الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

جمال بوطيب وأحمد شراك يرصدان في "مدارات" تجربة مؤسسة "مقاربات" في العمل الثقافي

جمال بوطيب وأحمد شراك يرصدان في "مدارات" تجربة مؤسسة "مقاربات" في العمل الثقافي الزميل عبد الإله التهاني يتوسط الكاتبان أحمد شراك (يمينا) وجمال بوطيب

في حلقة ليلة الثلاثاء 2 مارس 2021، استضاف معد ومقدم برنامج "مدارات" الزميل عبد الإله التهاني، كلا من القاص والروائي جمال بوطيب رئيس مؤسسة "مقاربات"، والباحث السوسيولوجي الدكتور أحمد شراك، رئيس اللجنة العلمية بنفس المؤسسة، حيث استعراض الضيفان تجربة مؤسسة "مقاربات" في العمل الثقافي، وحصيلتها في مجال نشر الإنتاج الفكري والأدبي، وتنشيطها للحياة الثقافية بالمغرب، فضلا عن إحداث جوائز في مختلف أصناف المعرفة والإبداع.

 

وهكذا استمتع عشاق برنامج حوار في الثقافة والمجتمع، عبر أثير الإذاعة الوطنية من الرباط، بحديث الضيفين عن المشروع الذي أطلقته مؤسسة "مقاربات"، في شكل احتفالية كبرى بشعراء مغاربة وعرب، حددت كهدف لها إصدار ثلاثين ديوان شعري في شهر واحد، بمعدل ديوان شعري كل يوم؛ بالإضافة إلى توقفهما بإسهاب للحديث عن الخط الثقافي لمؤسسة "مقاربات"، والمعايير الفكرية والتنظيمية التي تؤطر نشاطها، وأشكال التعاون التي تجمعها مع القطاعات والمؤسسات العمومية المغربية، وكذا مع المراكز والهيئات العلمية داخل الوطن وخارجه.

 

أرضية تقديم "مدارات" لمؤسسة "مقاربات"

"من خيرات وحسنات المشهد الثقافي المغربي، أنه مشهد مفتوح، تتفاعل فيه المبادرات الخاصة والعامة، مستوعبا لكل الحساسيات في سياق دينامية مطبوعة بتعدد وتنوع المبادرات الحرة والفاعلة، والتي أغنت صورة المغرب الثقافي وتنشيط الحركة الفكرية، والنموذج الناجح مؤسسة "مقاربات" التي تحمل مشروعا فكريا فريدا بعد مبادرتها لإصدار 30 ديوان في شهر واحد (أي بمعدل ديوان في اليوم)، يقول الزميل عبد الإله التهاني.

 

جمال بوطيب ومشروع "مقاربات":

انطلق مشروع "مقاربات" من خلال المجلة التي تم إنشائها سنة 2007، ضمن الإطار القانوني وإجراءات ملف الصحافة، حيث أصدرت 44 عددا بمجهودات ذاتية ومعنوية برفقة ثلة من الباحثين العرب والأجانب، وكانت منطلقا للبحث سنة 2018.

الهدف من مؤسسة "مقاربات" كان هو الخروج بمجلات علمية مهتمة بالبحث العلمي، ووجدنا التفافا حول هذا المشروع للاشتغال في الصناعة الثقافية، بكل تفاصيلها لدعم الحركة الثقافية والبحث والعلمي لجعل المغرب يضم مراكز بحثية.

المؤسسة مثل كل المؤسسات المستفيدة من النشر بدعم من الوزارة ذات الصلة، تستضيف كتابا ومبدعين، وتتلقى الدعم من خلال عقود منظمة ودفاتر تحملات مضبوطة.

 

أحمد الشراك والخط التحريري لـ "مقاربات":

لاشك أن الخط التحرير نعبر عنه بصيغة أخرى تتمثل في الاستراتيجية الثقافية للمؤسسة، علما أن هناك منافسات وعناوين كثيرة في المشهد الوطني، لذلك نجتهد لرسم استراتيجية ثقافية تضيء الطريق، ويمكن قبول المنشورات وإجراءات الفعاليات عبر الذوات، من خلال الكتب الجماعية الدالة والمعبرة.

إن التنوع الثقافي حاضر في الحصيلة الكبيرة، بنفس ينتصر لمقاربة النوع وهو حاضر لدى المؤسسة، حيث أعطيت الكلمة للأصوات النسائية المبدعة للتعبير عن حضورها في المشهد الثقافي، واستجلبت "مقاربات" أصواتا لها حضور، وأضحت رقما لا يمكن تجاوزه في البحث العلمي في المغرب.

