الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

العزف على أوتار الحساسيات الفنية والصلات الموجودة بين سائر أنماط العيطة المغربية (2)

العزف على أوتار الحساسيات الفنية والصلات الموجودة بين سائر أنماط العيطة المغربية (2) شيخ الشاوية (الكفيف) مصطفى لبصير مع الأستاذ عبد العالي بلقايد(يسارا)

نزولا عند رغبة عشاق الموروث الثقافي الشعبي على مستوى تراث فن الطرب والإيقاع، بتعدد أنماطه العيطية، قررنا في جريدة "أنفاس بريس" نشر سلسلة من المقالات في هذا الشأن في علاقة مع مفهوم "المشيخة" كموقف تعبيري عن الذات .

مقالات قامت بصياغة مضمونها مجموعة البحث بتنسيق مع الأستاذ عبد العالي بلقايد، انطلاقا من قاعدة أن "العيطة لا تشير إلى الواحد، بل هي متعددة بتعدد صيغ القول والغناء التي تتعدد بتعدد صيغ القول والأداء، التي تتعدد وتتنوع بتنوع أمكنة القول والطرب".

في الحلقة الثانية من هذه السلسلة نقدم لقراء الجريدة ورقة اخترنا لها عنوان: "العزف على أوتار الحساسيات الفنية و الصلات الموجودة بين سائر أنماط العيطة المغربية".

 

الشيخ بوجمعة المخلوفي، من الشيوخ الذين أجادوا لون الساكن، والمرساوي، وكدا الزعري. واشتهر بإتقانه لساكن "بويا عمر" أحد صلحاء منطقة تساوت التي تعتبر مجاورة للحوز، وتتقاطع معها في الكثير من الأنماط الثقافية، بل هي جزء لا يتجزأ من منطقة الحوز على المستوى الثقافي.

طابع الساكن ميزة وإن كانت تؤدى بالآلات النفخية، فهي مطواعة للآلات الوترية، وخصوصا آلة لوتار، كما هو الحال عند الثنائي قشبال وزروال، أو الشيخ ولد قدور، وجميع الشيوخ الفنانين المشهورين بالبهالة، بمنطقة العلوة منبت الصلحاء الذين يأسرون قلوب فناني الشاوية.

الإختيار (النموذج) نتغي من خلاله تبيان الصلات الموجودة بين سائر الأنماط المغربية على طول خريطة الوطن التي كانت واحدة ، والتي عملت في نشأتها كل الحساسيات الفنية المغربية.

حين نقدم الشيخ بوجمعة المخلوفي، فغايتنا إبراز الجيل الثاني من شيوخ العيطة الحوزية، الذي قدم تشكيلات جديدة في إطار الأغنية الحوزية كما قدم "تعريضات" جميلة، قد تكون بالموازاة مع ما قدم عبد الكبير الصنهاجي ـ الشيخ الحوزي الثاني ـ ابن قلعة السراغنة رحم الله، الأرضية الغنائية التي اعتمدها رواد الأغنية الشعبية الحالية، و بها ومن خلالها تمكنوا من حيازة انتشارا وذيوعا كبيرا.

نغتنم هذه الفرصة لكي نفتح بعض الأقواس حول الغناء الشعبي، ومنه بالأخص العيطة، وتحديدا "المرساوية" التي تعالقت مع العيطة "البلدية" أو "الفيلالية"، شأن العيطة "الحصباوية"، تعالقا ملحوظا من خلال عيطة "الحداويات" التي تعتبر نصا مؤسسا، أو العيطة الماجور في العيطة المرساوية. فلا يمكن للفرجة أن تفتتح إلا بعيطة "الحداويات".

نفس الأمر ينسحب على العيطة الحوزية التي كانت فرجة البدايات لا تستقيم إلا بعيطة "رجال لبلاد"، والراجح أنها عيطة فيلالية، ولكن هذه العيطة في الطريق للإنقراض من العيط الحوزي. و "حبَّها" لم يبق محفوظا من طرف الشيوخ، كما أن الطلب عليها قل منسوبه.

للعيطة المرساوية ميزة الإنتاج الكثير كما وكيفا، وهي بذلك تتميز بهذه الميزة عن باقي العيوط.

الحلقة الثالثة ستتمحور حول : "المشيخة" كتعبير عن الموقف في فن العيطة المغربية