الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

مصطفى تاج: اتجاهات الشباب المغربي نحو المشاركة السياسية في أفق الانتخابية المقبلة

مصطفى تاج: اتجاهات الشباب المغربي نحو المشاركة السياسية في أفق الانتخابية المقبلة مصطفى تاج

يقترب المغرب من تنظيم استحقاقاته الانتخابية التشريعية الخامسة والجماعية الرابعة في عهد الملك محمد السادس المزمع تنظيمها يوم 8 شتنبر 2021، أمام شبح العزوف الذي طبع مختلف الاستحقاقات السابقة خصوصا في فئة الشباب الذي يشكل عصب المجتمع وصمام أمانه، والذي يتطلب منا التعرض له بالدراسة والتحليل، خصوصا وأن الدستور الحالي ينص على ترسانة من المقتضيات الجديدة التي تفتح الباب للمشاركة الواسعة لكل المغاربة الذين يتمتعون بالأهلية الانتخابية، وخصوصا منهم فئة الشباب التي تمثل النسبة الأكبر وسط الشرائح العمرية المكونة للمجتمع.

من هذا المنطلق حرصنا على إعداد هذه الدراسة التي تبغي تسليط الضوء على اتجاهات الشباب نحو العمل الحزبي والمشاركة السياسية بصفة عامة.

وقد اخترنا لإنجاز هذا البحث الاستعانة بتقنية الاستبيان عن قناعة تامة بأنها من أفضل وأشهر أدوات الدراسة المستخدمة في جمع المعلومات الميدانية الأولية للبحث العلمي، حيث أن الباحث هو من يقوم بتصميمها وصياغة الأسئلة بما يلائم موضوع البحث العلمي وتنسيقها، وقد حاولنا ما أمكننا توضيح الهدف من القيام بهذا الاستبيان لدى فئة الشباب المستهدفة لتعبئته إن على مستوى الاتصال المباشر أو عن طريق التوصية.

إن اختيارنا لهذه التقنية نابع كذلك لكون لغته مفهومة وواضحة بأسلوب يجذب الأشخاص، بالإضافة إلى أن صيغته المختصرة لا تصيب أشخاص الفئة المستهدفة بالملل أثناء الإجابة عن الأسئلة، سيما أننا حاولنا ما أمكن أن نتجنب الأسئلة المقعدة والأسئلة التي تحتمل الكثير من الإجابات.

وقد اختلفت حدة جذب الأسئلة للمشاركات والمشاركين من الشباب في الاستبيان، فرغم أن مجموع الشباب المشاركين ما بين 18 و40 سنة وصل إلى 1516 مشارك ومشاركة، إلا أن التفاعلات مع الأسئلة تنوعت بين إقبال كبير جدا وإقبال كبير.

 

أولا: خصائص المجتمع المدروس:

 

فيما يخص السن: (1496 تفاعل)

 

 

ف 586 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 30 و40 سنة، أي بنسبة 39.2 بالمئة من مجموع المشاركين. فيما 536 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة أي بنسبة 35.8، و374 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 25 و30 بنسبة 25 بالمئة.

 

فيما يخص مجال السكن: (1497 تفاعل)

 

 

 

1189 مشاركا ينتمون إلى مجالات حضرية بنسبة 79.4 بالمئة، فيما 308 ينتمون إلى مجالات قروية بنسبة 20.6 بالمئة.

 

فيما يخص المستوى الدراسي: (1501 تفاعل)

 

1149 من المشاركين ذوو مستويات تعليمية جامعية بنسبة 76.5 بالمئة. فيما 182 منهم ذوو مستوى ثانوي بنسبة 12.1 بالمئة، و97 خضعوا لتكوين مهني بنسبة 6.5 بالمئة، و62 ذوو مستوى إعدادي بنسبة 4.1 بالمئة، و11 منهم ذوو مستوى تعليمي ابتدائي بنسبة 0.7 بالمئة.