 

جمال بوطيب ورهان الشعر:

الجميل أن الأمر يتعلق برهان نسعى لربحه، رغم أنه يفوق إمكانياتنا المادية، وكان التحدي بإصدار 30 ديوان في شهر واحد، بمعدل ديوان كل يوم. هذا العمل له سياقات كثيرة من بينها استصغار الإبداع وأمر المبدع، خصوصا إذا تعلق الأمر بالشعر، مما اعتبرناه حيفا جعلنا نرفع شعار "الشعر يستحق" وكانت المبادرة شعرية عربية لاختيار 30 ديوان. نحن سعداء بالتجربة التي ضمت الكثير من الأسماء العربية وحساسيات مختلفة، لذلك نعتبره رهانا مغربيا على المستوى العربي من أجل خدمة الثقافة العربية.

 

أحمد الشراك وسؤال الأجناس الأدبية الأخرى:

الشعر هو الأصل، ولا ينبغي أن نتنكر له، باعتبار أن الحضور القوي في المشهد المغربي والعربي للشعر منذ قرون (ديوان العرب).. إنها مبادرة نؤكد من خلالها على هذا الأصل، خصوصا أن الشعر أصبح يقاوم بطريقة أو أخرى لدى الكثير من المؤسسات الناشرة بادعاء أن زبناء الشعر قليلون. ومن هنا قررنا إعطاء الأهمية المستحقة للشعراء المغاربة والعرب، وبدأنا بالشعر/ الأصل، لأن هناك أزمة في نشره... وهي مبادرات احتفالية بالشعر تحفز على تعميق حضوره واستمراريته، دون أن نلغي باقي الأجناس الفكرية والأدبية؛ والسنوات المقبلة ستحمل المزيد من السرود والفكر والأدب.

 

جمال بوطيب وحديث عن معايير وضوابط التحفيز والتحكيم:

أعلنا عن إصدارات من كل الأجيال؛ عن كتاب الأديبة مالكة العاصمي، والشاعر الطبال، وعبد السلام الموساوي، وأمينة لمريني... وغيرهم من المبدعين نساء ورجالا. وهذه الرغبة في الاستحقاق كانت دافعا لإحداث عدة جوائز ذات قيمة مالية مشرفة، مثل جائزة المؤتمر، وجائزة أحسن أطروحة، وجائزة المرحوم عبد السلام بوحجر، وجائزة الشاعر محمد السرغيني... والهدف من هذه الجوائز التحفيزية مع شركائنا هو أن ندخل الفرحة على من يستحق، وأن نلتفت إلى من تنكر الزمن لهم(ن)؛ أما بخصوص لجنة التحكيم فإنها تشتغل مع اللجنة العلمية بطريقة نسعى من خلالها وراء المصداقية.

 

أحمد الشراك رئيس اللجنة العلمية وندوة شهر ماي 2021:

 طبعا العلوم الإنسانية والاجتماعية لها حضور قوي في استراتيجيتنا الثقافية، انطلاقا من تأسيس مجلة "مقاربات"، وسيلاحظ المستمع الحضور القوي لهذه العلوم، سواء على صعيد المنشورات أو الندوات الكبرى التي عادة ما يشارك فيها ثلة من الباحثين من العالم العربي؛ لذلك فإن عنوان الندوة الكبرى في شهر ماي 2021 يحيل ضمنيا إلى الجواب الإيجابي على أن هناك دور للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وأنها ليست بعيدة عن المسؤوليات الثقافية في الوطن العربي أو البناء الحضاري في المجتمعات. بمعنى أن هناك انتصارا لفعاليات هذه العلوم في تشخيص الواقع تشخيصا علميا ومحاولة نقد سلبيات هذا الواقع من أجل مجتمع أفضل، ومن تمة الكشف عن أن هذه العلوم لها دور في بناء الحداثة والتقدم وتطور المجتمعات العربية، وهي ليست علوما مختبرية، بل لها علاقات تزاوج مع الواقع لبناء الحاضرة العربية، وستكون هناك مشاركات عديدة تنظر لهذا الإشكال انطلاقا من حساسيات بمختلف تفرعات العلوم الإنسانية والاجتماعية.

