الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

الباحث عبد السلام العثماني ينال الدكتوراه في موضع "النوع الاجتماعي والتحديث...."

الباحث عبد السلام العثماني ينال الدكتوراه في موضع "النوع الاجتماعي والتحديث...." الباحث عبد السلام العثماني
نوقشت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان أطروحة جامعية في السوسيولوجيا تقدم بها الباحث عبد السلام العثماني في موضوع :النوع الاجتماعي والتحديث: المرأة وآليات المساهمة في صنع القرار السياسي في المجتمع المغربي، وذلك يوم الأربعاء 24 مارس 2021  ولقد تكونت لجنة المناقسة من الأساتذة الدكتورة أسماء بنعدادة، الدكتورة زهرة الخمليشي ، الدكتورة خلود السباعي و الدكتور لحسن أمزيان  والتي منحت للطالب الباحث درجة مشرف جدا مع تنويه خاص باللجنة ولأهمية هذه الأطروحة  نضع بين يدي القارئ أهم الخلاصات الأساسية :  
السؤال السوسيوجي وإشكالية البحث : 
     لقد  جاء  طرح السؤال الاستراتيجي للباحث  حول أهمية مساهمة المرأة في صياغة القرار السياسي، نظرا لما شهده المجتمع المغربي من إصلاحات تحديثية، وخاصة ما يخص تحسين شرط المرأة، وهو السؤال الذي تبلور في الصيغة التالية: أي أثر لعلاقة النوع الاجتماعي بالتحديث على مساهمة المرأة في صنع القرار السياسي في المجتمع المغربي؟ ثم كيف ساهم التحديث الذي شهده المجتمع المغربي في تمكين المرأة من ولوج مراكز  صنع القرار السياسي؟ وبأي معنى يكون وصول المرأة إلى مواقع السلطة  أو القيادة السياسية مؤشرا على حداثة المجتمع وتحديثه؟
 لقد كان مسعى الباحث  هو  الكشف عن آليات مساهمة المرأة في صنع القرار السياسي في المجتمع المغربي، باعتبار أن المرأة تتوفر على كل الإمكانيات لتفعيل هذه المساهمة. لذلك اتخذ  متغير  المرأة كـ مؤشر سوسيولوجي، بمعنى أنه لا يمكننا أن نتحدث عن مجتمع حداثي ديمقراطي بدون أن تكون المرأة ذاتا فاعلة، أي فاعلا سياسيا مساهما مساهمة فعلية في تدبير الشأن العام، قائمة  بدور أساسي في عملية تحديث المجتمع وتحقيق الانتقال الديمقراطي.
وعلى هذا الأساس، اعتمد الباحث  مقاربة سوسيولوجية منفتحة على مقاربات أخرى منها: المقاربة الأنثروبولوجية والمقاربة السياسية. وقد استعنت في ذلك بالنظريات المعاصرة حول دور التحديث في تمكين المرأة من ولوج مواقع السلطة والقرار السياسي، كما استندت على أهم الدراسات السوسيولوجية التي قاربت موضوع دور المرأة في  تحقيق المساهمة في صنع القرار السياسي. وبالتالي، فهي مقاربة تثير جملة من التساؤلات، نابعة من فحص ما كُتب عن الموضوع، والتوسل بمعطيات قصد اعتماد رؤية موضوعية ما أمْكن، بَدَل إصْدار أحكام جاهزة. 
نتائج  بحث الأطروحة : 
لقد توصل الباحث عبد السلام العثماني إلى جملة من النتائج  لخصها على الشكل التالي :
أولا: لقد أكد البحث الميداني أن الثقافة الذكورية السائدة في المجتمع عامة، والهيمنة الذكورية في الأحزاب السياسية خاصة، القائمة تاريخيا على أساس التفاضلية بين الرجل والمرأة بالاستناد إلى مبررات بيولوجية، وثقافية، واجتماعية، ودينية، تعد من أهم العوائق التي تؤثر على وصول المرأة لمواقع صنع القرار السياسي وعلى مساهمتها فيه. 
ثانيا: أبرز البحث كذلك أن الثقافة الذكورية متجذرة في مؤسسات صنع القرار السياسي، فالقيادة الحزبية ذكورية بامتياز، ولأن بلوغ مراكز صنع القرار يتطلب تزكية من تلك القيادة، وبما أنها ذكورية فهي تعترض على تزكية المرأة في أغلب الأحيان، وحتى إن فعلت ذلك، فإنها تفعله بقصدية إثبات أن المرأة غير مؤهلة لأن تكون في مواقع القيادة، بحيث تعمل على ترشيح النساء في الدوائر التي لا يتوفر فيها الحزب على شعبية قوية، فتكون النتيجة عدم فوز المرأة في تلك الدوائر في العملية الانتخابية. 
