الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق :في ضرورة التمييز بين الإدارة الانتخابية والإشراف على الانتخابات

رشيد لزرق :في ضرورة التمييز  بين الإدارة الانتخابية والإشراف على الانتخابات رشيد لزرق
 

إن من أبرز معايير نزاهة الانتخابات الديمقراطية، حياد القائمين على إدارتها في جميع مراحلها بدءاً من الإشراف على عملية تسجيل الناخبين والمرشحين، ومروراً بإدارة يوم الانتخابات، وانتهاءً بعملية فرز الأصوات وإعلان نتائجها النهائية، والإشراف على حق الناخبين والمرشحين في الشكوى والتظلم أو الطعن . ومن الناحية الوظيفية، تعمل الإدارة المشرفة على الانتخابات في إطار النظام القانوني السائد، واحترام مبدأ سيادة القانون. ولذا فإن التأكد من معاملة كل الناخبين وكل المرشحين وفقاً للقانون ودون أدنى تمييز على أساس اللغة أو العرق أو الأصل أو المكانة الاجتماعية أو الوضع الاقتصادي أو الدين أو النوع، يُعد من أبرز مهام تلك الإدارة. وتكتسب الإدارة المشرفة على الانتخابات ثقة المواطنين من خلال الالتزام بالحياد السياسي والحزبي. ويتطلب هذا الحياد البعد عن أية تصرفات قد يُفهم منها تغليب مصالح الحكومة القائمة، أو مصالح فئة ما أو حزب سياسي معين، حال قبول الهدايا أو الإعلان عن مواقف سياسية محددة أو الخوض في نشاطات ذات صلة بأحد الجهات المتنافسة، وغير ذلك .

في المغرب شكلت نزاهة الانتخابات، البؤرة المركزية للنقاش العمومي حول السياسة الانتخابية، حيث طورتها أحزاب المعارضة السابقة طوال ثلاث عقود، من خلال دفتر مطلبي مرتبط باقتراح لإصلاح المنظومة الانتخابية، وهو الإصلاح الذي ظل يشكل ركنا بارزا من أركان الإصلاح السياسي بالمغرب. في مقدمة هذه المطالب نجد :

 

– لجنة مستقلة ومحايدة للإشراف على الانتخابات.

 

– إشراك المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات.

 

– إبعاد وزارة الداخلية.

 

سنحاول هنا تسليط الضوء على الوسائل المتخذة فيما بتعلق بالإدارة الانتخابية،عبر التعريف بها والتشريعات المتعلقة بأنظمة التصويت وإجراءات الجغرافية الانتخابية، مساطير التمويل كأدوات مفيدة للوصول إلى نتائج مقبولة بغير اللجوء لتزوير الأصوات أو التجاوزات الانتخابية المباشرة

المطلب الأول: الإشراف على الانتخابات

لا يختلف اثنان في كون الجهة التي تشرف على الانتخابات، تعد عنصر رئيسي ومؤشر أساسي لقياس مدى نزاهة الانتخابات، لما لدورها من أهمية كبرى في تكريس الديمقراطية وتقويتها، وهذا ما يفسر أهمية النقاش، حول الجهة التي تتولى الإشراف على الانتخاب وما تعرفه من جدل بين مختلف الفاعلين،على اختلاف مواقعهم، معارضة كانوا أم أحزاب حاكمة، عبر طرح الاستقلالية والحياد في كل مراحل العملية الانتخابية، والتي من شأنها أن تؤثر سلبا على العملية الانتخابية ، في مختلف مراحلها.

غير أن العديد من الباحثين يخلطون بين إدارة الانتخابات والإشراف عليها؛ هنا نحن مدعون لضرورة التميز بين الحالتين، على اعتبار أن المقصود بإدارة الانتخابات، تسيير العمل الانتخابي لتحقيق الهدف المرسوم، عبر صلاحيات القيادة المباشرة في كل مراحل العملية الانتخابية من تخطيط وتنظيم وقيادة وإشراف وتوظيف. في حين أنه عند الإشراف على الانتخابات، يتم خلق لجنة أو لجان انتخابية، تتولى مسؤولية ” قيادة” العملية الانتخابية عبر تمكينها من صلاحيات قيادة العملية الانتخابية من حيث الموارد البشرية والمالية، يتم إخضاعها للمحاسبة على أساس الأداء والنتائج .

إذ تتولى اللجنة فقط تقديم المساعدة في بعض مراحل العملية الانتخابية، كإعداد تسجيل في اللوائح الانتخابية أو فرز أوراق التصويت وإعلان النتائج وفي هذه الحالة نكون أمام ” لجنة الانتخابات المستقلة” التي تكون بمثابة فريق مساعد للجهة التي تشرف على الانتخابات.

