المرأة التي هي الأم والأخت والجدة والعمة والخالة...والزوجة والابنة والحب والسعادة والهناء والتوازن العاطفي، ليست فقط نصف المجتمع، بل هي أساس المجتمع، هي التي تلد وترضع وتربي الأجيال، هي التي تشع الاستقرار في روحها، في وجودها، وفي قيمها الأخلاقية.
والسؤال المحير : إلى أي حد استطاع المجتمع العربي إنصاف هذا المخلوق الجميل الذي وهبه الله، كل الصفات والإمكانات التي تسعد عباده من الذكور...؟
في العهود الغابرة قبل الإسلام، لم يكن للمرأة العربية في جزيرة العرب ولا في المناطق الأخرى بالشرق الأوسط أي وضع قانوني يذكر، كانت النساء تباع في الأسواق عن طريق أولى أمورهن، وكان الزواج قائم على الإرادة المنفردة للزوج، ولم يكن للمرأة حق في الملكية أو الإرث أو العمل الحر...وهو ما يعني أن المرأة في تلك العهود كانت في وضع مروع، كانت جزء من ممتلكات الرجل، إذا توفي ورثها أبناؤه من بعده.
ويمكن القول، أنه رغم الإصلاحات التي عرفتها وضعية المرأة العربية بفضل الإسلام وفقا للنصوص القرآنية، خاصة في الزواج والطلاق والإرث والتعليم، كما في تحريم وأد البنات، والانتساب إلى الأم، أو ما يعرف بالطوطمية، فإن وضعيتها في المجتمع العربي ما زالت بئيسة ومروعة ومؤلمة، في جهات عديدة من الخريطة العربية.
نعم، إنها بعد 1400سنة من إعلان الإسلام لحقوقها التي لا تقل قيمة عن حقوق الرجل، مازالت تعاني من الظلم والعنف ومن سوء المعاملة ومن هضم الحقوق ومن عدم تقدير مكانتها الإنسانية التي يجب أن تكون مقدسة.
إنها في القرن الواحد والعشرين مازالت تعاني من أشكال التمييز والعنف / تعاني من التحرش الجنسي العلني/ تعاني من تراجع الحريات ضدها / تعاني في بعض الجهاد من حرمانها من أبسط الحقوق الإنسانية.
نعم المؤسسات الحقوقية في العالم العربي، في الزمن الراهن، تطالب بإعطاء الاهتمام اللازم والضروري للمرأة، الدساتير تطالب بمساواتها بالرجل، الحكومات تطالب بالاستفادة من قدراتها...ولكن المجتمع الحالي ورغم التقدم الحضاري في كل المجالات، مازال ينظر إليها من الخلف، مازال يعاكسها في الشوارع، ويصمت على اغتصابها في المتاهات ويعاملها بالقيم الجنسية، كما لو أنها خلقت فقط لذلك.
والسؤال : متى سنظل نفكر بقيم ونعيش بأخرى.
أفلا تنظرون...؟