 

جمال بوطيب وشراكات "مقاربات":

حجم وطبيعة المهام الثقافية تقتضي عقد شراكات، ويصعب علينا الاشتغال بدونها، لذلك نشتغل بشراكة مع مديريات جهوية وإقليمية في إطار شراكات صغرى مع مؤسسات مدنية، فضلا عن شراكات كبرى، من أهمها شراكة مع دار المنظومة بالرياض، لتيسير الولوج لقاعدة البيانات (معرفة)، على اعتبار أن "مقاربات" عضو في الشبكة العربية التي تضم كل المؤسسات المهتمة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، لذلك يسمح لنا أن ننشر أعمالنا الثقافية ضمن قواعد البيانات العالمية.

مؤسسة "مقاربات" الصغيرة اسما، والكبيرة حبا بفضل أصدقائها، عقدت شراكاتنا كلها تجعل أشغالنا تقوم على فكرة التعاون وتنظيم الأنشطة مع مؤسسات مماثلة في الأردن ولبنان والجزائر وتونس لواء الشبكة العربية) ويمثل مؤسسة "مقاربات" صديقنا الخبير أحمد الشراك بصفته رئيس اللجنة العلمية.

 

أحمد شراك واستقلالية "مقاربات":

تيقن صديقي الفاضل عبد الإله التهاني أن الحساسيات السياسية والإيديولوجية لا حضور لها، بل إن هناك حضورا للحد الأدنى للجودة، وحضور موضوعات فيها جدة وتميز في مبحث أو حقل من حقول المعرفة، وكذلك الحد الأدنى في اللمسات الإبداعية، وننشر لأسماء نتوسل فيها تطورا قادما. لا علاقة للمؤسسة بأي خط إيديولوجي، بل نتوخى الاستقلالية التامة، ولا شيء غير جودة الفكر والثقافة والمنتوج الذي نقدمه للقراء.

 

جمال بوطيب يثمن استقلالية "مقاربات":

استقلالية المؤسسة من استقلالية أعضائها، بتميزهم بانتمائهم لحقل علمي وإيديولوجية الثقافة لا ثقافة الإيديولوجيا، لسنا ضد أحد ولا نتنافس مع أي أحد. أما على مستوى رؤيتنا فترتكز، من ضمن مرتكزات أخرى، على إحداث منصة وقاعدة بيانات... كما أطلقنا المجلة بجرأة وطنية، ونتمنى أن نجد جهات داعمة لهذا الغرض وهو رهاننا الوطني.

 

أحمد شراك وحضور الشباب في برامج "مقاربات":

لاشك أن هناك حضورا قويا للشباب، وتشكل حصة الأسد كفئة عمرية والتي تمتد من 28 سنة إلى حدود 65 سنة كما حددته منظمة الصحة العالمية، لكن دعني أقول بأن مفهوم الشباب التصق في الإعلام الوطني بالمبتدئين، وخصوصا في الجرائد الوطنية التي كانت تخصص منبرا للشباب القادم إلى البحث والكتابة، وكانت وزارة الثقافة قد استحدثت آلية الكتاب الأول للنشر... في "مقاربات" صدرت للباحثين كتبهم الأولى وعناوين في هذا الشأن ضمن منشوراتها، وهذا أمر لافت في المؤسسة تحاول أن تتميز دائما بخلق سلسلات جديدة. كسلسلة اعترافات التي ضمنا فيها دراسات وقراءات وشهادات لمجموعة من الأقلام... وسنحتفي في هذا السياق بالباحث عز الدين الخطابي الذي جمعنا أعماله، وننتظر أن يرفع الحظر الذي فرضته الجائحة من أجل الاحتفاء حضوريا بهذا الرجل لما قدمه من ترجمات وبحث ونقد سينمائي إضافة إلى سلسلات أخرى كالدراسات والأبحاث وسلسلة إبداع التي تحمل عناوين كل الأجناس الأدبية وفي مقدمتها الشعر.

 

جمال بوطيب وأحمد الشراك.. في الحاجة لإعلام ثقافي:

الحاجة ماسة لنا جميعا لإعلام ثقافي يواكب هذه الاشتغالات، ويعرف بها مثل برنامج "مدارات" وهي واحدة من الفلتات الإعلامية؛ لأن مجال الصناعة الثقافية يحتاج أن يكون الإعلام حاضرا في مضمارها، نثمن برنامجكم الإذاعي المتميز، ونتمنى له دوام التألق والنجاح، لأنه حقيقة برنامج يضيء جوانب كثيرة من الثقافة والمشهد الثقافي المغربي.