ولا يقدح في هذا الفريق المشرف على الانتخابات، أن يكون مشكلا من هيئة قضائية أو من ممثلي الأحزاب والجهاز الإداري للدولة. المهم في ترسيخ مبدأ الحياد الذي يرسخ تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين.

فالعملية الانتخابات نظرا لتعقدها، تستدعي إيجاد هياكل إدارية موضوعية فعالة وغير منحازة تسمح بضمان النزاهة والحياد للعملية الانتخابية. وفي إعداد اللوائح الانتخابية التي ينبغي تحيينها بشكل دوري،عبر إضافة الفئات التي تستوفي الشروط القانونية،و كذلك نقل المواطن الانتخابي والنظر في حالات الخارج وفقا للقانون، وتنقية السجلات من الوفيات والأخطاء المادية، والحرص على تحديد تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل واضح يضمن تحقيق التوازن الديمغرافي بشكل يحقق الصفة التمثيلية والحياد عبر الحرص على المساواة النسبية بين الدوائر الانتخابية لتكون متوازنة، وترسيم حدود جغرافية متناسقة مع الواقع الديمغرافي للسكان. وضمان تكافؤ الفرص في فترة الحملة الانتخابية التي تتخذ في العديد من الحالات طابع صراعي يسميه البعض لعبة الانتخابات، والبعض الأخر “المعركة الانتخابية”؛ كذلك الشأن بخصوص يوم الاقتراع والإعلان على النتائج النهائية، وما يرافقها من طعون في النتائج، لهذا فمهمة إدارة أو الإشراف على الانتخابات، تتطلب إمكانيات بشرية ومادية ضخمة، تتضمن مثلا تدريب العاملين في العملية الانتخابية، ومراقبة حيادهم، وتنظيم أعمالهم والتنسيق مع المجتمع المدني لدعم سلامة الانتخابات.

وهنا نشير إلى أنه يمكن الإشراف على إدارة الانتخابات من طرف الإدارة، مع إشراك الأحزاب السياسية، من خلال لجان انتخابية.

الفقرة الأولى: هيئة إدارة الانتخابات

على المستوى الدولي هناك تنوع في أشكال إدارة العملية الانتخابية، من حيث هيكلة الهيئة المشرفة على الانتخابات التي لا تأخذ بطبيعة هيكلة الهيئة الانتخابية بقدر ما تركز على معيار نزاهة الانتخابات وفقا للمعاير الدولية ل تحقيق الحياد والاستقلالية.

مفهوم الاستقلالية يختلف من دولة إلى أخرى، وتتأثر بطبيعة نظام الحكم ومقدار التراكم في الممارسة الديمقراطية داخل المجتمع، وإن كان الاتجاه الغالب في التجارب الدولية يأخذ بأسلوب الهيئة المستقلة، وهو الذي اعتمدته حوالي نصف التجارب الدولية .

فوفق هذا الأسلوب يُتطلب في الهيئة المشرفة، مستوى عالي من المهنية والاستمرارية واستقلالهم التام عن أية تشكيلات حزبية، أو حساسيات سياسية، أو علاقة مع السلطات في الدولة سواء منها التنفيذية أو حتى البرلمانية . تبنت ربع التجارب الدولية الأخذ بأسلوب اللجنة الوطنية ، والتي تعد فيها الهيئة المشرفة على الانتخابات إحدى الهيئات العامة، وليست مستقلة عن الدولة . فيما نجد أن أقل من ربع التجارب الدولية يأخذ بأسلوب ” إدارة الانتخابات”، والتي تكون فيها الهيئة المشرفة على الانتخاب جزء من السلطة التنفيذية وممثلة في وزارة الداخلية.

1. ماهية الانتخابات واللجنة المستقلة

لقد جرى في فرنسا والدول التي تأثرت بالتجربة الفرنسة، التمييز بين الانتخابات السياسية والإدارية، وهذا التمييز يطرح إشكالا: إذا كانت الانتخابات سياسية، فعلى أي مستوى تحدث بالنسبة لقيادة اللجنة. لقد استقر العرف على عدم التمييز بين مختلف أنواع الانتخابات، وذلك لأسباب موضوعية وتنظيمية معا، فمن جهة، كل الانتخابات تتشابه من حيث الاقتراع في مجالها الموضوعي، وهو التصويت على من يشغل مواقع الحكم، سواء كان في المجال التشريعي أو التنفيذي، أي رئاسة الدولة أو على مستوى السلطات المحلية والقيادات المحلية أو القرارات المصيرية للحاكم، أي الاستفتاء العام . فكل هذه الأشكال الثلاث، رئيسية في العملية الانتخابية السياسية، تخضع لولاية اللجنة. أما الانتخابات غير السياسية، فتدخل في اختصاص عدة لجان أو هيئات أخرى نظرا لكثرتها وتنوع طبيعتها. كانتخابات الهيئات، النقابات المهنية أو العمالية، وانتخابات الجمعيات، الأندية مجالس إدارة المؤسسات والتي قد نستأنس بأسلوب عمل اللجنة المستقلة للانتخابات أو تستعين بها بطريقة ما.

