الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

عذاب القبر في جحيم "الرحمة" و"الغفران"!!!!

عذاب القبر في جحيم "الرحمة" و"الغفران"!!!! حال مقابر موتانا توحي بـ "عذاب القبر" خارج حفرة الميت وهو حي

من يزور مقبرة "الغفران" أو "الرحمة" بالدار البيضاء لإلقاء الوداع الأخير على عزيز أو قريب، لا يتمنى أن يكون في مكان الميت، ليس لأن إيمانه ضعيف أو لا يدرك أن الموت علينا حق، بل لأنه برى ببساطة "عذاب القبر" خارج حفرة الميت وهو حي.

 

كل ما تصوره لك كتب "عذاب القبر" من جحيم تراه ماثلا أمامك وأنت تسقي قبر المرحوم بماء الورد وتودعه ببكاء حار، وأنت في الحقيقة تبكي على نفسك لما ينتظرك من "عذاب أليم"!!

 

لا أقصد العذاب الإلهي ولكن ما أعنيه هو عذاب البشر والمسؤولين والقائمين على إدارة القبور. مسلسل "العذاب" يبدأ من أول يوم تدفن فيه وتحشر داخل هذه الحفرة. يغطونك بمازافيل أو أي نوع فاخر من "المانطات" المستوردة ويضعون جثتك في سيارة نقل "أموات المسلمين"، في موكب من الدموع والخشوع، يسارعون في إجراءات عملية الدفن، لأن ديننا الحنيف يحثنا على أنّ "إكرام الميت دفنه"، وليس التخلص منه، ونستكثر عليه حتى "المانطة" التي كانت تغطي جثته، ولا نهديها صدقة أو قربانا للمحتاجين وعابري السبيل، ثم نعود أدراجنا لحضور طقوس نحر بقرة ليس في سبيل الله ولكن في سبيل "بطون" المعزين الجائعة، كأن خسارة الميت لا تكفي ولابد من نصب خيمة كبيرة واستئجار شاحنة لتموين الحفلات بطاقم كامل!!

 

 

لنعد إلى بيت القصيد، ومن نقطة البداية: من يزور مقبرتي "الغفران" و"الرحمة" لا ينتظر هناك لا "الرحمة" ولا "المغفرة".. لا ترى في الحقيقة إلا مشاهد رعب وفزع، على عتبة بوابة المقبرة ينتظرك المتسولون وذوو العاهات والوجوه المشوهة وحاملو جرار الفخار وبائعو زجاجات ماء الورد وأصحاب "السلكة". كل شيء جاهز للبيع حتى مقاطع من صدر سورة "يس" تدفع ثمنها، والأدعية. هناك داخل المقبرة "الرحمة" أو "الغفران" الأموات من يدفعون أجور الأحياء، نظام صارم ومجتمع هرمي ومملكة تتغذى من "الأموات" ومن عذابهم!!

 

أول ما يثير الزائر الأفاعي والعقارب والجرذان ودغل الحشائش التي ارتفعت سيقانها. حصة عذاب القبر تبدأ من ليلة التعارف الأولى. القبر الذي يكون حديث النشأة يكون بارز المعالم، لكن بعد أسبوع أو شهر أو سنة ينبغي أن تتوفر على أنف كلب لتعرف مكانه بحاسة الشمّ، ويمكنك توقع جميع السيناريوهات البشعة قبل الوصول إليه، وحضّرْ نفسك للمفاجأة الكبرى!!

 

بعث لي صديق مقيم بفرنسا صورا للمقبرة القريبة من حيه، التقط هذه الصور خلال نزهته اليومية بالمقبرة التي تشبه بساطا أخضر على حوافه أنواع مختلفة من الزهور والمغروسات الملونة، لو لم تكن تلك شواهد قبور بارزة لصدقتُ فعلا بأنها حديقة أو متحف!!

 

 

مقابر أهل الكتاب توهمك بأنها قطعة من الجنة، ومقابر موتى المسلمين تنقل إليك إحساساً مريعاً بأنك في "غرفة انتظارٍ" لشيء نسمع عنه ولا نراه اسمه "الجحيم"!!

 

فمن يجرؤ على أن يقوم بنزهة في مقبرة "الرحمة" أو "الغفران"؟

 

لا يهمّ الاسم أو المدينة، المهم هو محاولة التجربة لتعيش وأنتَ حيّّ يرزق ألم "عذاب القبر" في مكان تنعدم فيه "الرحمة" و"الغفران"!!

 

أليس كذلك يا عبد المجيد؟!