الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

خمري: الأمن في المغرب أضحى مرفقا حديثا عصريا بمقاربة حقوقية

خمري: الأمن في المغرب أضحى مرفقا حديثا عصريا بمقاربة حقوقية سعيد خمري، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية
عرف القطاع الأمني في العقدين الأخيرين تطورا ملحوظا وتقدما بينا في ما يخص تقديم الخدمات الأمنية وتقديم الحق في الأمن للمواطنين، أبان هذا المرفق كذلك عن ريادة ملحوظة معترف بها دوليا في ما يخص مكافحة الجريمة المنظمة وكذلك جرائم الإرهاب. وهناك العديد من التقارير الدولية التي تشيد بالجهاز الأمني في المغرب. صحيح أنه كباقي المرافق الأخرى، يمكن أن تعتريه بعض الاختلالات أو بعض النواقص، وهذه مسألة طبيعية مرتبطة بطبيعة الإنسان، إلا أنه يجب أن نسجل بأن الأمن في المغرب أضحى مرفقا حديثا عصريا يقوم على مقومات الهدف منها تحقيق الأمن بمقاربة حقوقية تسعى لاحترام الإنسان في أبعادها المختلفة.
لاحظنا كيف أن المرفق الأمني تدعمت بنياته بشرطة القرب وتحقيق تغطية أمنية على الصعيد الوطني، رغم أن الحاجة ملحة لبذل مجهود أكبر لتعميم هذه التغطية التي يباشرها طاقم بشري مكون من حوالي 74 ألف عنصر موظف أمني، من بينهم ما يقارب 5 آلاف عنصر نسوي، لها من الكفاءة ما يمكن لها السهر على حماية النظام العام.
مع هذا التطور البنيوي والبشري، لاحظنا تطورا على صعيد الحكامة الأمنية من حيث التسيير والتدبير توازيه مقاربة تواصلية وهناك انفتاح ملحوظ للمرفق الأمني على محيطه، من خلال البلاغات واستثمار منصات التواصل الاجتماعي.
إن القرارات التأديبية المتخذة من القوة العمومية في حق المنتسبين إليها من أمنيين ودركيين وقوات مساعدة وجنود، تدخل في إطار تخليق المرفق الأمني بصفة عامة وفي إطار إعمال مبادئ الحكامة الأمنية. ولا ننسى أن دستور فاتح يوليوز 2011 يؤكد على إعمال مقتضيات الحكامة الجيدة للمرافق العمومية، والأمن في صلب المرافق العمومية. هذه المقتضيات الدستورية التي تؤكد على المساواة بين الجميع في الامتثال للقانون وحق الجميع في الولوج لخدمات المرافق العمومية والإنصاف في تغطية التراب الوطني والاستمرارية في أداء الخدمات وعلى خضوع هذه المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والنزاهة والمحاسبة والمسؤولية وتحقيق المصلحة العامة، وخضوعها في تسييرها لمبادئ الديمقراطية التي يقرها الدستور..
إن أي تقييم موضوعي لأي عمل يقوم به المرفق الأمني يقتضي الوقوف بموضوعية وبصدقية أكبر على الأعمال الصادرة عن هذا المرفق الحيوي والحساس. صحيح قد تكون هناك اختلالات لكنها ليست بنيوية وإنما حالات معزولة، وكل تصحيح لها، هو مؤشر على نبل الرسالة الأمنية، في السنتين الأخيرتين لاحظنا المجهود الجبار الذي يقوم به هذا المرفق الأمني في ظل جائحة كورونا، وفي ظل إعمال القانون، وفرض احترام التدابير الاحترازية في ظل جائحة كورونا، وحماية الأفراد والمؤسسات، وهذا لا يمكن إلا أن نحييه. لكن نعتقد بكل تقدير أن هناك حاجة لمزيد من تطوير هذا المرفق بما يتجه نحو تدعيمه بموارد أكبر وبإدارات أكبر، وبوسائل لوجيستيكية وتقنية ورقمية ومادية أكبر حتى يعمل العاملون في ظروف جيدة وحسنة، يحافظون على النظام العام ويحترمون حقوق المواطنين. لا ننسى أن المسألة الأمنية لم تعد محط اهتمام فقط قي المغرب، والدول التي هي في طور  البناء الديمقراطي، بل في الدول العتيقة ديمقراطيا، فرنسا وأمريكا، بخصوص عدم التعسف في استعمال القوة العمومية واحترام حقوق الإنسان.