و من ناحية أخرى، فإن إجراءات الانتخابات،قد تكون متزامنة، مثلا : الانتخابات المحلية مع الانتخابات التشريعية في نفس الوقت كما هو الحال في البحرين، أو الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات المحلية مثل اليمن، أو قد يكون متداخلا في تأثيراته السياسية كأهمية المجالس المحلية بالنسبة للأحزاب، وليس فقط المجلس التشريعي، وبالتالي فإن تنظيم وإدارة هذه الانتخابات وجب أن يتم بكيفية فنية تراعي الحياد والاستقلالية وفق القواعد العامة التي تضمن الاختيار الحر للناخبين، وتكافؤ الفرص للمتنافسين.

2. إشراف قضائي على اللجنة المستقلة

مبدئيا، ليس هناك تناقض بين وجود صلاحيات قيادية للجنة في إدارة الانتخابات،ورقابة القضاء على أعمالها، غير أن التنظيم الجيد للقانون، يقتضي أن لا تفرغ اللجنة المستقلة من محتواها. فإذا نظرنا للجنة المستقلة كجهة إدارية محضة، يكون للقضاء سلطة وفق التنفيذ وقبول الطعن في قراراتها . وفي هذه الحالة، اللجنة لا تكون محصنة ضد رقابة القضاء، تفعيلا للمبدأ الدستوري الذي يتضمن السهر على سيادة القانون. فعلى سبيل المثال، لا يجوز إحداث أي تغيير على اللوائح الانتخابية بعد انصرام موعد التسجيل إلا بحكم قضائي،و نفس الشيء بالنسبة لطلبات المترشحين . وفي بعض الأحيان تتمتع اللجنة المستقلة للانتخابات بسلطة رئيس الدولة في مواجهة كافة الهيئات التنفيذية إبان فترة الانتخابات، قصد تمكينها من سلطة فعلية في قيادة العملية الانتخابية .

غير أن منتقدي الفكرة، يدعون إلى ترأس القضاء، للجنة العملية الانتخابية، على اعتبار الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها، مما يسهل تدخل العنصر البشري لإفساد العملية الانتخابية.

إلا أن هذا القول مردود على أصحابه، على اعتبار أن تصرف العنصر البشري لا يمكن إزاحته باعتماد فقط إشراف الهيئة القضائية. بل يمكن تجاوز ذلك عبر إقرار الرقابة المتبادلة بين السلطات كأساس للديمقراطية، ومن خلال الرقابة المتبادلة بين السلط ورقابة المجتمع، من خلال رقابة المجتمع مدني على العملية الانتخابية،كأمر ضروري لتجاوز إشكالية الجهة المشرفة على الانتخابات.

اتجهت العديد من الدول، إلى التنصيص على انضمام شخصيات قضائية ومحامين، للجنة المشرفة على الانتخابات. من خلال اعتماد عضويتهم في اللجنة بالصفة، سواء بحكم المنصب أو الاختيار بواسطة رئيس الدولة، حيث قد تتشكل مناصفة بين عناصر قضائية وأخرى فنية مستقلة؛

لا يمكن التركيز على الخلفية المهنية لأعضاء اللجنة، إن فعالية اللجنة تستوجب معرفة صلاحياتها وطريقة عملها ووسائل مراقبة حيادها،على اعتبار أن إسناد قيادة الانتخابات وتمكينها بصلاحيات ” واسعة” بات عرفا معاصرا في ما يسمى ” أفضل الممارسات” سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي.

الفقرة الثانية: هيكلة لجنة الانتخابات

إن عملية إدارة الانتخابات، تقتضي ضمان استقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات قصد تعزيز مصداقية العملية الانتخابية،لهذا بات التساؤل مطروحا حول العناصر التي يتوجب توفرها في اللجنة لكي تتمكن من ترسيخ الاستقلالية والنزاهة ؟ والكيفية التي يتم بها تنظيم الصلاحيات سواء في حالة الإشراف أو الإدارة.

1. عناصر اللجنة

إن تأسيس لجنة الانتخابات، هو قرار سياسي وليس عرف أو ثقافة سياسية بين المواطنين، وبصرف النظر عن بواعث هذا القرار أو السياق الذي أفرزه، فهو قرار سياسي وطني، تتخذه النخبة الحاكمة، تتجه عوامل مجتمعية تساهم في تحديد مستقبلها، ومكانتها في نظر الرأي العام الداخلي والخارجي . والتي تتأسس بناءا على قدرتها الفنية على أداء دورها كمحدد علمي لمقدرتها على إدارة الانتخابات وتعزيز المشاركة السياسية.

