السبت 18 مايو 2024
مجتمع

صافي الدين البدالي: التعليم الخصوصي تحول إلى ريع مالي يقهر الآباء ويضرب الهوية الوطنية

 
 
صافي الدين البدالي: التعليم الخصوصي تحول إلى ريع مالي يقهر الآباء ويضرب الهوية الوطنية

كثيرة هي الاحتجاجات التي ينظمها أولياء تلاميذ مدارس التعليم الخصوصي وينددون فيها بقرارات هذه المؤسسات، التي استغلت التسيب الذي يعرفه القطاع لتفرض شروطها وجشعها، وتركب الريع الذي أتيح لها من أجل ممارسات تجارية محضة، بعيدا عن الأهداف التربوية. في هذا الاطار توصل موقع "أنفاس بريس" من الناشط الحقوقي والسياسي صافي الدين البدالي بقراءة في الموضوع عبر هذه الورقة:

"في الدول المتقدمة يلعب التعليم الخصوصي دورا رياديا على مستوى الهوية الوطنية والثقافية وعلى مستوى التأطير والتكوين والتأهيل المهني والبحث العلمي. ويعتبر مساعدا وداعما للتعليم العمومي في انسجام تام على مستوى الرفع من جودته وعلى مستوى انخراطه في التنمية البشرية في أبعادها الوطنية وبالتزامه بواجباته المادية وبتكريسه مبدأ المساواة.

لكن التعليم الخصوصي في بلادنا جاء ليقهر الآباء ويكرس التبعية الثقافية ويضرب في العمق الهوية الوطنية والقيم الإنسانية ويحول العملية التربوية إلى ريع مالي باستغلال الانسحاب الممنهج للدولة من التزاماتها المبدئية التعليمية والتربوية والثقافية منذ السبعينات، حيث بداية طرد التلاميذ المكررين من المدرسة العمومية وتهميش المؤسسات التعليمية وإقصاء رجل التعليم من المشاركة الإيجابية في بناء المناهج التعليمية. مما جعل الآباء مكرهين يلجئون إلى التعليم الخصوصي الذي يفرض عليهم إرادته التي تتجلى في مناهج أجنبية باهظة الثمن، وفي رسومات التسجيل التي تتجاوز إمكانية الآباء.

هذا وإن الدولة أصبحت توفر لهذا القطاع التغطية المعنوية وكل التسهيلات في اقتناء الأراضي وفي كيفية النقل المدرسي الذي لا يستجيب للشروط التربوية والصحية وفي طريقة تشغيل الأساتذة. وقد أصبحت هذه التجاوزات حقا مكتسبا لأرباب هذا القطاع، في حين أنه ريع مالي و امتياز لا مشروط.

إننا امام لوبي جديد ينضاف إلى لوبيات الفساد ونهب المال العام وجيوب المواطنين والتهرب من الضرائب ومن الالتزامات التربوية والبيداغوجية ومن المحاسبة والمساءلة، مما جعل الآباء يواجهون بطش هذا القطاع في غياب إرادة واضحة وصادقة من طرف الدولة من أجل حماية الطفل وأبيه وحماية الهوية الوطنية والثقافية".