الأربعاء 17 إبريل 2024
سياسة

محمد شفيق: البيجيدي يؤمن بعقيدة الهيمنة والتغول السياسي بقناع الديمقراطية

محمد شفيق: البيجيدي يؤمن بعقيدة الهيمنة والتغول السياسي بقناع الديمقراطية محمد شفيق
تابع الرأي العام الوطني، أو جزء منه، بكثير من الذهول والاستغراب الموقف المتشنج لحزب العدالة والتنمية من مسألة تعديل القاسم الانتخابي وما تضمنه من عنف رمزي بلغ حد الإخلال بالإتفاق الذي ظل ساري المفعول مند بداية الجائحة، والمتمثل في الحضور المحدود للنواب البرلمانيين لضمان السير العادي للدينامية التشريعية. 
لقد استنفر هذا الحزب جميع أعضاء فريقه بمجلس النواب في شكل "إنزال" استثنائي من أجل المساهمة في التصويت بالجلسة العامة، وكمحاولة أخيرة منه للتأثير على التصويت وتدارك ما أسفرت عنه لجنة الداخلية من نتائج لصالح التعديل.
سيكون من السذاجة، أن نعتبر هذا السلوك صحوة الضمير السياسي، واستحضار للمسؤولية التمثيلية التي يتحملها النائب البرلماني، أو أن المخاطرة بالصحة العامة في زمن الوباء يقتضيها  تقدير مهام الدفاع عن مصالح المواطنين  والإنتصار لقضاياهم. 
فقد تطول لائحة القوانين والمبادرات التشريعية التي تهم قضايا مصيرية للمواطنين وتعنى براهن البلاد ومستقبلها ولم يسبق لهذا الحزب أن تفاعل معها بهذا "الحماس الاستثنائي" سواء في مجال الصحة أو التعليم أو محاربة الفساد، إذ تكفي الإشارة إلى عدد الأصوات وحجم الحضور المحتشم الذي تعرفه جلسات التصويت الخاصة بالقوانين المالية، بالرغم من أهميتها.
لقد أدرك هذا الحزب أن تعديل القاسم الانتخابي يتضمن تهديدا لمصالحه الانتخابية، وأنه سيقلص من حجم الإمتيازات التي راكمها من خلال التواجد داخل البرلمان أو الجماعات الترابية، حيث استفاد مطولا من ضعف الأحزاب القادرة على منافسته كما استثمر بذكاء التعقيد الذي يطبع الاعتبارات السوسيولوجية المتحكمة في العملية الانتخابية، فضلا عن قدرته على تطوير نوع من التدبير الإحترافي للانتخابات، مكنه من تحصين قلاعه الانتخابية والمحافظة على مشاتله التقليدية.
إن التلويح بحماية الديمقراطية، والدفاع عن قيمها، لا يخفي ما تنطوي عليه عقيدة هذا الحزب السياسي من نزوعات نحو الهيمنة والتغول السياسي وما تمثله من ذريعة للاستفادة من استدامة حالة العزوف وضعف المشاركة والتصدي للتعبيرات المجتمعية المغايرة ومنعها من تعزيز تمثيليتها.
إن رد الفعل المتشنج للعدالة والتنمية إزاء تعديل لإجراء تشريعي داخل منظومة الانتخابات يكشف عن إرتباك هذا الحزب وتخوفه من مواجهة الناخبين وإقناعهم بجدوى الإختيارات التي اعتمدها في تدبير الشأن العام، وبجدوى ما ترتب عنها من نتائج، كما يكشف أيضا عجزه عن تقديم عرض سياسي جديد لمغرب ينتصر لممارسة سياسية عقلانية ولمغاربة بوسعهم التمييز بين السياسة وبين ما قد يشبهها. 

محمد شفيق فاعل جمعوي