فمن حيث الإدارة السياسية هناك ثلاث مؤشرات:

– اتخاذ قرار تأسيس اللجنة، وإقرار الصلاحيات التي تمكنها من مباشرة عملها بنحو مستقل ومستقر، من خلال تشريع واضح غير قابل للإلغاء أو التعليق.

– تمكينها من الإمكانيات المادية اللازمة للعمل،من موارد عامة، مع إخضاعها للرقابة المحاسبية في الدولة.

– الامتناع عن استخدام السلطات العامة في التدخل في عمل اللجنة إبان الانتخابات، بما فيها السلطة التشريعية. وهذا لا يتعارض مع مبدأ استقلالية السلطة التشريعية مادام البرلمان هو مصدر التشريع، بحيث أن اللجنة يفترض تحصينها ضد أي تأثير، ولو كان بالتشريع لأنه بموجب التشريع،يتم الموافقة من قبل السلطة التشريعية على الاستقلالية كما هو الحال في تعيين رئيس الدولة قضاء المحكمة الدستورية دون أي سلطة لعزلهم، أو كما تتقيد الدولة باتفاقيات دولية ملزمة لكل سلطاتها بما فيها البرلمان.

و من حيث القبول الاجتماعي: إن الأساس الذي تستند عليه اللجنة في مباشرة صلاحياتها، يتمثل في إدراك الفاعلين السياسيين، والمواطنين عموما بضرورة تمكين اللجنة من العمل باستقلالية في معزل عن التأثير بالخريطة السياسية ولا بمزاج الرأي العام، لكون ذلك مصلحة وطنية عليا، ينبغي الدفاع عنها، حتى في مواجهة الحكومة . وهذا الأمر يتطلب أمرين :

نشر وتسويق فكرة اللجنة المستقلة وإشراك المجتمع بشأنها عن طريق الترويج لها بطرق مختلفة.

تمكين اللجنة للوصول للمواطن مباشرة وبحرية وبالقدرة المناسبة للإمكانيات الوطنية . من خلال تمكينها من الآليات التي تمكنها من إصدار التعليمات ونشرها في الجريدة الرسمية مباشرة، والعمل على إصدار الإعلانات الصحفية والمطبوعات والقدرة على إعداد بث إعلامي مستقل ومباشر إبان فترة الانتخابات.

إن أداء اللجنة يرتبط بالظروف الوطنية، وبالسياق التاريخي، ومستوى التطور التقني في الدولة والقدرات المالية المتوفرة، خاصة مستوى التطور التقني في الدولة،و القرارات المالية المتوفرة، خاصة في ضوء التكلفة المالية الضخمة التي تتطلبها العملية الانتخابية .

من حيث القدرات التنظيمية : إن أعضاء الجنة ينبغي أن يشعروا باستقلالية تمكنهم من القيام بدورهم بشكل فعال، عبر إدراكهم أن عملهم نشاط سياسي، لكنه يجب أن يكون غير حزبي وأن يرتفع فوق الخريطة السياسية المتنافسة، وفي نفس الوقت يجب أن يظلوا مراقبين للعملية السياسية في الدولة ككل .

فاللجنة تهدف إلى ضبط ” الخروج المحتمل ” من جانب المرشحين على نظام الانتخابات، وتفعيل القانون من أجل ردعهم ومعاقبتهم إذا باشروا فعلا غير شرعي، لكنها غير مسؤولة عن تقوية المرشح الضعيف، فقط تؤمن له التحرك بحرية بعيدا عن ضغوط المرشح القوي إذا لجأ إلى الضغط.

و تؤكد الوثائق الدولية بشأن الانتخابات الديمقراطية والحكم الجيد . أن الانتخاب الناجح مكلف، يستلزم تنفيذ عدد ضخم من المهمات الأساسية والثانوية، على يد جمع من الأشخاص الذين يتوجب عليهم إدراك مسؤوليتهم في العملية الانتخابية،و تحمل تبعات أعمالهم اتجاه القانون،لأن العملية الانتخابية تحدد الطريق التي ستحكم بها على مدى التزام كل بلد ما بالديمقراطية، وتؤثر أيضا في مستوى الشرعية التي يضفيها الناخبون على حكومة بلدهم، وهذا ما يفسر الأهمية الموكولة إلى مديري الانتخابات والموظفين التابعين لهم، وهو دور يتطلب التزاما شخصيا كبيرا. وبهذا المعنى، فإن استقلالية اللجنة تحدد فاعليتها ومكانتها التي تتوقف على حيادها بين الأطراف المتنافسة، إذ ينبغي ان يكون حيادها إيجابيا كموقف القضاء من المتقاضين . وليتحقق هذا المبتغى يجب أن تحضر ثلاث عوامل:

1- : طريقة اختيار الأعضاء المكونين للجنة ونوعيتهم، والموارد المخصصة لهم.

