السبت 27 إبريل 2024
مجتمع

إدامين: كيف يستقيم فحص شرعية القانون الأساسي لجمعية الربابنة  بعد حوالي نصف قرن؟

إدامين: كيف يستقيم فحص شرعية القانون الأساسي لجمعية الربابنة  بعد حوالي نصف قرن؟ الجمعية المغربية لربابنة الطائرات تأسست سنة 1971
وصف عزيز إدامين، الناشط الحقوقي، ملتمس النيابة العامة بالمحكمة المدنية بالدار البيضاء التصريح ببطلان جمعية ربابنة الطائرات بأنه "ضال" عن الدستور وعن الحقوق والحريات.
وأضاف الناشط الحقوقي، أن ما استندت عليه النيابة العامة يبقى واهيا، وبخصوص الذريعة المتعلقة بـ"فحص شرعية" القانون الأساسي للجمعية، هي ذريعة واهية، لكون فحص الشرعية يكون قبل التأسيس النهائي للجمعية، وهو ما جعل المشرع المغربي، بناء على المادة 5 من قانون الجمعيات كما تم تعديله سنة 2009 بناء على القانون 07.09، يعطي للنيابة العامة، وفق الفقرة الأولى، أجلَ 60 يوما لإبداء الرأي عند الاقتضاء، بناء على طلب السلطة المحلية.
وفي حالة استيفاء الشروط، فإن الجمعية، بعد انقضاء 60 يوما، تصبح أمرا واقعا بقوة القانون، وهنا لابد من الإشارة إلى كون الجمعية المغربية لربابنة الطائرات تأسست سنة 1971، فكيف يستقيم فحص شرعية القانون الأساسي للجمعية بعد حوالي نصف قرن؟
أما بخصوص الذريعة المتعلقة بنشاط الجمعية، كونها طلبت من منخرطيها التبرّع بمبالغ مالية معينة، الأمر الذي اعتبرته النيابة العامة مخالفاً لمقتضيات المادة 6 من قانون الجمعيات. لكن، بالعودة إلى المادة نفسها، فهي تسمح للجمعيات بجمع تبرعات من أعضائها كاشتراك سنوي، أو واجبات الانخراط وغيرها، ومقدار هذه التبرعات شأن داخلي للجمعية، ولا حق، نهائيا، ولأية سلطة كانت، أن تتدخل في الأمر، فهو شأن يهمّ أعضاءها.
أما مبررات أن نشاط الجمعية يتداخل مع النشاط النقابي، وبعد القول إن "تنظيم إضرابات" أو "تقديم مطالب مهنية وملف مطلبي"، أو "الترافع من أجل التراجع عن تسريح 65 طيارا"، أو "توقيع مناقشة وتوقيع الاتفاقيات الجماعية وعقود الشغل والتحسيس بتطبيقها"، وكل أنشطة كانت تقوم بها الجمعية مع الجهة المشغلة منذ سنوات طويلة، نطرح السؤال حول الحدود الفاصلة بين ما هو نقابي وما هو جمعوي؟ إذ إن النيابة العامة، غدا، قد تجتهد، مرة أخرى، وتطالب بحل "جمعية ما"، لكون نشاطها يتداخل مع ما هو سياسي (قانون الأحزاب)، أو ما هو إعلامي (مدونة الصحافة والنشر)، أو ما هو تشريعي (قانون ملتمسات التشريع)، أو تشاركي (قانون العرائض)...
وشدد عزيز إدامين على مسألة الحق في التنظيم وحرية التعبير، إذ تنص المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه "لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه"، تؤكد هذه المادة أن النقابات هي شكل من أشكال الجمعيات، وتتساوى الجمعية مع النقابة في الحقوق والواجبات وفي آليات الاشتغال، إلا في ما يتعلق بشأن منظمة العمل الدولية، التي لا تقبل في عضويتها إلا النقابات المهنية، لكونها تتمتع بحماية إضافية من قبل هذه المنظمة الأممية، وليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخلّ بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية (الفقرة 3 من المادة 22)، وهو نفسه ما ذهبت إليه المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أما الجمعيات المهنية فهي معترف لها بالدفاع عن مصالح الفئة التي تمثلها، ولا يمكن تقييدها بأي تدابير تشريعية إلا للضرورة القصوى.
تنص اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، الاتفاقية (رقم 87) المعتمدة في المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية لسنة 1948 على ما يلي:
• للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق. (المادة 2).
• لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها، وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحُول دون ممارستها المشروعة. (المادة 3).
• لا يجوز للقانون الوطني، ولا للأسلوب الذي يطبق به، انتقاص الضمانات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. (المادة 8).
وتبقى المادة 10 من هذه الاتفاقية واضحة في ما يتعلق بشكل المنظمة المهنية، بالتنصيص على "يراد بكلمة (منظمة) أية منظمة للعمال أو لأصحاب العمل تستهدف تعزيز مصالح العمال أو أصحاب العمل والدفاع عنها". ونسطر بالخط العريض على كلمة "أية منظمة"، أي الشرط الشكلي، بحيث يمكن أن تكون هذه المنظمة مؤسسة على شكل نقابة أو جمعية أو أصلا ليست لها شخصية قانونية، حيث نصت المادة 7 من نفس الاتفاقية على أنه "لا يجوز إخضاع اكتساب منظمات العمال وأصحاب العمل للشخصية القانونية لشروط يكون من شأنها الحد من تطبيق أحكام المواد 2 و3 و4 من هذه الاتفاقية"، والشرط الموضوعي هو: "تعزيز مصالح العمال أو أصحاب العمل والدفاع عنها".
وتجدر الإشارة، هنا، إلى كون المغرب لم ينضم بعد لهذه الاتفاقية، وما استحضارها، في المقالة، إلا لسببين، الأول لتحديد مفهوم المنظمة المهنية أو العمّالية من الناحية الحقوقية وليس ومن ناحية التشريع المغربي، والسبب الثاني يمكن، باستثمار هذه النازلة المتعلقة بملتمس النيابة العامة لحل جمعية مدنية، الترافع من أجل مصادقة المغرب على اتفاقية العمل النقابي رقم 87.
والإشارة الثانية، أن المغرب ملزم بقرارات منظمة العمل الدولية، التي تجبره على احترام حق العمال في تكوين الجمعيات المهنية، سواء صادق على اتفاقية العمل رقم 87 أو لم يصادق. (تقرير المقرر الخاصة المعني بالحق في التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات المؤرخ بـ7 غشت 2018، الفقرة 59).
وبالعودة إلى الشرعة الدولية الغنية بالنقاشات، بخصوص هذا الموضوع، نشير فقط إلى تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات الصادر بتاريخ 4 غشت 2015 حول نشاط الجمعيات والمؤسسات التجارية وتحسين البيئة، التي تعمل فيها الجمعيات، حيث جاء في معرض تقريره للأمين العام للأمم المتحدة: "إن الحق في حرية تكوين الجمعيات يشمل الحق في تشكيل النقابات العمالية والانضمام إليها، وتتحمل الدولة المسؤولية الأولى التي بموجبها ألا يؤدي تحسين بيئة العمل إلى حرمان العمال من هذا الحق".