ثالثا: رغم وجود تطور فيما يخص نسبة تمثيلية حضور المرأة بمراكز صنع القرار السياسي في العقدين الأخيرين، فإن هذا التطور تم في اتجاه واحد: إنه تطور تم فقط على المستوى الكمي دون أن يمس الجانب النوعي/الكيفي، وهو ما يؤكد أن مسألة تمكين المرأة من المساهمة في صنع القرار السياسي يظل مجرد استراتيجية خاضعة لأجندات خارجية دون وجود إرادة سياسية فعلية لدى الفاعل السياسي. مما يؤكد مرة أخرى مسألة استمرار الهيمنة الذكورية على مستوى مواقع المسؤولية السياسية ومراكز صنع القرار السياسي، وجعل حضور المرأة بها ذا طابع صوري تأثيثي بدل أن يكون حضوراً فعالاً.
رابعا: رغم اعتماد الدولة مجموعة من الآليات والتحفيزات لتمكين المرأة سياسيا وتحسين تمثيليتها في مواقع صنع القرار السياسي، فإن تلك الآليات لم تعط نتائج إيجابية بالشكل المطلوب، لأنها ركزت على آليات محدودة الفعالية. وذلك، بتركيزها على آليات تحديثية لا حداثية، مثل الآليات القانونية (الكوتا) والمؤسساتية. وقد تبين أن تلك الآليات بالرغم من أهميتها، لم تُمكن المرأة من مساهمة فعالة في صنع القرار السياسي، وإنما جعلت من حضورها بدوائر صنع القرار، حضوراً صورياً وشكليا أكثر منه واقعيا وفعالا. 
خامسا: من أجل تمكين فعلي وفعال للمرأة سياسيا، يجب اعتماد آليات ذات أسس حداثية أهمها الآليات السوسيوثقافية، والتي تهدف تغيير وتحديث الذهنيات، وذلك من خلال العمل على إعادة بناء منظومة التربية والتعليم ومختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية على أساس مقاربة النوع الاجتماعي.
سادسا: الثقافة الحزبية لازالت تقليدية، فجميع الأحزاب السياسية لا تتوفر فيها شروط الديمقراطية السياسية، ولم تعرف تحديثا فعليا. لهذا فهي توظف كل الاستراتيجيات من أجل إبعاد المرأة وتغييبها عن مراكز القيادة والزعامة، ثم استغلالها عن طريق الأدلجة السياسية أو ما  عبرنا عنه بـ"الاستلاب السياسي" الذي ينهجه كل حزب. 
سابعا: تبين لنا أن مؤسسات الدولة الرسمية ومؤسسات الأحزاب السياسية في المغرب لم تكن حداثية في قضية تمكين المرأة سياسيا، بل تقف حاجزا أمام تمكينها من ولوج مراكز صنع القرار السياسي عبر مسلك حداثي وديمقراطي. 
خلاصة الأطروحة:
من أهم الخلاصات التي وصل إليها الباحث  هو أهمية  المختصين في العلوم الاجتماعية، وكذلك المهتمين بالشأن المجتمعي العام وخاصة السياسي، الاشتغال على ترسيخ تنشئة اجتماعية تقوم على  ثلاثة أشياء رئيسية والتي أعتبرها الباحث  الركيزة الأساسية لتمكين المرأة من المساهمة الفعالة في صنع القرار السياسي وبناء مجتمع حداثي ديمقراطي.
أولا: تنشئة اجتماعية تقوم على المساواة الفعلية بين الجنسين، أي خالية من الوصاية الذكورية.
ثانيا: تنشئة اجتماعية تقوم على الحلم والخيال، خاصة في الأسرة والمدرسة، باعتبار  أن كل ابداع كيفما كان ينطلق من الخيال والحلم.
ثالثا: تنشئة سياسية تقوم على مقاربة النوع الاجتماعي، باعتبارها آلية لتميكن الفرد من تكوين شخصية سياسية قيادية.
كما خلص الباحث أن المرأة  لم تنجح في مشروعها التحديثي بالصورة المطلوبة، لأنها لم تصل إلى مواقع صنع القرار السياسي عن طريق آليات حداثية ديمقراطية، وإنما كان ذلك عن طريق آليات غير ديمقراطية وفعالة. والنتيجة: أنه بالرغم من وصولها إلى مواقع صنع القرار، فإنها لم تتحرر من الثقافة الذكورية المجتمعية وهيمنة الفاعل السياسي الذكوري. والسبب في ذلك: التركيز على آليات قانونية ومؤسساتية اثبتت فشلها في تمكين المرأة من المساهمة الحقيقية والفعلية في صنع القرار. لهذا ينبغي الرهان على الآليات السوسيو-ثقافية، بمعنى تمكينها علميا، اقتصاديا، اجتماعيا وسياسيا. 
 وهذا لن يتم إلا بتحقيق المساواة التامة والفعلية بين النوع الاجتماعي، والانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حداثي ديمقراطي قادر على تسيير شؤونه بالاستناد على أرضية ديمقراطية، حيث تكون المرأة مساهمة بنفس درجة وفعالية الرجل في تدبير الشأن العام.