2- : مراقبة شعبية لأعمال اللجنة ذاتها .

3- : تكوين وتدريب أعضاء اللجنة ومعاونيهم فنيا ومهاراتيا، إذ يقوي شعور أعضاء اللجنة بالاستقلالية، قدرة اللجنة التنظيمية والفنية على إدارة العملية الانتخابية بكفاءة.

فمن الضروري أن تتولى اللجنة تنظيم عملية الانتخابات والاستفتاءات، في كل مراحلها منذ عملية إعداد سجلات الناخبين، التوعية العامة بشأن الانتخابات، تمكين كل الفئات الاجتماعية من برامج اجتماعية مدنية، تدريب المرشحين على قواعد الانتخابات والترشح وعملية الدعاية الانتخابية، وضع إجراءات التصويت والفرز،إلى إعلان النتائج وفحص الطعون، بما لا يخل برقابة القضاء على قراراتها، وكذلك دراسة العملية الانتخابية لتعزيز قدرة المشرع على تلبية الاحتياجات التشريعية للممارسة الديمقراطية، وهذه المسؤوليات تتطلب كفاءة تقنية وقدرات تنظيمية عالية.

و قد توصل Joe Baxter في دراسة أعدها عن ” قانون الإدارة الفعالة للانتخابات” على أن ما يجمع بين كل أنشطة اللجنة وسعيها للقيام بوظيفتين، الأولى هي إعداد ترتيبات العملية الانتخابية بتفعيل (الجدول، المواعيد، الإجراءات …) لتكون ملائمة للمواطن العادي والمرشح العادي والحزب العادي، والثانية هي مراقبة سير هذه الإجراءات وتصرفات أطراف العملية الانتخابية، والغير أيضا، وذلك لضمان تمتع الأطراف الانتخابية بالاستقلالية عند مشاركتهم فيها .

2. تنظيم صلاحيات لجنة الانتخابات

هناك اتجاهين في تحديد صلاحيات لجنة الانتخابات ودورها الفعلي في إدارة العملية الانتخابية وهما:

الاتجاه الأول : تتولى اللجنة الإشراف على الإدارة الانتخابية، تقوم بتحديد شروط وإجراءات الترشح والانتخابات وإعلان النتائج، كما تعمل على وضع الأنظمة الانتخابية والقواعد التي تحكم سلوك الناخبين والمرشحين، في هذه الحالة ينبغي أن تزود بفريق إداري كبير ومحترف ودائم يعمل تحت غمرة لجنة، وفي الغالب يكون هؤلاء الموظفون من المجتمع المدني ممن يتوفر فيهم الاستقلالية،و الذين لا يمارسون أي عمل حزبي بمجرد التحاقهم باللجنة .

الاتجاه الثاني: تتولى اللجنة إدارة الانتخابات وفي هذه الحالة، تقوم لجنة بنفسها بكل الأعمال، حيث تتشكل من فريق كبير من ” مديري” العملية الانتخابية بصفتهم موظفين مستقلين تماما من الناحية الحزبية ومهنيون دائمون.

رغم أن الاتجاه الثاني أكثر فعالية، فإن أغلب التجارب الدولية أخذت بالاتجاه الأول.

وعموما، فإن أفضل الممارسات في تعزيز فعالية اللجنة المستقلة للانتخابات، تفترض ثلاث عناصر جوهرية وهي:

1- الاستقلالية : ضمان أن تعمل لخدمة مجموع الناخبين وكل المترشحين بدون انحياز لأي طرف على أساس مناقشة شريفة، لهذا فإن اللجنة يجب أن تحظى بثقة كل الأحزاب، بالمحافظة على استقلالها اتجاه الجميع خاصة الحكومة.

2- عدم الانحياز الحزبي: كي تستطيع ضمان الثقة العامة من خلال تكريس ثلاث قيم وهي:

العدالة في المنافسة بين المرشحين والأحزاب المشاركة .

الحرية في الانتخاب لكل المواطنين الذين يتمتعون بهذا الحق وفقا للقانون.

النزاهة في إعلان النتائج، أي لأعضاء اللجنة والمشرفين على الانتخاب .

إن أعضاء اللجنة قد يكونوا غير منتمين لأحزاب أو تيار سياسي كما قد يكونوا منتمين بشكل متكافئ لكل الأحزاب والتنظيمات السياسية كما هو الحال في التجربة الايطالية، إذ أن التمثيل المتكافئ في عضوية اللجنة،يدفع في اتجاه عملها بحياد، بحيث لا يغدو الهدف حول النتيجة بمقدار التحضير للظروف الجيدة للتنافس العادل كي يقوم الناخبون، بخوض عملية التصويت في ظل احترام القانون.

