السبت 27 إبريل 2024
سياسة

بالتمكين الإخواني الوهابي.. المؤسسات الدينية تنقض المشروعية الدينية للدولة

بالتمكين الإخواني الوهابي.. المؤسسات الدينية تنقض المشروعية الدينية للدولة محمد يسف يتوسط وزير الأقاف أحمد التوفيق، ووزير الداخلية وعبد الوافي لفتيت
في جغرافية الحقل الديني، ومع واقع التماهي الحاصل ،لم نعد نلمس الفرق بين المؤسسات الدينية الرسمية والأصولية.
ونفس الشيء في مسألة الاختصاص المؤسساتي،مما يكرس الاعتداء على المجال المحفوظ لأمير المؤمنين.
كما أصبح مسؤولو الحقل الديني، يتصدرون وبدون وجل أو حياء، الانقلاب الناعم على التحملات الحقيقية للمرجعية الدينية للمغرب. 
في متابعة اليوم، سنقف على إشارات لما سبق، من باب تخليص الذمة لا غير.. فمساحة الإنصات تكاد تكون منعدمة، وصولة وعيد الخوارج تملأ الأرجاء.
أما الذين تسري في أوصالهم نخوة الأمة/الدولة في هذا البلد الأمين، فيدهم مغلولة. 
 
 
أولا: سبق أن رتبنا مساهمة رئيس المجلس العلمي بطنجة في نشاط لأذرع حركة التوحيد والإصلاح، ودعوة المجلس العلمي للناظور، ومندوبية الشؤون الإسلامية لإطار معروف في جماعة العدل والإحسان، رتبنا ذلك ضمن الخيط الناظم لأعطاب هيكلة الحقل الديني،" لدرجة أننا لم نعد نلمس الفرق بين الإسلام المغربي والأصولية، بشقيها الوهابي والإخواني.
فالإسلام في المغرب لم يعد يحتفظ بتضاريسه المذهبية، بل تماهى بالمطلق مع الأصولية.
ففي المؤسسة العلمية وجوه أصولية تستدعي وجوها على شاكلتها، وتروج بكل اطمئنان للأدبيات الأصولية.
كما أن جمعيات أصولية تستدعي وجوها من المؤسسة العلمية، وتساهم من داخلها، بدون إشكال، لدرجة أصبح الكل في الكل.
وانتهى أمر إصلاح الشأن الديني، بأن استقر بالمطلق في أحضان الأصولية، مع مساحيق القول بالتدين المغربي للتدليس على المجتمع والدولة". 
فالأموركانت وما زال مضطردة في هذا الباب. وهذه شواهد أخرى: لقد نظمت يوم الجمعة 5 فبراير 2021، حركة التوحيد والإصلاح، جهة الشمال الغربي، عبر منصة زوم على الفايسبوك،" ندوة حول شخصية الداعية والخطيب السيد عبد الله اكديرة رحمه الله".
حيث نلاحظ مساهمة عضو المجلس العلمي الخطيب الدكتور محمد حسن الغربي في هذه الندوة التأبينية لرئيس المجلس العلمي بالرباط.
وهذا التأبين لرئيس مجلس علمي من طرف إطار أصولي، حصل كذلك  في 24 دجنبر 2020، من طرف جمعية رياض القرآن وهي تنظم حفل تأبين الفقيد  محمد السيسي، رئيس المجلس العلمي بمكناس، بمساهمة منتسبي المجلس العلمي، بدون إشكال.
كما سبق أن نظمت ذات جهة "الحركة" وعبر نفس المنصة يومي 16 و17 يناير 2021" الملتقى النسائي الجهوي تحت شعار: "معا من أجل عمل نسائي رائد ومستوعب لرهانات المرحلة.
دورة المرحومة أمينة نافع".
حيث نلاحظ مساهمة مصطفى قرطاح خطيب جمعة بالقنيطرة، المؤطر النشيط بالحركة، الذي يحظى ب"حماية" الإدارة الترابية.
 
