الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

خالد أخازي: لا... يا سي أمزازي... ! هؤلاء الأساتذة معركتهم أكبر مما تظن...هم نحن..

خالد أخازي: لا... يا سي أمزازي... ! هؤلاء الأساتذة معركتهم أكبر مما تظن...هم نحن.. سعيد أمزازي، وخالد أخازي(يسارا)
أبى وزير السياحة التربوية، إلا أن يرد من مدينة الداخلة الأبية على حراك الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بلغة تقنية، تعكس مدى فهمه السطحي لهذا الملف الذي هو في جوهره قضية مصير أمة وشعب.
يقول إن لا أحد فرض عليهم التعاقد، مستدركا أن التقاعد تم القطع معه وتم استبداله بنظام أساسي جهوي..
سأوضح لسي سعيد أمزازي، أن الفرض له أشكالا مموهة وقنوات ناعمة، طبعا لا أحد فرض على الأستاذات و الأساتذة بالمفهوم التقني الجاف وبلغة التكنوقراط التعاقد، لكن حين لا تترك لأبناء الشعب المعطلين خيارا، وحين تضعهم أمام خيار واحد وهم منهكون بثقل زمن البطالة، و يعيشون قهرا متعددا أسريا ومجتمعيا، وآفاقا محدودة للعمل، وفرصا تضيق يوما عن يوم، فلا يجدون غير مباراة التعليم أمامهم... هل هم مخيرون أم مجبرون..؟
نعم فرض عليهم التعاقد، أو فرض عليهم التوظيف الجهوي الماكر الذي في عمقه ليس إلا تحايلا تقنيا ولغويا على التعاقد...
فرض عليهم هذا الوضع... لأن حكومتكم ضيقت فرص الشغل، وبددت أحلامهم، ولم تصنع التنمية التي تنعكس اجتماعيا على مؤشر التشغيل...
فرض عليهم الأمر فرضا... كالمحكوم بالإعدام... الذي يخيرونه بين الموت بالرصاص أو الحبل أو المقصلة...
صديقي الوزير... أعرف أنك طيب... أعرف أنك أكاديمي لا يشق له غبار في مجال تخصصه.. أعرف أنك مثل كل المغاربة حين تضررت اجتماعيا انخرطت في وقفة احتجاجية أمام ليسي ديكارت... مع زبدة المجتمع التي لا تدرس أبناءها مع ولاد بوزبال...
فالكوجيطو الديكارتي... بانتصاره للعقل... منحكم فرصة أن تسكنوا معنا وأنتم تتنكرون لنا... عقلكم ديكارتي... تفكرون... ونحن لا نفكر... لذا نحن غير موجودين بعد...
دعني أكون معك صريحا... كن ديكارتيا...
خيار واحد... مع قيمة ثابتة : البطالة... النتيجة... تعرفها...
خيارات متعددة... مع متغيرات تصنع الإنصاف والعدالة... النتيجة تعرفها...
أقصد ببساطة... لقد فرضتم على هؤلاء الضحايا الذين أسلتم دماءهم وأطلقتم عليهم البلطجية لتفترسهم وتسحلهم...وأخرجتم النساء ليلا من الفنادق... و تحرشت الكائنات الفاشلة المكبوتة بصدور النساء.. فيهن أخواتنا... فيهن الأمهات... بل يكفي أن تعبث يد بلطجي بصدر محتجة لتقوم القيامة..
سأترك هذا الموضوع للعثماني وبين يدي كل مقالاته حين كان مناضلا ميدانيا في جريدة العصر التي تحذر الدولة من تشويه صورتها وسمعتها دوليا نتيجة استعمال العنف ضد المحتجين... وما يقال للسياسي المغبون يقال لكل الجوقة... بدءا بالرميد.. ووقوفا عند الفقيه صاحب الرسائل الفاصلة فيما بين الكيف و النبيذ من منافع للعبيد...
رسائل يوقعها الجرذان بدل الفرسان... على أوراق لم يستعملها حتى المعتقلون السياسيون في معتقلاتهم ومنافيهم...
رسائل كأنها كتبت على عجل ... وتم تهريبها بواسطة جلاد رحيم...
أعتذر... على هذا الخلط... فما يجيش في الصدر من ألم تعددت صوره حتى اختلط على العقل ترتيب الأفكار...
لنعد.. إلى سي سعيد... فالكوجيطو الديكارتي... يعلمنا... كما علم أبناءك... أن العقل هو المرجع... خارج العقل يتبعثر الوجود...
هل من ضيقت عليه المنافذ وقللت فرص الشغل لذيه، و جعلت له مسارا واحد فقط للتوظيف الوهمي في التعليم... له خيار آخر..؟
نعم فرض عليهم التعاقد... الذي تم التحايل عليه بلغة تقنية ناعمة... سميت القانون الخاص بموظفي الأكاديمية... والحقيقة أنهم ليسوا موظفين... لأن الموظف عرفه قانون الوظيفة العمومية...
والحقيقة أن هؤلاء الذين تم سلخهم وسحلهم بالرباط، معركتهم أكبر بكثير مما يبدو لك مطلبا تقنيا...
هؤلاء الفرسان والفارسان ينوبون عن المجتمع في معركة ضد التدبير الهدام للتعليم بمقاربة المقاولة...
هذه الجبهة تدافع عن قلعة المجتمع الذي تنهال عليها معاول الرأسمالية المتوحشة، وفؤوس الصناديق الدولية والعولمة التي تريد صناعة نموذج ثقافي واحد... وتوزيع أدوار مهنية على العالم... وفق رؤية تحويل العالم الثالث إلى سوق لا غير... وعقوله إلى أدوات للصيانة والاستغلال لا عقول مبتكرة...
إنهم ينوبون عن المجتمع في معركة إنقاذ المدرسة المغربية...
فتسليع التربية، وتحويل الأكاديمية أو المديرية إلى مقاولة... سيرهن مصير المغاربة ويحول التربية إلى مركز كبير للتأهيل المهني وفق حاجيات سوق اقتصادية اصبحت تتحكم في نوعية البحث المعرفي و مخرجات التعليم..
إنه جبهة لإنقاذ المدرسة المغربية... فالتعاقد الناعم بلغة التوظيف الجهوي... إضعاف للفاعل التربوي وتبخيس لوظيفته وبالتالي مسار آخر بدق في نعش منظومة التعليم...
إنه رصاصة تطلق على جسد محتضر...
عذرا... سي سعيد... إنك ترى فقط سطح بنية المشروع الكبير... احفر في العمق... لتجد أن هؤلاء الذين سالت دماؤهم ليسوا مجرد محتجين... إنهم نحن...