3- الكفاءة : وهي قدرة اللجنة للقيام بدورها مما يولد الشعور لدى الجمهور بذلك.

فاللجنة تقوم بأعمال معقدة وكثيفة ومتشابكة تبتدئ من توظيف وتدريب الأفراد العاملين في الانتخابات، وتدبير الوسائل التقنية، مرورا بتسجيل اللوائح الانتخابية من إعداد الجداول وتوزيعها على مراكز الانتخابات، إلى وضع إجراءات التصويت،و فرز الأصوات، إنتهاءا بإعلان النتائج، بناء وإتاحة المعلومات وقواعد البيانات للجمهور. وغيرها من المهام والأنشطة، بالإضافة لمراقبة العملية الانتخابية ذاتها، وكل هذا يحتاج إلى بناء هيكل تنظيمي وتقسيم العمل بغرض تفويض الصلاحيات ضمن المنظومة الإدارية على المستوى الوطني.

بصيغة أخرى، فإن الاستقلالية وحدها لا تكفي لشعور الرأي العام بالثقة في اللجنة وأعمالها، بل الأمر يتطلب شعور المجتمع بكون اللجنة ” تفهم وتدرك وقادرة على ما تفعل”.

و من أجل تعزيز الكفاءة التنظيمية للجنة، يجب التأكد من قدرتها على ضمان الشفافية في إجراءاتها وقراراتها، الأمر الذي يقتضي وضوح المسؤوليات داخل فريق العمل، على مختلف المستويات التنظيمية للجنة، حتى يتمكن المجتمع من مراقبة أعمال اللجنة وتعزيز مصداقيتها.

 

اتجهت بعض الدول، لإنشاء مؤسسات متخصصة في التدريب على الانتخابات على المستوى الوطني والمحلي،في إطار برنامج التدريب المستمر، قصد تأطير الموظفين من أجل ضمان توفر كل الشروط في مراحل العملية الانتخابية.

المطلب الثاني: الإشراف على الانتخابات في المغرب

تتطلب عملية الانتخاب استعداد تقنيا قبليا تتولى وزارة الداخلية الجانب الأكبر، وهذا ما جعل الإشراف على الانتخابات في المغرب تعرف صراعا حول نزاهة الانتخابات، كظاهرة عرفها المغرب منذ السبعينيات، بعد التحول الذي عرفته أحزاب الحركة الوطنية، من الصراع حول مشروعية الحكم، إلى الصراع حول المشروعية الديمقراطية والتي تحدد قواعد الشرعية الدستورية والديمقراطية والتي ستذهب بضرورة هيمنة وزارة الداخلية على تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، الأمر الذي يجعل الجهاز الإداري يشوه الديمقراطية. مع بداية عقد التسعينيات حدثت تحولات نوعية على المجتمع المغربي، مما مهد لبناء مسار التوافق السياسي بين المؤسسة الملكية والأحزاب الوطنية المتمثلة في الكتلة الديمقراطية، قصد إجراء مسلسل الإصلاح، كمدخل أساسي لقيام تحول ديمقراطي داخل بنية النظام السياسي المغربي. عبر المدخل الدستوري والمدخل الانتخابي.

الفقرة الأولى: التحكيم الملكي

بدأت المؤشرات الأولى لمرحلة التوافق، في تحول أحزاب الحركة الوطنية من الصراع حول مشروعية الحكم، إلى الصراع حول المشروعية الديمقراطية، والتي تحدد قواعد الشرعية الدستورية والديمقراطية، والتي ستذهب بضرورة هيمن وزارة الداخلية على تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، وتم تضمين مذكرات الكتلة المرفوعة للملك، مطلب خلق هيئة وطنية مستقلة تشرف على سير العمليات الانتخابية، تم لجوء المعارضة داخل البرلمان عقب عجزها على تمرير مقترح قانون تعديل مدونة الانتخابات؛ إلى طلب تحكيم ملكي في الموضوع، استجاب له الملك، هذه الاستجابة تولى الملك شرح أسبابها في خطاب 29 أبريل1992 حيث أكد -جلالته- أن أسباب هذا التحكيم، يعود إلى “عملية تدارس القانون الانتخابي، والنظر والبت فيه ليست عملية روتينية أو تصويتا روتينيا، بحيث يكتفي فيه بأخذ رأي الأغلبية دون الأقلية، نظرا لما يكتسيه هذا القانون وما يترتب عليه من تبعات جسام” مؤكدا في السياق على أن هذا تحكيم ذو طابع سياسي وليس دستوري، يجد مشروعيته في إطار البيعة وحق رعاية الملك لجميع رعاياه؛ مشيرا إلى أن “كلنا مغاربة وكلنا أب أسرة وكل من جهته مكلف من طرف الشعب المغربي النائب من طرف منتخبيه والأحزاب من طرف المنتمين إليها وملك المغرب من قبل كافة أفراد الشعب المغربي” ، حيث بادر إلى خلق لجنتين مكلفتين بالانتخابات.