ثانيا: ويمكن أن نضيف لهذا التماهي بعدا مؤسساتيا، كالتطاول على الفتوى، من خارج مؤسسة الفتوى، كسعي الأستاذ مصطفى بنحمزة لفرض إرادته على الأموات، بدفن الوجديين على الطريقة الوهابية.
ولم يتورع في ذلك من التدليس ب"الدليل" ، وتزوير  تاريخ وجدة في الدفن. فلولا يقظة البقية الصالحة في هذا البلد،لكان له ما أراد. 
والعنوان الأبرز في هذا، إشراف رئيس الحكومة السابق الأستاذ بنكيران، خارج اختصاصه، على تدشين فرعية  لمدرسة عائشة أم المؤمنين للتعليم العتيق، تابعة وظيفيا لحركة التوحيد والإصلاح.
علما أن التعليم العتيق، الذي  تشرف عليه وزارة الأوقاف، يعتبر من المجال المحفوظ لأمير المؤمنين.وكان موقع "أنفاس بريس" قد علق على تخلفه عن حضور مؤتمر كوب ميد بطنجة، بدعوى عدم توصله بدعوة القصر لذلك، بهذا العنوان: "رفض حضور بنكيران  لمؤتمر طنجة: هل حصل بنكيران على إذن من القصر لاقتحام مدارس التعليم العتيق؟".
وقد بارك  هذا الاقتحام رئيس المجلس العلمي والمندوب الجهوي للشؤون الإسلامية،في حين كان يقتضي منطق الانتصار للمرجعية،عدم الهرولة لذلك، لأن بنكيران لم يكن مأذونا،بل كان في موقع التطاول على غير اختصاصه الدستوري.
كذلك، لما تحدى بنكيران الدولة وهو الرجل الثاني فيها، وتوعدها بابن تيمية كمرجعية دينية له، فقد كان ذلك إعلانا رسميا على الانقلاب على أسس الدولة في المغرب.
وهنا لا بد من الاستشهاد بما قاله الشيخ سيدي أحمد زروق (ت899ه)، في ابن تيمية، لما أنكر "أحزاب" الشاذلي،نورده لمعرفة دور الشاذلية،في حماية خصوصيتنا المذهبية من كل تطاول: "ابن تيمية رجل مسلم، له باب الحفظ والإتقان، مطعون عليه في عقائد الإيمان، ملموز بنقص العقل فضلا عن العرفان".
وهذه مرآة نهديها لمن شاكل أيضا الأستاذ بنكيران، كالأستاذ العثماني ليرى نفسه فيها. 
 
ثالثا: الآن سنلتفت إلى جانب آخر، ويتعلق بنوع الخطاب والسلوك  الذي ينتجه القائمون على الشأن الديني في الفضاءات الدينية. وسنعطي المثال بمسجد سمو الأميرة للاعبلة، الذي افتتحه أمير المؤمنين في عيد العرش 2018.
حيث تم بهذا المسجد  في عيد المولد النبوي، حفل بالمناسبة، لم تشر فيه كلمة رئيس المجلس العلمي والمندوب الجهوي للشؤون الإسلامية ،إلى "العيد".
بل تمت الإشارة إلى "ذكرى" المولد، و"مناسبة" المولد و"حفل" المولد. وهذا المعجم الرسمي/الأصولي في طنجة، والذي يخاصم تاريخ المغرب، تم قبل هذه السنة وبعدها.بل ويتم استداعاء وجوه من حركة التوحيد والإصلاح، لتأطير هذه المناسبة،خارج التقاليد المغربية.
ورغم رمزية هذا المسجد، فإن  لباس وهيأة صلاة القيمين الدينيين، خارج الأدبيات المذهبية.
في حين نقف في خبر افتتاح صاحب الأمر أعز الله أمره، لمسجد للاعبلة على ما يلي: "ويعكس إنجاز هذا المسجد مرة أخرى، العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك للشؤون الدينية وعزمه الموصول على تمكين المملكة من مساجد تزاوج بين عنصري الوظيفية والجمالية، حتى يكون بوسع المؤمنين تأدية شعائرهم في أفضل الظروف".
فما يجري على الأرض لا علاقة له بالمقاصد المولوية في شأن وظيفية المسجد.
لذلك فجميع المنشآت والمشاريع الدينية التي تسهر عليها الدولة أصبحت في واقع الحال،من المجال الحيوي للخوارج عن الإسلام المغربي.
أما بعد، فأمام هذا المسح الذي  طال التضاريس المذهبية للمغرب وقلاعه الرمزية في هذا الباب،وأمام تسويق النافذين في الحقل الديني، لوهم الإصلاح لأمير المؤمنين،والتدليس عليه، يمكن أن نتساءل - مع هذا التمدد الأصولي المريح-عن مآل البقية الصالحة،في رعاية المصالح الخاصة والعامة للمواطنين والدولة: من يتولى التأطير الديني لمؤسسات تكوين أطر الإدارة الترابية، والأمن، والنخبة المولوية، والمؤسسة العسكرية؟
سؤال يمليه الحرص على ضمان اليقظة الموصولة لحماية بيضة الإسلام المغربي.
فالتمدد الأصولي يكاد يبتلع الآن الجميع،مجتمعا ودولة.
"ما لكم كيف تحكمون"؟