 

فيما يخص مجال الاشتغال: (1502 تفاعل)

 

474 من المشاركين مازالوا يدرسون بنسبة 31.6 بالمئة، و333 يشتغلون في القطاع العام بنسبة 22.2 بالمئة، و279 يشتغلون في القطاع الخاص بنسبة 18.6 بالمئة، و211 لا يزاولون أية مهنة بنسبة 14 بالمئة وهذا رقم خطير سنتعرض له بالتحليل في الخلاصات أسفله، و149 يزاولون مهنا حرة بنسبة 9.9 بالمئة، فيما 56 منهم يشتغلون في القطاع غير المهيكل بنسبة 3.7 بالمئة.

 

ثانيا: اتجاهات الشباب المغربي نحو المشاركة السياسية والعوامل المؤسسة لها:

الشباب والسياسة؟ (1501 تفاعل)

 

في معرض الجواب عن سؤال هل يمارس المشاركات والمشاركون في هذا الاستبيان السياسة، تم التوصل إلى أن:

680 منهم لا يمارسون السياسة، ولكنهم مهتمون بها أو متتبعون للشأن السياسي، بنسبة 45.3 بالمئة. فيما 423 أجابوا بأنهم لا يمارسونها بتاتا بنسبة 28.2 بالمئة، و398 أكدوا ممارستهم للسياسة بنسبة 26.5 بالمئة.

 

الشباب والانتماء الحزبي: (1500 تفاعل)

 

1040 من المستجوبين أكدوا عدم انتمائهم الحزبي، بنسبة 69.3 بالمئة، فيما 460 أكدوا انتمائهم لأحد الأحزاب السياسية المغربية، بنسبة 30.7 بالمئة.

 

أسباب العزوف عن الانتماء الحزبي: (1043 تفاعلا)

 

462 من الذين عبروا عن عدم انتمائهم الحزبي أرجعوا ذلك لعدم ثقتهم في الأحزاب، بنسبة 44.7 بالمئة، فيما 222 عزوا ذلك لعدم اهتمامهم أصلا بالسياسة بصفة عامة بنسبة 21.5 بالمئة، و219 برروا عدم انتمائهم الحزبي إلى عدم إيجادهم الحزب الذي يناسبهم بنسبة 21.2 بالمئة، و131 منهم عزوا عدم انتمائهم الحزبي لانعدام الوقت لديهم للانتماء الحزبي بنسبة 12.7 بالمئة.

 

هل يتعاطف الشباب المغربي مع الأحزاب القائمة؟ (1363 تفاعلا)

 

864 من المشاركين أجابوا بأن لا تعاطف لهم مع أي حزب، بنسبة 63.4 بالمئة، فيما 499 منهم أعلنوا عن تعاطفهم مع أحد الأحزاب، بنسبة 36.6 بالمئة.

 

احتياجات الشباب المغربي اليوم: (1431 تفاعلا)

 

511 من المستجوبين عبروا عن حاجتهم الأولية لتوجيه ودعم قصد إنشاء مقاولة خاصة بهم، بنسبة 35.7 بالمئة، و450 يحتاجون لمتابعة الدراسة أولا، بنسبة 31.4 بالمئة، فيما 422 عبروا عن حاجتهم الأولية لفرصة عمل في الوظيفة العمومية، بنسبة 29.5 بالمئة، و48 عبروا عن حاجتهم الأولية لفرصة عمل في القطاع الخاص، بنسبة 3.4 بالمئة.

 

الشباب المغربي بين فرصة العيش بكرامة في المغرب أو الهجرة إلى الخارج: (1497 تفاعل)

 

1147 من المستجوبين اختاروا فرصة العيش في المغرب العيش بكرامة بنسبة 76.6 بالمئة، في مقابل 350 منهم اختاروا الهجرة إلى الخارج بنسبة 23.4 بالمئة.

 

الشباب المغربي والإصلاحات المنتظرة من الحكومة: (1485 تفاعلا)

 

580 من المشاركين أعطوا الأولوية للإصلاح الاجتماعي، بنسبة 39.1 بالمئة، فيما 422 منهم أعطوا الأولوية لإصلاح اقتصادي، بنسبة 28.4 بالمئة، و356 أعطوا أولوية للإصلاح السياسي، بنسبة 24 بالمئة، و127 أعطوا الأولوية للإصلاح الثقافي، بنسبة 8.6 بالمئة.