1.لجنة التحكيم :

تشكلت هذه اللجنة من ممثل عن وزارة الداخلية،وممثل عن حزب سياسي كان متواجدا بمجلس النواب؛ وقد تم تعيين السيد محمد ميكو القاضي والأمين العام عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على رأس هذه اللجنة، يساعده في ذلك السيد الشدادي بالمجلس الأعلى؛ وكان يرأس هذه اللجنة حسب الحالات الملك شخصيا أو مستشاره اكديرة. تولت هذه اللجنة تحقيق التوافق حول مشاريع القوانين الانتخابية قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها .

2. لجنة وطنية لمتابعة سير العمليات الانتخابية:

تشرف على لجان إقليمية يرأسها قاضي وتتكون من عامل الإقليم أو العمالة، ممثلة من كل حزب من الأحزاب الممثلة في البرلمان.

اجتمعت اللجنة الأولى في مايو 1992، برئاسة الملك ومشاركة قادة الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب ووزير الداخلية والإعلام والكاتب العام للحكومة عباس الفاسي، ثم المستشار الملكي احمد رضا أكديرة، وعند اختتام أعمال الاجتماع، وجه الملك رسالة إلى جميع رؤساء الأحزاب السياسية للفصل في النقاط التي ظلت محط خلاف في القانون الانتخابي الجديد . واستطاعت هذه اللجنة إقرار مجموعة من الاقتراحات وهي، التمويل العام للحملات الانتخابية، الترخيص للمرشحين باستعمال وسائل الاتصال العمومي، تعيين لون خاص لكل حزب على الصعيد الوطني، إقامة لوائح انتخابية جديدة، ضمانات إدارية وقضائية للتسجيل في اللوائح الانتخابية، نشر هذه اللوائح الانتخابية وإمكانية الطعن في اللجان في اللوائح غير شرعية، مراقبة هوية المصوتين، مراقبة سير الاقتراع، بما في ذلك تعداد الأصوات والتصريح بالنتائج، إثبات العقوبة في حق كل تزوير انتخابي، فيما بقيت نقاط أخرى عالقة حسم فيها القرار الملكي . ويتعلق الأمر بسن التصويت، وسن أهلية الترشيح للانتخاب، ونمط الاقتراع، ثم التشكيلة الإدارية ورئاسة مكاتب التصويت.

و هكذا تقرر في الأخير تخفيض سن التصويت إلى 20 سنة، استجابة لالتماس المعارضة التي كانت تتطلع إلى تحديده في 18 سنة، تم تخفيض سن أهلية الانتخاب من 25 سنة إلى 23سنة، أما فيما يخص النظام الانتخابي، فقد قرر الملك استعمال الاقتراع الأحادي الاسمي المعمول به في المغرب، لأنه يظل الملائم لواقع المغرب ،و نقطة أخرى هي تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد الخريطة السياسية.أما المراسيم الجديدة التي جاءت لتنظيم تمويل الحملات الانتخابية، وحق الأحزاب السياسية في استعمال وسائل الإعلام العمومية . حيث نشرت الجريدة الرسمية المرسومين جديدين :الأول، يتعلق بمشاركة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية بمبلغ قدر ب 120 مليون درهم 60 مليون درهم بالنسبة إلى الانتخابات البلدية و60 مليون درهم بالنسبة للانتخابات التشريعية، وتوزع الأحزاب حسب عدد المرشحين، الأصوات والمقاعد المحصل عليها ، أما المرسوم الثاني، فينظم استعمال الأحزاب السياسية لوسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية طيلة الحملة الانتخابية،لكي تتاح الفرصة لكل الأحزاب السياسية للاستفادة بشكل متساوي باستثناء الأحزاب التي لا تمتلك تمثيلا في البرلمان، فإن لها الحق في مدة 10 دقائق من النقل في مرحلة الحملة الانتخابية.

من خلال آلية التوافق التي تم نهجها، انطلق مسار إرساء انتخابات حرة ونزيهة، رغم ما سجل على هذه الآلية من اختلال لصالح الأغلبية التي مُثلت بثلاث أرباع اللجنة، والمصادقة على توصيات قرارات اللجنة، كان يحدد عبر الأغلبية النسبية، الأمر الذي جعل إمكانية فرض المعارضة للقرارات أمرا مستبعدا .

