أظن أن المشكل في المغرب ليس القاسم الانتخابي، ولكن في القاسـم العبثي الذي هو الفقر، التجهيل، الفساد وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
لأنه كيفما كان القاسم الانتخابي وانعكاساته على المشهد السياسي، فلن يساهـم في زحزحة مرتبة المغرب كدولة هجينة. لا نحن مع أهل الكهف ولا نحن مع أهل السيلكون فالي Silicon vallée.
أنا لا يؤرقني المشهد السياسي مادام هناك مؤسسة ملكية لها عيون لا تنـام، وتسهر على ضمان الأمـن والاستقـرار وضمان المستــوى الأول وحتى الثاني من هرم ماسلو Pyramide de Maslow.
لكن الذي يؤرقني هــو هــذا التضبيع الممنهج للناشئة والتنشئة الاجتماعية والتجهيل البنيـوي للرأسمال البشـري والتفقيـر المقصــود للطبقة المتوسطة.
مند سنوات الثمانينات جربنا كل شيء، الوصفات الطبية لعلاج التخلف لصندوق النقد الدولي، لقاحات التنمية للبنك الأوربي للتنمية USAID. وجربنا كذلك الوصفات المحلية كالمبادرة الوطنية للتنميـة البشرية، صندوق محاربة الفوارق المجالية، المخططات الاستعجالية والبطيئة ...
ومع كل هذا الكم الهائل من توابل التنمية، لم يستطيع قطار الديمقراطية والتطور مغادرة المحطة، وما زالت طوابير المسافرين تنتظر الفرج.
فحتى أبو القاسم الشابي وقصيدته الخالدة لن تستطيع إعـادة الثقة والحماس دون إرادة سياسة حقيقية للإصلاح وتفعيل جــاد لمبدأ ربــط المسؤولية بالمحاسبة.
يجب علي بعض السياسيين الكف عن التهـور وتبني خطابات مزدوجة وملتبسة، فالوطن لا يقبل المزايدات، والمرحلة تفترض رجالات يتمتعون بالكفاءة والاتزان... والأهم من هذا وذاك يحضون بثقة المؤسسات، وخاصة المؤسسة الملكية وتبني ديمقراطية التنمية والقطع مع ديمقراطية الكراسي والشعبوية.
- المهدي جماع، فاعل جمعوي وخبير في الشأن المحلي