الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: ابتلينا بمسؤولين لا يجيدون سوى صناعة الوهم والفوضى

إدريس المغلشي: ابتلينا بمسؤولين لا يجيدون سوى صناعة الوهم والفوضى إدريس المغلشي

في خضم النضال الدائر رحاه في الساحة التعليمية، والذي لا يخفى على أحد، وهو أمر بديهي وطبيعي مع ما تعيشه الساحة من ردود فعل متفاوتة هنا وهناك؛ تخفت وتخبو هنا كنار هادئة لكنها تثور وتنتفض كموج هادر هناك.. متقلبة لا تعرف الاستقرار.. الكل أصبح يعيش وضعا متوترا دون أن يجد لمطالبه آذانا صاغية تعطي لكل مستصرخ فرصة اسماع صوته فقط. نريد البوح بمشاكلنا التي لا تنته في عوالم من المفارقات العجيبة فلا نجد من يجيد الاستماع. عالم من الصم الخادمين لمصالحهم الشخصية. حين تخرج أفواج من المتضررين للاحتجاج فليس خروجها للنزهة كما يعتقد البعض ولا هروبا من واقع مأزوم خوفا من المواجهة، بل في حقيقة الأمر هناك إدارة متخلفة تعتقد بغلق أبواب الحوار والتعنت وسياسة الهروب للأمام من أجل ربح مسافة من الزمن المسروق قهرا من أعمارنا حتما سيساهم في تعقيدات ونتائج كارثية لاشك أن تداعياتها ستلقي بظلالها لمدة ليست باليسيرة.

 

لقد ابتلينا بمسؤولين لا يجيدون سوى صناعة الوهم والفوضى وإرباك الساحة فاقدين لجرأة القرار والقوة الاقتراحية الكفيلة للحد من توتر الساحة وضمان بيئة مستقرة ضامنة لنجاح الأوراش. إنهم لا يفكرون سوى في البقاء لأطول مدة بالمسؤولية، بل منهم من صرح لأحد الإخوة في حوار عابر أن قياس النجاعة رهين بمدة البقاء في موقع المسؤولية في تغييب كامل لمؤشرات أخرى أكثر وجاهة. لا يمكن أن ننسى عاملا أساسيا كثيرا ما تكلمنا عنه في ظل الظروف الحالية وإشكالية وحدة الساحة النقابية لضبط  منهجية التدبير تحت مسؤوليتها ورقابتها.. لا يعني دائما الصمت أن الأمر على ما يرام فكثير من لحظات السكون تثير أسئلة مقلقة لم نجد لها جوابا لحد الساعة.

 

في رحلتي الأخيرة مع  بداية الأسبوع الحالي للعاصمة، مجسدا موقفا نضاليا، آلمني مشهد لحد الصدمة، جعلني في حالة مساءلة للواقع الحالي والتردي الذي طال جميع القطاعات، وأخص بالذكر القطاع الذي من أجله نناضل، التعليم .

 

هل فعلا نحن في دولة مؤسسات وأمام وزارة تعليم مسؤولة أخلاقيا قبل التطرق للقانون وتبعاته؛ أم في ضيعة لا حسيب فيها ولا رقيب؟؟ كثيرا ما أشرت في حوارات مواكبة لحالة التشرذم وهزالة خلاصات ومخرجات الحوار بين النقابات والوزارة، أن القرارات كنتيجة عوض أن تكون مطمئنة ومفرحة أصبحت تفرز في الآونة الأخيرة صدمات وخيبات أمل بل إحباطات وغياب الثقة في كل المكونات مما أصبح يشكك في هذا المسار على الأقل منذ 2012.. هل فعلا ندبر المشاكل بنوع من المسؤولية ومراعاة مطالب ومشاعر من ضحوا بزهرة شبابهم في قطاع لا نختلف أن على أكتاف جنوده الأوفياء نهض، دون أن ينالهم نصيب أو حظ من الاعتراف؛ في زمن شحيح بامتياز وفي ظل غياب الإمكانيات.

 

أول مشهد آلمني ضحايا النظامين (2003/1985) وهم يلتحقون بمنطقة الاحتجاج يجرون وراءهم سنوات من القهر. أجساد متهالكة أنهكتها السنون وقهرتها الأمراض لكنهم رغم تقدمهم في السن ما زالوا يتمتعون بحيوية قل نظيرها وبمعنويات عالية لقد أصروا على أسماع صوتهم رغم كل الأبواب الموصدة.. يناضلون بشراسة ومرافعة قوية ضد القهر الذي تعرضوا له وهم يعيشون أواخر مراحل مسارهم المهني مع وزارة لئيمة لا تعترف بالفضل لمن أفنوا شبابهم في مسار مهني ملتهب ومازالوا.

 

لن يجادل أحد في كون الوزارة من خلال إجراءاتها الأخيرة تكيل بمكيالين .

 

هل يعقل أن تغادر هذه الفئة القطاع وفي نفسها شيء من حتى مشتتة ومجزأة بين تصنيفات وحسابات لا تخضع لمنطق؟

كيف يعقل أن تكون قرارات بعناوين تحمل تدليسا ومناورة وغير منصفة وتحدث غصة لجيل كان أمله الوحيد أن يختتم مشواره بشيء يفرح؟

 

مع كامل الأسف سياساتنا لا تجيد المواقف النبيلة لأن قسمتها الأخيرة لم تكن منصفة تفتقر للمسة إبداع تليق بهذه الفئة  التي يحلو للبعض نعثها بشيوخ التعليم .

قسمة غير منصفة وغير عادلة يجسدها مؤشران بسيطان جديران بالتأمل لنقف على الحيف الذي لحق ضحايا النظامين..

- الأول: عدم احتساب التسوية في المعالجة داخل ثمان السنوات كأقدمية لضمان دوامها بعد التقاعد وهو أمر مدبر .

- الثاني: اللعب على الأرقام والنسب ليس لتصفية المشكل بشكل نهائي ليضمن تكافؤ الفرص بل للتعسف على حقوق غاب فيها البعد الإنساني والاجتماعي للجيل الذهبي الذي قدم خدمات جليلة للقطاع؛ لكن لا حياة لمن تنادي.

 

كيف نثق في وزارة جاحدة لدور أبنائها وهي تقوم بتسوية غير متكافئة بينهم؟

 

فلتسقط كل الشعارات الجوفاء لأننا أمام قسمة ضيزى... وتحية عالية لمناضلات ومناضلي ملف ضحايا النظامين على صمودهم البطولي.