الفقرة الثانية: التناوب التوافقي وانطلاق المسار التوافقي

طبع مسار التوافق في مجال الإصلاح الانتخابي، عبر التخلي عن مطلب اللجنة الوطنية المستقلة للإشراف على الانتخابات لصالح النهج التوافقي، حيث أشرفت حكومة التناوب التوافقي التي ترأسها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، من خلال تكوين لجان تظم الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، وواصلت حكومة إدريس جطو وعباس الفاسي التوافق حول الإصلاح الانتخابي، مما يكرس المقاربة التشاركية التي باتت مدسترة في سياسة الدولة. في الفقرة الثانية من الفصل 1 من دستور 2011، “يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.”

و التنصيص في الفقرة الأولى من الفصل 11″الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. ”

إن مأسسة المقاربة التشاركية، تفرز مؤسسات تلعب دورا حيويا، خاصة المجلس الأعلى للحسابات الذي أضحى مؤسسة دستورية والهيئة العليا للسمعي البصري كل هذا من شأنه تعزيز مسار النزاهة الانتخابية،و تقوية الثقة في العلمية الانتخابية خاصة في ظل الشروط الدستورية والسوسيو ثقافية الجديدة، في ظل مجتمع مدني فاعل متتبع لأطوار العملة الانتخابية، إن من شأن هذه التحولات،استثمار التراكمات، وتوطد الثقة وتفرز مؤسسات انطلاقا من تفاعلات حقيقية، عوض خلق مؤسسات فوقية.

من خلال هذا التحول يمكن خلق مسار مغربي،عوض البقاء رهينين للتجارب الدولية، خاصة مطلب تحقيق لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات كما هو الأمر في بعض التجارب الدولية كجنوب إفريقيا سنة 1993، التي خلقت الاستقلال الوظيفي والعلمي، وتجسد ذلك في تأسيس ثلاث مديريات تعمل تحت إشراف اللجنة الانتخابية وهي مديرية الانتخابات، مديرية الرصد، ومديرية القضاء، يشتغل كل منهما بشكل مستقل عن الآخر وعن مسئولي السلطة التنفيذية، وترتبط ارتباطا مباشرا مع اللجنة الانتخابية.

وفي خلاصة هذا المبحث، نريد الإشارة إلى أنه من الناحية الهيكلية، فإنه من المهم في الانتخابات توفر الحياد السياسي الذي يرتبط بأمور ثلاثة هي: الشكل التنظيمي للإدارة المنوط بها إدارة الانتخابات، وحجم السلطة الممنوحة لها، وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والقضائية. وانطلاقا مما تقدم التجارب الدولية المعاصرة من العديد من الأشكال في هذا المجال، فبينما تَتبع إدارة الانتخابات في كل من إنجلترا وفرنسا من طرف الإدارات المحلية، وتدار محلياً في الولايات المتحدة، مع وجود بعض القيود التي يحددها الدستور الفيدرالي، فإن بعض الدول الديمقراطية تقيم لجاناً أو إدارات دائمة للانتخابات، ومستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية. ففي كندا هناك لجنة دائمة للانتخابات منذ سنة 1920، تخصص لها الدولة جزءاً من ميزانيتها، وهي تتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة الانتخابات، بالرغم من أن الحكومة تقوم بتعيين موظفي هذه اللجنة وقت الانتخابات فقط. أما في الهند فثمة لجنة مستقلة بموجب الدستور منذ سنة 1950، وفي استراليا هناك لجنة عليا مستقلة لإدارة الانتخابات منذ سنة 1984، تحصل على ميزانيتها من الميزانية العامة للدولة .

كما توضح بعض التجارب الدولية لاسيما وقت التحول نحو الديمقراطية، بأن الوظيفة لا تقتصر على الهيئات المشرفة على الانتخابات، بل تمتد لتشمل النظر في صلاحية إجراءاتها ودقة نتائجها. وهو الأمر الذي تبنته جنوب إفريقيا في أول انتخابات ديمقراطية تنافسية بعد انهيار نظام الميز العنصري، إذ كان من صلاحيات اللجنة المشرفة على الانتخابات النظر في كل المسائل المتصلة بصلاحية الانتخابات .

ومن ناحية أخرى، فإن التجارب الدولية تختلف من حيث خضوع قرارات اللجان والإدارات المشرفة على الانتخابات للقضاء. ففي دول مثل الهند واستراليا، يخضع عمل تلك اللجان لنطاق عمل المراجعة القضائية، حيث تستطيع المحاكم نقْض نتيجة أية دائرة انتخابية. وكبديل لهذا فإن لجنة الانتخابات في دول كثيرة تضم قضاة، ففي استراليا مثلا، لابد أن يكون رئيس لجنة الانتخابات أحد قضاة المحكمة الفيدرالية سواء كان من العاملين أو المتقاعدين.

                            رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية