الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: السياسة الواقعية    

عبد السلام المساوي: السياسة الواقعية     عبد السلام المساوي

عندما نقول في العادي من الأيام ان المغرب لا يشبه ما عداه ، وأن هذا البلد بدأ حكاية السلام العادل والشامل بين اسرائيل وبين من يمثل الفلسطينيين منذ سنوات عديدة يقول لنا من يكتشفون التاريخ والجغرافيا على عجل وعلى جهل أيضا : أنتم مهرولون ، وأنتم مطبعون وأنتم خائنون !!! لا نرد عليهم ، لا نرد على من يقول أمورا لا تستحق الرد ، لكن نذكر الجميع أن هذا البلد سبق له أن أقنع السادات وهو رئيس أم الدنيا مصر _ وما أدراك ما مصر _ بأن السلام هو الطريق الوحيد والأوحد للانتهاء من القتل والقتل المتبادل مع اسرائيل .
نذكر الجميع ،  أيضا ، أن هذا البلد سبق في منتصف الثمانينيات ان استقبل شيمون بيريز في قلب افران المغربية قبل اتفاقيات مدريد واوسلو وبقية الاتفاقيات ، وأن امير المؤمنين في المغرب ظل أميرا للمؤمنين المسلمين والمسيحيين واليهود أيضا لأن لدينا مواطنين مغاربة يهودا لا يمكن أن ننسى _ مهما وقع _ أهميتهم في المغرب ككل .
نذكر من يعرف أهمية التاريخ وأهمية الحضارة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أن البلد الوحيد ، الذي يستطيع ان هو أراد ذلك ان يلعب دور السلام الحقيقي بين الجانبين هو المغرب ، ثم نتوقف عن التذكير ونترك لمن يكتشفون _ على العجل وعلى الجهل دائما _ السياسة أن يطالعوا كتب التاريخ وكتب الجغرافيا وكتب الحضارة كلها وأن يتعلموا أشياء عديدة ، وبعدها يمكن أن يتحدثوا في كل المواضيع التي يريدون الحديث فيها وعنها .تبقى الدولة المغربية الدولة الأكثر أهلية بالنظر لمصداقيتها لارتباطاتها الدينية والتاريخيةبالشعبين الفلسطيني والاسرائيلي لاحتضان أي مسلسل تفاوضي يقود إلى حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية . فالمغرب بتاريخه المشرف في الدفاع عن القضايا القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية لن ييأس ملكه ولن يفقد الامل في الدفع بوتيرة التفاوض نحو الامام مهما بلغ منسوب التنمر الذي يتعرض له من لدن دول وجماعات اعتادت على الاتجار بالقضية الفلسطينية دون أن تقدم لها أي شيء .
   لا بد أن رسالة الزيارة التي قام بها هنية للمغرب والتي قال بشأنها ( ان زيارته هذه تأتي برعاية من جلالة الملك وباحتضان من الشعب المغربي العزيز ) ، وأن أمامهم ( مهمات كثيرة سنبحثها بعمق مع أشقائنا في المغرب وبالتأكيد ستكون على طاولة جلالة الملك ) ، واشارته الى أنهم كحركة ينظرون للمغرب كعمق استراتيجي لقضيتهم ، والتهنئة التي أرسلها الملك لرئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد ورد عليها هذا الأخير بالتأكيد على كون المغرب شريكا هاما في المساعي الرامية لدفع السلم والأمن في المنطقة ، ستلتقطها العواصم الأوروبية التي لا زالت تتجاهل قوة ونفوذ الدبلوماسية الملكية ، وستقرؤها القراءة السياسية السليمة ، وستفهم أن المغرب يمارس " السياسة لكبيرة " في ملعب الكبار .
نعم ،هذه الأيام ، وقلبها ، وقبل قبلها ، قدم المغرب درسا ولا أروع مجددا في السياسة الواقعية ، تلك التي لا يعرف عنها حملة الشعارات الا القليل والنزر اليسير لئلا نقول انهم لا يعرفون عنها أي شيء .