الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: المخيم لن يكون حضريا فقط

عبد الإله حسنين: المخيم لن يكون حضريا فقط عبد الإله حسنين
اجتمع السيد الوزير بالمقربين منه من مدراء ومسؤولين عن المصالح والأقسام التابعة لوزارته التي تسير ثلاث فطاعات هي الثقافة والرياضة والشباب، وبعد مناقشات مطولة غابت عنها قضايا الطفولة التي لا تهم السيد فردوس عفوا السيد الوزير؛ قرر إلغاء المخيمات الصيفية لأطفال المغرب وبالتالي لإلغاء العطلة كحق من حقوق الطفل وكبند من الاتفاقية الدولية التي صادف عليها المغرب ووقع على مختلف بنودها، ودافعت عنها الجمعيات التربوية المنضوية تحت لواء اتحاد المنظمات التربوية المغربية والجمعيات الحقوقية المغربية المهتمة بالموضوع.
وبعد ذلك استدعى الجامعة الوطنية للتخييم التي تمثل مختلف الجمعيات الوطنية والجمعيات المتعددة الفروع المهتمة كليا أو جزئيا بالمنظومة التخييمية والجمعيات المحلية التابعة في معظمها للمنتخبين بالجماعات الترابية، ولم يستدعي اتحاد المنظمات التربوية المغربية المهتم ببلورة السياسات العمومية التي لها علاقة بمجالات التنشيط والترفية والتخييم بالنسبة للطفولة والشباب؛ وقرر إلغاء مخيمات الأطفال تحت تزكية الجامعة الوطنية للتخييم التي لم تكن قادرة على الصمود والتحدي لأنها تعتبر في أعين الجميع كملحقة للوزارة الوصية على القطاع رغم أن الوزير المسؤول على القطاع لا يعتبر الجامعة كمكون رئيسي في تنظيم العملية التخييمية.
وبعد أيام قلائل كانت فيها الجمعيات التربوية تعقد مجالسها الوطنية لمناقشة الموضوع باهتمام بالغ وتناقش البدائل الممكنة لتنظيم الصيف المقبل لأطفال منخرطون في الجمعيات ولا يمكن للوزارة توفير مخيمات أو عطلة لهم؛ طلع علينا الوزير الفردوس ومرة أخرى بتزكية من الجامعة الوطنية للتخييم ورئيسها بقرار جديد يعلن فيه تنظيم المخيمات للصيف المقبل ففرحنا كثيرا للقرار حتى كنا سنعلن عن عقد مجالس وطنية استثنائية خاصة بالموضوع، إلا أنه قرار ملغوم فهو يهم فقط المخيمات الحضرية بدون مبيت وبدون نقل.
ورجعنا إلى أنفسنا وقلنا أن مصلحة الطفولة هي فوق كل الاعتبارات وعلينا المساهمة في ذلك مهما كانت الظروف رغم أن المخيمات الحضرية بالمعنى المتعارف عليه هي محدودة في المكان والزمان وعددها لا يمكن أن يلبي الرغبات والأعداد المطلوبة على الصعيد الوطني وبالتالي وحتى لو حولنا المخيمات القارة إلى مخيمات حضرية فمن سيؤذي النقل من منازل الأطفال إلى المخيمات القارة كما هو متعارف عليه، كما أن هناك عدد كبير من المدن والقرى التي لا تتوفر على مخيمات لا قارة ولا حضرية وبالتالي كانت فروع جمعياتنا توفر للأطفال مختلف الظروف لإيصالهم للمخيمات التي تنظمها لهم بشراكة مع الوزارة الوصية.
كما أن المرحلة هي مرحلة للانتخابات في عرف الحكومة وليست للتخييم لذلك هو قرار ملغوم لن يستفيد منه أطفال المغرب لأنهم أساسا محرومون من التخييم بحكم الأعداد والمراكز والسياسات العمومية البعيدة كل البعد عن توفير احتياجات الأطفال ورغباتهم التي تتزايد يوما عن يوم ولا تعي الدولة أي اهتمام بها. كما أن التخييم كحق لأطفال المغرب وليس امتيازا هو بعيد كل البعد عن التحقيق فالأطفال الذين هم في سن التخييم اليوم لن يستفيد منهم الكثير وبالتالي نكون قد أخلفنا الموعد مع مطالبنا في حقوق الطفل في التخييم والترفيه والعطلة.
ليس لدي الجواب الموضوعي والواقعي لأنني لست صاحب القرار بل أنتظر من السيد الوزير أن يتخلى عن قراراته العشوائية وأن ينظر إلى المستقبل بعيون الأطفال وليس بعيون الماضي؛ لأن الأطفال هم الذين يشكلون السواد الأعظم من أبناء وطننا، إنهم يشكلون الأغلبية على صعيد المدن والقرى، وهكذا تمثل فئة الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الخامسة عشرة خمسي عدد السكان الإجمالي، ويقع على عاتق هذه الفئة ضمان استمرارية وتجديد المجتمع المغربي، كما يجعل منها سنها أي الخامسة عشرة شريحة سكانية حساسة ومعرضة للكثير من المخاطر، وهي شريحة متكفل بها في غالب الأحيان بحكم عدم دخولها في الفئة النشيطة بتعبير الاقتصاديين. لذلك وبغض النظر عن المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها أغلب هؤلاء الأطفال وعائلاتهم يجب الاعتراف بأن لهم حاجيات وحقوق سواء على الصعيد المحلي والوسط العائلي أو على الصعيد الوطني، حاجيات تتزايد وتكبر يوما عن يوم. إنهم في حاجة إلى التثقيف والترفيه والبيئة السليمة، إنهم في حاجة إلى الحدائق للعب وإلى المركبات للرياضة وإلى مؤسسات دور الشباب للأنشطة وإلى الفضاءات التربوية والتخييمية للاستجمام والعطلة.
فهل نصفق للحق في العطلة والتخييم أم نصفق للسيد الوزير؟