 

الشباب المغربي ومستوى الرضا على مسار التنمية الذي تعرفه بلادنا: (1493 تفاعل)

 

اعتبر 606 من المستجوبين بأنهم غير راضون عن هذا المسار، بنسبة 40.6 بالمئة، و421 منهم عبروا عن رضاهم مع تسجيل ملاحظات حول هذا المسار، بنسبة 28.2 بالمئة، و418 عبروا عن أنهم غير راضون بشدة عن هذا المسار، بنسبة 28 بالمئة، فيما 45 عبروا عن رضاهم الكبير بهذا المسار، بنسبة 3 بالمئة.

 

الشباب المغربي والقطاع الحكومي الذي يجب أن يحظى بأولوية الإصلاح: (1498 تفاعلا)

 

922 من المستجوبين اختاروا التعليم كأولى القطاعات التي يجب أن تخضع للإصلاح، بنسبة 61.5 بالمئة، و226 اختاروا قطاع الصحة، بنسبة 15.1 بالمئة، و200 اختاروا التشغيل كأولى القطاعات التي يجب أن تخضع للإصلاح، بنسبة 13.4 بالمئة، فيما 64 اختاروا قطاع الاقتصاد، بنسبة 4.3 بالمئة، و52 اختاروا قطاع البحث العلمي، بنسبة 3.5 بالمئة، و12 من المستجوبين اختاروا قطاع السكن، بنسبة 0.8 بالمئة، ونفس العدد والنسبة اختاروا محو الأمية كقطاع يجب أن يحظى بأولوية الإصلاح، فيما 10 من المستجوبين اختاروا قطاع الثقافة كأولى القطاعات الحكومية التي يجب أن تخضع للإصلاح، بنسبة 0.7 بالمئة.

 

كيف سيساهم الشباب المغربي في إصلاح أحوال البلد؟ (1437 تفاعلا)

 

642 من المستجوبين يقترحون المساهمة في إصلاح أحوال البلد عن طريق العمل الجمعوي والانخراط في المجتمع المدني، بنسبة 44.7 بالمئة، و497 منهم يقترحون إصلاح البلد عن طريق الانخراط الحزبي والفعل السياسي، بنسبة 34.6 بالمئة، و180 منهم يعتبرون بأن طريق الإصلاح يتم عبر الاحتجاج ودينامية الشارع، بنسبة 12.5 بالمئة، و74 يرون بأن مساهمتهم نحو الإصلاح لن تتجاوز الترقب والانتظار، بنسبة 5.1 بالمئة، فيما 43 منهم يقترحون المساهمة في الإصلاح عن طريق التدوين في الوسائط الاجتماعية، بنسبة 3 بالمئة.

 

الشباب المغربي والاستحقاقات الانتخابية المقبلة: (1483 تفاعل)

 

في معرض جوابهم عن سؤال هل ستشكل الانتخابات القادمة تغييرا نحو تحقيق التنمية، أجاب 996 بلا، بنسبة 67.2 بالمئة، فيما أجاب 487 بنعم، بنسبة 32.8 بالمئة.

 

جانب من تعليلات المشاركين والمشاركات:

 

 

ثالثا: خلاصات:

