على ضوء الجدل الكبير حول القاسم الانتخابي وما أثاره من ردود فعل متباينة ومعارضة الغائب الأكبر فيها هو الرأي المتجرد والموضوعي المبني فعلا على التحليل الملموس للواقع المحسوس.
وجب الإشارة إلى أن التعليل الذي قدمته مجموعة من الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب التراكتور بخصوص التصويت بالإيجاب لفائدة القاسم الانتخابي المرتكز على عدد المسجلين وليس على عدد المصوتين لرد الاعتبار للأحزاب الوطنية وتحديدا حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي اللذان فقدا العديد من قواعدهما والعديد من التنظيمات الشبيبية والنسائية والنقابية والجمعوية.
لكن السؤال المطروح ألا يضرب ذلك عمق الاختيار الديمقراطي الموثق دستوريا؟ثم وهذا هو الأهم من يرد الاعتبار للأحزاب الوطنية هو تفعيل الديمقراطية الداخلية واحترام القوانين الأساسية فالتناوب على المسؤوليات والتجسيد الفعلي لربط المسؤولية بالمسائلة فنظافة الأيادي المسيرة لهذه الأحزاب من كل شبهة مرتبطة بالفساد المالي أو الإداري.
وإذ نسرد هذه المعطيات ليقيننا العميق أن من صوت اليوم لفائدة القاسم الانتخابي سيصوت غدا ضده بناءا على المصالح وليس المبادئ وانطلاقا من التموقع هل من داخل الحكومة أو من خارجها؟لذلك لسنا بحاجة إلى ذبح الهامش الديمقراطي بقدر ما نحن بحاجة إلى تكريس قيم المواطنة التي تتقاطع مع كافة مظاهر الريع النقابي والسياسي والجمعوي وتروم تدبير الشأن العام بالنزاهة والشفافية المطلوبتين بعيدا كل البعد عن التحالفات الهجينة والمصالح الساسيوية الضيقة التي كانت السبب في فشل النموذج التنموي والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.
عبد العزيز الداودي، فاعل حقوقي، و نقابي / وجدة