الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

محكمة تقضي ببطلان إنذار قضائي باللغة العربية

محكمة تقضي ببطلان إنذار قضائي باللغة العربية إنذار قضائي باللغة العربية موجه لأجنبية يثير جدلا
في سابقة مثيرة، قضت محكمة الاستئناف بالرباط ببطلان إنذار وُجّه باللغة العربية لأجنبية تقيم بالمغرب من غير الناطقين باللغة العربية في إحدى قضايا الكراء.
القرار الذي نشرته المفكرة القانونية يُعيد إلى الواجهة إشكالية ولوج الأجانب غير الناطقين باللغة العربية إلى العدالة، والتي سبق لعدة مؤسسات وطنية ومنظمات غير حكومية إثارتها.
وحسب فصول القضية فقد تقدمت المدعية بمقال إلى المحكمة الابتدائية بالرباط، تعرض فيه بأنها وجهت إلى المدعى عليها (الفرنسية) إنذارا يهدف لإفراغها من المحل السكني الذي تستأجره منها، من أجل الهدم وإعادة البناء. إلا أن هذا الإنذار بقي بدون جواب من طرف المدعى عليها، والتمست من المحكمة الاستجابة إلى الطلب والحكم بإفراغ المدعى عليها من المحل السّكني تحت طائلة غرامة تهديدية.
وأدلتْ المدعى عليها بمذكرة جوابية نازعت من خلالها في صحّة الإنذار بالإفراغ الموجّه إليها، لكونه وجّه إليها باللغة العربية. والحال أنها أجنبية لا تتكلّم هذه اللغة، مما يجعلها في حكم الشخص “الأمّي” بالنسبة للغة التي حُرّر بها الإنذار، ملتمسة بطلان الإنذار بالإفراغ، والحكم تبعا لذلك برفض الطلب.
واستجابتْ المحكمة الابتدائية إلى طلب المدعية وقضت بتصحيح الإشعار بالإفراغ المبلغ إلى المدعى عليها والحكم تبعا لذلك بإفراغها من المحل السكني.
استأنفتْ المدعى عليها الحكم الابتدائي. وقضت محكمة الاستئناف بالرباط بإلغاء الحكم الابتدائي معتمدة على العلل التالية:
• الثابت من بطاقة الإقامة الموجودة في الملف أن المدعى عليها أجنبية وهي فرنسية الجنسية؛
• تحرير الإنذار بالإفراغ باللغة العربية رغم أن المستأجرة أجنبية يجعله غير منتج لأي أثر في مواجهة المدعى عليها؛
• الدفع بالأمية بخصوص لغة تحرير الإنذار قائم على أساس أن “الأمي” هو الشخص الذي لا يحسن القراءة والكتابة باللغة التي حرر بها الإنذار؛
• المحكمة الابتدائية لما أجابت عن الدفع بالأمية بأن المدعى عليها لم تثبت جهلها باللغة العربية تكون قد قلبت عبء الاثبات وألزمتها بإثبات خلاف الأصل الذي هو جهلها باللغة العربية، طالما أنها فرنسية الجنسية، والحال أن المدعي هو من يقع عليه إثبات علم المدعى عليها باللغة العربية.
موقف المحكمة
اعتمادا على العلل سالفة الذكر، خلصت المحكمة لبطلان الإنذار الموجه الى المدعى عليها، لكونه حرر باللغة العربية رغم أن المستأجرة المدعى عليها أجنبية لا تحسن القراءة والكتابة باللغة العربية. وعليه قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به، والحكم بعدم قبول دعوى الافراغ، وتحميل المستأنف عليها الصائر.
ملاحظات على القرار
يعبر هذا الحكم القضائي الذي تنشره المفكرة القانونية عن توجه جديد في قضايا الإيجارات التي تهم الأجانب بالمغرب. ففي الوقت الذي صدرت فيه عدة أحكام قضائية متواترة تكرّس ضرورة استعمال اللغتين العربية والأمازيغية في الإدارات العمومية وفي مجال التقاضي بوصفهما لغتين دستوريتين، عوضا عن استعمال اللغة الفرنسية، جاء قرار محكمة الاستئناف بالرباط ليلزم الملاك بضرورة توجيه الإنذارات بالإفراغ باللغة التي يفهمها المستأجرون، وغالبا ما تكون هي اللغة الفرنسية والتي تستعمل في تحرير عقود الإيجارات.
استندت المحكمة على تعريف واسع لمفهوم الشخص “الأمي”، بحيث لا يعني فقط الشخص الذي يجهل القراءة والكتابة، وإنما أيضا الشخص الذي يجهل اللغة التي حرر بها العقد. وقد عمدت المحكمة على اعتماد هذا المفهوم الوارد في الفصل 427 من قانون الالتزامات والعقود المتعلق بالمحررات العرفية بحسب ما كرسه الاجتهاد القضائي لتطبيقه أيضا على مجال الإنذارات الموجهة إلى المستأجرين من طرف ملاك العقارات.
من المأمول أن يشجع هذا الاجتهاد القضائي الحديث على تكريس حقّ الأجانب في الولوج الى القضاء للمطالبة بإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبالأخص للفئات المهمشة وكذا لغير الناطقين باللغة العربية، في ظل توالي صدور تقارير رسمية وطنية ودولية وأخرى غير حكومية تؤكد العقبات التي تواجه هذه الفئات أمام المحاكم ومن بينها عائق اللغة وتعيين مترجم والحصول على المساعدة القانونية.