الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: وبه وجب التنبيه

عبد الإله حسنين:  وبه وجب التنبيه د.عبد الإله حسنين
عدد كبير من الأشخاص الذين لم نتعود على قراءتهم في الأزمان الماضية سمحوا اليوم لأقلامهم بالكتابة دون عنوان في زمن الحجر الصحي، وسمحت لهم أزمة كورونا بالاستطراد اللغوي دون حسيب ولا رقيب، وبإعطاء الدروس يمينا ويسارا وباستخلاص العبر طولا وعرضا وبإطلاق الأحكام الجاهزة دون مسؤولية ولا رقابة ذاتية وبالخلط بين القراء والمسؤولين، وبين الكتاب والأميين، وبين المتطوعين عن إيمان وتربية والمطوعين من طرف الدولة وآلياتها.
فهناك من ينادي عن اقتناع ومسؤولية بالتعبئة المجتمعية الفعالة من طرف المجتمع المدني، ويؤكد على حاجة المجتمع المغربي إلى تطوع مواطنيه وخصوصا فئات الشباب، بل ينادي القوى الوطنية الحية إلى التعبئة واليقظة والانخراط في المجهود الوطني لمحاربة وباء كورونا والانتصار على تداعياته ونتائجه الاجتماعية والنفسية والتربوية والثقافية والاقتصادية.. وهناك من يرمي بسباته التاريخي على الآخرين وبفشله السياسي على الأقلام النظيفة دون أن يجعل الفرق واضحا بين زيد وعمر ولا بين الماضي والحاضر..
فبين كتابة متأنية نيرة ترتكز على الفكر التربوي المعاصر ولها مرجعيات التربية الشعبية الملتصقة بالواقع الحقيقي للمجتمع المغربي وتعتمد على خلاصات وتراكمات التجارب المغربية في التربية الديمقراطية والتنشيط الحر والتطوع كأساس لوجود واستمرار الحركة الجمعوية، وكتابة تحت الطلب تنتقد كلما هو موجود على أرض الواقع وتقدم بدائل مستعصية التنزيل وتراقب من يشتغلون بحسن نيتهم لأهداف نبيلة تجاه المجتمع وتنوه بكل ما يعتبر جديدا ولو كان على حساب الطفولة والشباب؛ هناك فرق ثقافي كبير وحرب نفسية خفية ستظهر نتائجها في مجتمعنا في المرحلة القادمة التي سميناها في مقال سابق بمرحلة ما بعد كورونا.
لقد سممنا نفسيات أطفالنا وشبابنا من خلال سياسة التردد في اتخاذ القرارات التي لها علاقة بمستقبلهم لمدة طويلة، ونطلب منهم اليوم المشاركة في الخدمة المجتمعية التطوعية المواطنة والمسؤولة، وجعلنا من جمعيات المجتمع المدني آلية موازية لعمل الدولة والمنتخبين في الأوقات العادية وحين فشلت الدولة وغابت مؤسساتها الترابية والمنتخبة رجعنا للمبادرات التطوعية ودينامية الفئات الشابة وواجب انخراطهم في العمل الإنساني والتضامني وكأن الأمر يتعلق بحملة موسمية وليس بعمل استراتيجي يجب الاهتمام به ورعايته طيلة السنة.
يجب تعبئة الفاعلين المدنيين لاسيما في أوساط الشباب ومنظماته، ويجب ترسيخ ثقافة التطوع والتضامن والخدمة العامة، ولكن يجب أيضا وخصوصا دعم الشباب ومنظماته من خلال سياسات عمومية تشاركية قادرة على تصريف متطلباته اليومية وحاجياته المتزايدة يوما عن يوم، وضامنة لخارطة طريق واضحة لا تترك لكل من هب ودب الكتابة بأقلام جافة لا تراعي الحقوق الدستورية ولا تدافع عن مكانة الطفولة والشباب كاستثمار أساسي لمستقبل بلدنا وكأمل مستمر لتحقيق أهداف أساسية تتجلى في إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة تحديات اليوم وبناء مستقبل أفضل.