الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الإخصاء الكيميائي لمغتصبي الأطفال.. بين الجريمة والعقاب!!

الإخصاء الكيميائي لمغتصبي الأطفال.. بين الجريمة والعقاب!! مقتل الطفل عدنان بعد اغتصابه في طنجة زلزل المغرب
‎ خصصت جريدة «الوطن الآن» ضمن عددها الحالي، تغطية خاصة لمقتل الطفل عدنان بعد اغتصابه في طنجة، وساءلت حقوقيين وفقهاء وعلماء اجتماع وأطباء بخصوص ما يطرحه الرأي العام من عقوبة مناسبة لبشاعة الجرم المرتكب، ومن بينها الإخصاء الكيميائي، وفي هذا الصدد أكد محمد الخضراوي، نائب رئيس مجموعة استقلال السلطة القضائية بالاتحاد الدولي للقضاة أن ظاهرة اغتصاب الأطفال أصبحت مقلقة للجميع، آباء ومجتمعا مدنيا ومسؤولين حكوميين، وكذا قضاة. وزاد القلق، حينما أصبحت أفعالا إجرامية متسلسلة، تقترن أحيانا بالاختطاف أو الاحتجاز أو التشويه، وأحيانا القتل، مما يستوجب ضرورة ابتكار أساليب أكثر ردعا لهؤلاء المجرمين، الذين يكونون أحيانا ذوي قرابة قد تصل إلى الأبوة، ظاهرة أصبحت أشد خطورة مع إدمان الأطفال على الأنترنت وضعف الرقابة على هذا الاستعمال حيث أصبحوا عرضة للاستدراج وضحية لشبكات وأشخاص محترفون لهذا النوع من الإجرام.
وشدد الخضراوي على أنه حان الوقت للتفكير في عقوبات أكثر ردعا من تلك المعمول بها حاليا، والتي يراها البعض مخففة إلى حد كبير. من هنا فبعض الدول الضاربة في القدم والحضارة، لن تكون أكثر منا احتراما لحقوق الأطفال، عندما ضمنت تشريعاتها عقوبة الإخصاء الكيميائي لمغتصبي الأطفال. وعليه أرى شخصيا أن تبني عقوبة الإخصاء  يمكن ان تكون أحد المداخل لتحقيق الردع المطلوب، ومنع حالات العودة إليه.. معتبرا أن الأمر لا يتعلق باستئصال الخصيتين، وإنما حقن الجهاز التناسلي بمواد كيميائية تؤدي إلى ضعف الأداء الجنسي بشكل كبير، وتمنع إفراز الحيوانات المنوية، والتخفيف أو القضاء على الرغبات الجنسية.. ولا يعني بأي حال من الأحوال قطع النسل، أو التسبب في العقم التام. ويمكن لعملية الإخصاء الكيميائي أن تكون لمدة معينة حسب خطورة الفعل المرتكب، ومدى اقتران الاغتصاب بجرائم أخرى. فهناك دول تلجأ لهذه العملية لثلاث سنوات أو أكثر في حق الجاني.. وفي حالة انتهاء المدة المحكوم بها «طبيا» على الجاني، يمكنه أن يعود لحالته الجنسية الطبيعية، إذ لن تتسبب له في مضاعفات جانبية.
 
 
وبخصوص الرد على بعض الأصوات التي تعتبر الإخصاء نوعا من العقاب غير الإنساني، ويمس بحق من حقوق الإنسان، أوضح الخضراوي أن مسألة حقوق الإنسان، غير مرتبطة بطرف دون طرف. فالحقوق ليست مكفولة فقط للجناة، وإنما للضحايا أيضا. فالمجني عليه في حالة الاغتصاب هو أيضا إنسان، طفلا أو امرأة، ولا يمكن استبعاد حقه في العدالة، وإنزال أقسى العقوبات في من تسبب له في جرح معنوي أو جسدي. ولنا أن نوازن في جرائم الاغتصاب أو القتل بين حقوق الجاني والمجني عليه، ونرى أيهما بالفعل أحق بحقوق الإنسان..
ومهما يكن من رد فعل إيجابي أو سلبي من إنزال عقوبة الإخصاء الكيميائي على مغتصبي الأطفال، فنحن نهدف لحماية المجتمع، وخصوصا الأطفال، وحماية الأمن العام والأخلاق العامة، دون التراجع عن أي حق من حقوق الإنسان، سواء كان فاعلا أو ضحية.
من جهته سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن مسؤولية حماية الأطفال من الاغتصاب تظل مشتركة بين عدد من محاضن ومؤسسات التربية والتنشئة منها لا للحصر: الأسرة والمدرسة والمحيط العائلي والنادي الرياضي وجمعيات الطفولة والكشفية والبيئة المجتمعية بما فيها وسائل التواصل والاتصال (التلفزة والمحطات الإذاعية) والتجمعات السكنية.. ولتعميق دور الأسرة في مكافحة ظاهرة اغتصاب الأطفال يتوجب لزاما على أفراد الأسرة أن ينخرطوا في آليات وأدوات تحسيس الطفل وتربيته على عدم الوثوق بالغرباء ومرافقتهم والتفاعل مع إغراءاتهم ودعواتهم مع أن الخطر يظل قائما لا سيما عندما يكون المغتصب ينتمي إلى المحيط العائلي (زنا المحارم) أو السكني للطفل كما وقع في حالة الطفل عدنان. 
واعتبر بنيس أن الحاجة أضحت ماسة لمناظرة وطنية تجمع مختلف المتدخلين (الفاعلين المدنيين والسياسيين والمسؤولين والخبراء والآباء والضحايا وذويهم...) من أجل تشخيص أسباب جريمة الاغتصاب لاقتراح خطة إجرائية لمواجهة هذه الظاهرة ولخلق مصالحة مجتمعية ترتكز على تنشئة مواطنة لحماية الأطفال من خطر الاغتصاب والجريمة الجنسية. لهذا وجب تحديد المؤشرات الموضوعية للتعاطي مع مقولة "الطابو" والمحظور في المسألة الجنسية مع ضرورة الحفاظ على الأمن القيمي لا سيما أن بعض المواقع والمنتديات الجنسية أصبحت المنهل رقم واحد للشباب المغربي لبناء ثقافته الجنسية. انطلاقا من هذا المعطى، ينمي الشاب أو الشابة موقفا انهزاميا من محيطه الآني (العائلة) ومجتمعه المحلي (المغرب) ليتحول هذا الموقف إلى الازدراء والاستهزاء بالرصيد المعرفي لمجتمعه وتفضيل وتمجيد نماذج وأيقونات غريبة عن بيئته. إذا من المتوخى الانكباب على ظاهرة اغتصاب الأطفال والتفكير في بحث وطني يرصد أسبابها ودوافعها ودلالاتها ومدى فشل التنشئة المجتمعية في الحد من انتشارها.