الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

قراءة تعيينات المجالس العلمية  في سلم الانقلاب الأصولي على مرجعية إمارة المؤمنين!

قراءة تعيينات المجالس العلمية  في سلم الانقلاب الأصولي على مرجعية إمارة المؤمنين! أحمد التوفيق وزير الأوقاف في قفص الاتهام "بتجيير" تعيين بعض الأصوليين في مجالس علمية
النظر في  تعيينات المجالس العلمية الأخيرة ، في حاجة إلى مستويات من القراءة لمعرفة تقدم المغرب من تراجعه في بناء وتحصين معماره المذهبي الخاص. وأعتقد أن النقاش العمومي، مفيد بالمقياس الوطني المجرد، بصرف النظر عن مواقف المنزعجين منه،  لحصانة مرجعية إمارة المؤمنين، في تحملاتها الحقيقية المنتظمة في تاريخ البلاد.
لذلك، تضعنا هذه التعيينات أمام ملمح من دينامية التمكين للأصولي، وبالتسويق الإعلامي، وبموقعها في منظومة الانقلاب الرسمي على مرجعية إمارة أمير المؤمنين، نجمله من خلال ما يلي:
 
1- نلاحظ في هذه التعيينات، استواء الجميع في خدمة "التموضع" الأصولي المدروس، فهناك نماذج رؤساء، سواء كانوا  أصوليين كما هو الحال في القنيطرة، في التعاطي مع  تغيير حسن العلمي، أو كانوا ضمن "السمسرة" الأصولية في الناظور، في التعاطي مع تغيير محمد أعراب، أو كانوا ممن نتوهم أنهم من أنصار الإسلام المغربي في طنجة، في التعاطي مع تغيير محمد التمسماني. فجميع هذه النماذج في خدمة الأصولية .
حيث تضعنا خلاصة هذا التكثيف لمخرجات تعيينات المجالس العلمية،أمام تكتيك استبدال أسماء الصف الأول للأصولية بتطعيم المجالس بأصوليين من الدرجة الثانية، حتى  يزداد التمدد الأصولي على الأرض توسعا بدون إثارة الانتباه. وهذا المسلك يتوافق مع النهج الأصولي في "التمكين"،على واجهة المجتمع المدني،عبر الاشتغال بوجوه تخفي كثافة التلوين الأصولي، للالتفاف على التوجس الأمني. وإلى جانب هذا، يمكن أن نقف على صنف من تعيينات همت ذوي "التقية" الأصولية، كما هو الحال على رأس المجلس العلمي بتطوان، أو في تغييرات أخرى. وأمام اضطراد تغلغل الثقافة الأصولية في النخبة الدينية ، سيكون الجميع غدا في خدمة الأفق الأصولي وبدون رتب الروابط التنظيمية.لذلك فالمغرب ينتظره الأسوء ،في غياب مشروعه الديني الوطني المستقل.
ومع ذلك،قد نتفهم هنا، لما يعمد رؤساء أصوليون ،حينما يتقرر تغيير بعض الأسماء من بني جلدتهم، إلى تغييرها بأسماء أخرى من نفس التوجه. لكن لا نتفهم لما يسارع رؤساء نخالهم على مقتضى الإسلام المغربي، إلى خدمة التموضع الأصولي. فهذا الانبطاح للأصولية،يعبر عن اهتزاز في الشخصية. أما "لطائف الإشارات "في باب الانفتاح فيجب أن تظل لتقدير صاحب الأمر، وإلا فإن الجميع سيبقى يمارس السياسة في الدين لاعتبارات شخصية أو فئوية.

 
2-إلى جانب هذا المستوى في الرصد، هناك مستوى آخر مجالي بالنظر إلى جغرافية البلاد، حيث نلاحظ تحديدا في الجنوب،أنه انطلاقا من سوس يعمد الرؤساء المحسوبون على الأصولية ،إلى مزيد الضخ في عضوية المجالس،لاقتحام بوابة الصحراء. وكان هذا التمدد قد أثمر من قبل وجود الأصولية على رأس المجلس العلمي بكلميم،ليثمر هذه المرة وجودا أصوليا على مستوى العضوية.ليصل هذا التمدد إلى العضوية بالعيون،والحبل على الجرار.وهذا يعني تسجيل الزحف الأصولي بالصحراء.ويذكرنا هذا البعد في التمدد على مستوى المؤسسات الميدانية، ببرنامج "ميثاق العلماء"، حيث عمم الأصولية على كل المغرب، بادية وحاضرة،في وقت كانت البادية المغربية محصنة نوعا ما من الاختراق الأصولي. وإذا أضفنا إلى هذا، التعليم العتيق وبرنامج محو الأمية، فإن هناك تخمة في الثقافة الأصولية في البلاد، يصعب هضمها.ومع ذلك فليس للنهم الأصولي حدود، إلا بتحقيق دولة الخلافة. 
 
3- على مستوى التسويق الإعلامي،لاحظنا أنه في 22 أكتوبر 2020،وجود مادة خبرية  موحدة تم نشرها في  أكثر من موقع الكتروني ،مما يبين انخراط مطبخ وزارة الأوقاف، في تجيير عملية تعيين بعض رؤساء المجالس العلمية. وسبق أن وقفنا في أعقاب تعيين أعضاء في مجالس علمية، في موقع إلكتروني على زعم "ظهير ملكي ينهي هيمنة الذراع الدعوية  للبيجيدي على المجالس العلمية".ويمكن أن نضيف إلى هذه المزاعم،  أن هذه التعيينات "تميزت بحضور بعض من المحسوبين على التيار الصوفي الذي ينتمي إليه الوزير"،علما أن عدد المحسوبين على المشرب الصوفي لا يتعدى 3 أعضاء من أصل 179 تعيينا.وبهذا يكون  وزير الأوقاف قد  خذل المشرب الصوفي في البلاد، حيث المستفيد الوحيد من تعييناته هو الأصولية. وبهذا  الخضوع أصبحت وزارته كذلك، في موقع معاداة القوى الديموقراطية.
 
4-وإذا أضفنا إلى هذا المخطط لإحكام السيطرة الأصولية على مستوى البنيات والخطاب، اعتبار كل حديث عن الوجود الوهابي والإخواني، في الحقل الديني من السر المهني الذي يحظر قوله، ويعرض صاحبه للعقاب. وكذلك تطبيق توجيهات الوزارة بمضمون تحييد المساجد عن الرهان الأصولي،يجعل صاحبه في موقع التأديب. بل إن حتى مقص الرقيب في التلفزة يطال كل لمز للأصولية، وكأننا بلد تابع بدون سيادة مذهبية.وإذا أضفنا إلى هذا أيضا، ندوة المجلس العلمي الأعلى حول السلفية، وبخلاصتها السياسية كما حددها الشيخ محمد زحل،أدركنا أن تعيينات المجالس العلمية، تمثل خطوة متقدمة ضمن منظومة الانقلاب الناعم على مرجعية إمارة المؤمنين،والمشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي للملك/أمير المؤمنين.
 
أما بعد، فالأمر في قعر المرآة  لا يقف عند هذا الحد،بل حتى في مقام حضرة صاحب الأمر، تم في درس رمضاني تجريم الحداثة دينيا، وهو الذي بشر المغاربة في مستهل عهده ب"المشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي" ، وبالتزام "لا ديموقراطية بدون ديموقراطيين". وفي درس آخر تمت الوصاية الأصولية عليه، وهو كبير أهل البيت الوارث لميراث النبوة. "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في  الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون".