جمال صباني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي: “كيفما كان الإصلاح، فله تكلفة. لا يكون فقط على الأوراق، بل تلزمه إمكانيات وإرادة سياسية".

 

وأضاف الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، قائلا: “حينما تكون الإرادة لإصلاح شمولي وترصد الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاحه، سيتم الإصلاح".

 

وأكد صباني أن نظام البكالوريوس “إشكاليته هو جزئيته فيما الإشكالية هي أعقد من مجرد إصلاح بيداغوجي، لأنه قمنا بنفس هذا الإصلاح عام 2003 وبنفس المبررات ولكن كما قلناها سابقا، لا يكفي اصلاح بيداغوجي اليوم، يجب أن نقف لنقول المشاكل وتقييم التجربة ككل، وأن يؤدي التقييم إلى حلول جذرية: تغيير المنظومة ككل وإصلاحها وعلاج وضعية العاملين بالمنظومة”، على حد تعبيره.

 

أما فيما يخص المعطيات الحقيقية بشأن تكلفة إرساء نظام البكالوريوس في الجامعات المغربية، غير متوفرة مما يؤكد ان هذا النظام الجديد أو الإصلاح حسب قول الوزارة الوصية يفتقد لاستراتيجية شمولية ومحكمة لأجل انجاحه، وأن النصوص القانونية و المراسيم التنظيمية غير كافية لإنجاح هذا الإصلاح في غياب تام للموارد المالية و البشرية وللكلفة الحقيقية لتنزيله، مع تحديد برنامج عمل بأجندة دقيقة ومخطط مفصل.

 

في حين نجد الوزارة تشتغل في إطار حافظة تنزيل مشاريع القانون 51.17 على إعداد مخطط للتعاقد ما بين الدولة والجامعات، يضم مجموع المشاريع المتعلقة بإصلاح منظومة التربية والتكوين، وليس فقط الجانب المتعلق بالبكالوريوس؛ إذ إن هذا الأخير هو فقط جزء من كل.

 

وحسب مخرجات الجامعة المغربية، اعتمادا على التقارير التي تنجزها المؤسسات المختصة كالمندوبية السامية للتخطيط وغيرها، ثبت أنها ضعيفة وأن خريجي الجامعات ليسوا بالكفاءة المطلوبة في سوق الشغل.

 

وتعتبر الوزارة الوصية أن عدم إصلاح النظام الحالي يكلف خزينة الدولة 3.7 مليارات درهم سنويا. في المقابل، يؤكد الخبراء على ضرورة رصد الإمكانيات اللازمة قبل القيام بأي إصلاح، سواء تعلق الأمر بالإمكانيات البشرية أو المادية وحتى اللوجستيكية.

 

في هذا الإطار، قال جمال صباني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي: “كيفما كان الإصلاح، فله تكلفة. لا يكون فقط على الأوراق، بل تلزمه إمكانيات وإرادة سياسية".

 

وأضاف الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، قائلا: “حينما تكون الإرادة لإصلاح شمولي وترصد الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاحه، سيتم الإصلاح".

 

وأكد صباني أن نظام البكالوريوس “اشكاليته هو جزئيته فيما الإشكالية هي أعقد من مجرد إصلاح بيداغوجي، لأنه قمنا بنفس هذا الإصلاح عام 2003 وبنفس المبررات ولكن كما قلناها سابقا، لا يكفي إصلاح بيداغوجي.

 

وحسب السادة الأساتذة، نحن اليوم نكرر نفس الأخطاء، ننفذ مشروعا سيحكم على أجيال خلال العشرين سنة القادمة دون أن نهيئ له الظروف الحقيقية، مؤكدا أن العملية في رمتها تتوقف على ثلاثة عناصر أساسية، “هناك الطالب والأستاذ والظروف التي يشتغل فيها الطرفان، وهي البنيات التحتية من مدرجات ووسائل التواصل والمادة العلمية والكفايات وما إلى ذلك، وإذا اختل أحد هذه الأطراف، فإن العملية ستكون فاشلة برمتها. كما انه لا بد من اشراك الأساتذة والطلبة في عملية التنزيل وهنا لابد من التأكيد أنه من الضروري ان يشتغل على تنزيل النظام الجديد السادة الأساتذة الذين سيسهرون وسيعملون على تنفيذه لمدة لا تقل عن خمسة عشر سنة، حتى يتمكنوا من وضع عملية التقييم في الوقت المحددة ولا يمكن الاعتماد على أشخاص لن يشتغلوا بهذا النظام ولن يتابعوا جميع مراحله بإيجابباتها وسلبياتها، حتى لا يتكرر سيناريو نظام الإجازة -ماستر -دكتوراه والذي سهر على تنزيله أساتذة لم يشتغلوا به ولم يعيشون مساوئه و اختلالاته.

 

الوزارة تتحدث عن إرساء النظام الجديد بمقاربة تشاركية على أساس أن ينطلق العمل به بشكل تدريجي العام المقبل، وسيتم تعميمه خلال الموسم الدراسي اللاحق، ليستهدف أكثر من 130 ألف طالب.

وأمام إصرار الوزارة على تغيير النظام البيداغوجي، تتحدث النقابات الأكثر تمثيلية بالجامعة على ضرورة إرساء إصلاح شمولي.

 

وقال صباني: “نحن كنقابة كنا دائما نطالب بإصلاح شمولي، لأنه في الستينات والسبعينات والثمانينات خلقنا مؤسسات غير تابعة للجامعة تقدم تكوينات ممهننة وأفرغنا الجامعة من التكوينات الممهننة التي كان لا بد أن تكون فيها، وبالتالي وصلنا إلى ازدواجية في المنظومة". وتابع بأن “الاستمرار بهذه الازدواجية لن يسمح بأي إصلاح، بل يجب حل هذه الإشكالية وأن تصبح لنا جامعة متعددة التخصصات وموحدة المعايير، أي توحيد التعليم وكل المؤسسات غير التابعة للجامعة تصبح تابعة لها".

 

أزمة مركبة يقر البعض بأنها مرتبطة بالمستوى الجامعي، ويعتبر كثيرون أنها تتجاوزه وتنطلق من مرحلة التعليم الابتدائي، لكن يبقى السؤال المطروح هو: هل هناك طموح من أجل إرساء تعليم يرقى إلى مستوى المغرب الذي نريد وإلى أطر الغد مستقبل هذا البلد وعماد المستقبل.

 

- حسن الروخ، أستاذ جامعي