  • 14 بالمئة من المجتمع المدروس لا يشتغل ولا يدرس، وهذا مؤشر خطير يذكر بالدراسات التي سبق أن تم إنجازها وتوصلت إلى أن مئات الآلاف من الشباب بين سن الثامنة عشرة والخامسة والعشرين لا يدرسون ولا يعملون، مما يطرح السؤال حول أدوار هذه الفئة الشبابية داخل المجتمع، ولماذا لم توفر لها السياسات العمومية المتعاقبة مجالات لمتابعة الدراسة غير النظامية أو التكوين المهني أو تشجيعها على العمل الحر... إنها فئة واسعة من الشباب المغربي تدخل ضمن خانة غير المفكر فيهم داخل المجتمع.
  • ربع المجتمع المدروس أعلن عن ممارسته للسياسة، فيما ربع أخر وزيادة عبر عن اهتمامه وتتبعه للشؤون السياسية، مما يبين بأن قرابة 54.7 بالمئة من الشباب يمارس السياسة بطريقة أو بأخرى، يمارسها بشكل مباشر أو بطرق غير مباشرة.
  • 30.7 بالمئة فقط من الشباب المدروس من أعلنوا انتمائهم لإحدى الهيئات الحزبية المغربية، وهو رقم مهم مقارنة مع ما هو معروف ومتداول، إلا أن هذا المعطى يطرح السؤال حول قرابة ال 70 بالمئة المتبقية، لماذا ابتعدت عن الانتماء الحزبي؟ وما هي الأسباب التي جعلت 34 حزبا الموجودة تعجز عن استقطابها؟
  • 44.7 بالمئة من الشباب المغربي لا يثق في الأحزاب، و63.4 منهم لا يتعاطفون مع أي من الأحزاب القائمة، مما يستدعي من الأخيرة تجويد عملها وإبداع آليات تواصلية وتنظيمية تعيد الثقة لهم، فمسألة انعدام الثقة في الأحزاب المتواجدة هي لوحدها كافية لتمديد مساحات العزوف والابتعاد عن أداء الواجب الانتخابي الوطني.
  • إن أولى أولويات الشباب المغربي اليوم هو التوجيه والدعم من طرف الدولة ومؤسساتها من أجل إنشاء مقاولات خاصة بهم، يليها توفير نظام تعليمي جيد يساعدهم على متابعة الدراسة، فيما 29.5 بالمئة عبروا عن حاجتهم لفرصة عمل في الوظيفة العمومية.
  • 3.4 بالمئة فقط من العينة المدروسة من عبرت عن حاجتها لفرصة عمل في القطاع الخاص، مما يعكس عدم ثقة الشباب المغربي في هذا القطاع، ويجعله من آخر أولوياته.
  • أزيد من ثلاثة أرباع الشباب المغربي اختاروا العيش بكرامة في الوطن على الهجرة إلى الخارج، مما يسلط الضوء على عامل الاستقرار والعمل بكرامة كعامل وشرط مهم من أجل ضمان عدم هجرة الأدمغة الشبابية إلى الخارج وبقائها في بلدها وخدمته من الداخل.
  • 39.1 بالمئة من الشباب المغربي يعتبر بأن أولى الإصلاحات التي ينتظرها من الحكومة هي الإصلاحات على مستوى القطاعات الاجتماعية (التعليم، التشغيل، الصحة، السكن...).
  • قرابة ثلثي الشباب المغربي عبر عن عدم رضاه عن مسار التنمية الذي تعرفه بلادنا، وهذا يتماشى مع الإرادة الملكية والمجتمعية في ضرورة إرساء نموذج تنموي جديد يأخذ بعين الاعتبار أولويات الشرائح المجتمعية وخصوصا شريحة الشباب منهم.
  • 61.5 بالمئة من الشباب المغربي تعتبر بأن التعليم هو أهم ورش يجب أن يخضع للإصلاح ببلادنا.
  • الشباب المغربي مستعد للمساهمة في إصلاح أحوال بلده، بالأولوية عن طريق العمل الجمعوي والانخراط في ديناميات المجتمع المدني (44.7 بالمئة)، ثم عن طريق الانخراط الحزبي والفعل السياسي من داخل الأحزاب السياسية (34.6 بالمئة).
  • قرابة ثلثي الشباب المغربي لديهم اتجاهات وتخمينات سلبية نحو الانتخابات المقبلة، ويعتبرون بأنها لن تشكل تغييرا نحو تحقيق التنمية المنشودة، وهذا مؤشر خطير، يستدعي من الدولة ومؤسساتها والأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني وجميع الضمائر الحية بالبلد استثمار المدة الوجيزة الفاصلة بيننا وبين الانتخابات في إكساب الشباب الثقة والحرص على الطمأنة وبعث نوافذ الأمل في المستقبل وفق استراتيجية تعطي للعملية الانتخابية دورها الحقيقي في التغيير والتداول على السلطة وإحقاق الديمقراطية، إذ لا تنمية حقيقية بدون ديمقراطية حقيقية.
مصطفى تاج، طالب باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون العام والعلوم السياسية
                 جامعة محمد الخامس                  
 كلية الحقوق سلا