الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

جمال المحافظ :أسئلة اليوم العالمي للشباب وذكرى الجابري

جمال المحافظ :أسئلة اليوم العالمي للشباب وذكرى الجابري جمال المحافظ

تحت شعار" إشراك الشباب من أجل تحفيز العمل العالمي"يتم تخليد هذه السنة اليوم العالمي للشباب الذي يصادف الثاني عشر من كل سنة، ويشكل مناسبة لتسليط الضوء على قضايا الشباب وطرح مشاكله في مختلف المجالات،فضلا عن أن هذه المناسبة تعد لحظة للتفكير حول ماهي الأليات والسبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى اشراك الشباب في صناعة واتخاذ القرار وبلورة السياسات العمومية.

الاحتفال بهذا اليوم الذى أقرته الأمم المتحدة في قمتها المنعقدة ما بين 8 و 12 غشت سنة 1998 بالعاصمة البرتغالية لشبونة ،يعد في البلدان المتقدمة، كذلك فرصة لإسماع صوت الشباب والتعريف بأنشطته ومبادراته ومساهماته في مختلف مناحي الحياة ومناقشة أبرز القضايا المرتبطة بانشغالات هذه الفئة العمرية، كمشاكل التعليم والتشغيل والصحة والتثقيف والترفيه.

مشاركة الشباب في العملية السياسية يقلل من العجز الديمقراطي

ومن شأن تمكين الشباب من المشاركة في الآليات السياسية الرسمية،الارتقاء بمنسوب عدالة العمليات السياسية من خلال تقليل مستوى العجز الديمقراطي، فضلا عن أن هذا التمكين يساهم في صنع سياسات أفضل وأكثر استدامة، ناهيك عما له من أهمية رمزية، يمكن أن تساعد على استعادة ثقة الشباب في المؤسسات،كما تؤكد بعض المعطيات الأممية.

وعلى ضوء تفشي جائحة كورونا، ترى الأمم المتحدة،أن بناء قدرات الشباب بما يمكنهم من اتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن الصحة وتحمل المسؤولية عنها، يكتسى أهمية بالغة، وتقتضى إعطاء الأولوية للتثقيف الصحي وتعزيز الصحة العامة واشراك الشباب في الحياة العامة و العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي علاوة على إبراز السُبل الكفيلة بشراك الشباب على المستويات الوطنية والدولية والمؤسسات والعمليات الوطنية والمتعدة الأطراف وتعزيز تمثيل الشباب وتكريس مشاركتهم بكثافة في السياسات العمومية.

مكافحة انتشار كورونا تتطلب توفير المعلومات الصحيحة للشباب

وهكذا تركز المنظمة الدولية في زمن كورنا على ضرورة توفير المعلومات والمعطيات الصحيحة للشباب المرتكزة على الأدلة، باعتبار تداول المعلومات الموثوقة يعد أمرا ذا أهميةكبرى في مكافحة انتشار جائحة كوفيد- 19 وتأثيرها، وبخاصة ما يتصل بتحدي وقف انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت.

وفي هذا السياق يقع على عاتق كافة الفعاليات من دول وحكومات ومنظمات شبابية و مكونات المجتمع الأخرى،مسؤولية ضمان نشر المعلومات الصحية العامة الصحيحة، خاصة وأن فئة الشبابتستخدم بكثافةشبكة الإنترنتوتوظف تقنياتها وهو ما يجعلها، أن تكون عاملا مساعدا مهما في نشر وتبادل المعلومات، لتعزيز المفاهيم الفاعلة للحد من الجائحة كالإجراءات والتدابير الاحترازية المتعلقة بضمان السلامة الصحية.

فقدان 155 مليون منصب شغل وضرورة توفير 600 مليون وظيفة مستقبلا

وإذا كانت التوقعات تشير الى أن التأثير الاقتصادي للجائحة،سيزيد من صعوبة نفاذسوق العمل أمام الشباب، فإن احصائيات منظمة العمل الدولية الاخيرة تفيد فقدان 5.4 في المائة من ساعات العمل العالمية في الربع الأول من سنة 2020 وذلك مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019، وهو ما يعادل 155 مليون وظيفة بدوام كامل.

وهذا ما يتطلب توفير 600 مليون وظيفة على مدى السنوات الـ15 المقبلة،وذلك لتلبية احتياجات الشباب في الشغل.كما ظلت نسبة الشباب غير المنخرطين في سوق العمل أو التعليم أو التدريب والتكوين جد مرتفعة على مدى السنوات الـ 15 الماضية، في الوقت الذي تبلغ تلك النسبة حاليا على المستوى العالمي 30 في المائة بين الشابات و 13 في المائة بين الشباب في كل أنحاء العالم.

أية استراتيجية مندمجة للشباب .. في انتظار كودو؟؟

وعلى المستوى الوطني، يبدو أن نداءات المجتمع الدولي حول الشباب، لم تلق الاهتمام اللازم والتفاعل المطلوب من السلطات المعنية، في الوقت الذي يلاحظ المتتبعون للشأن الشبابي تضخم في الخطاب زائد عن اللزوم حول أهمية أدوار الشباب الذي يشكل ثلث سكان المغرب.كما أن الخطط والبرامج الموضوعة وفي مقدمتها "الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015 – 2030"،التي يلجأ الى الإشارة لمضامينها في كل مناسبة وحين، لم يتم تفعيلها وترجمتها على أرض الواقع، وكأنها تنتظر " عودة كودو" كما يقول أهل أبى الفنون المسرح.

ليس السياق هنا للحديث عن هذه " الاستراتيجية" والتي اختار لها معدوها (وزارة الشباب والرياضة بتعاون مع اللجنة متعددة القطاعات للشبا) شعاراعلى دالا هو " شبيبة مواطنية مبادرة سعيدة ومنفتحة"،(الحديث) وذلك لعدة اعتبارات منها الإيمان الراسخ بأن" أهل مكة أدرى بشعابها"، ولكن الهدف فقط "وضع نقط على الحروف"، وأيضا لكون إثارة مشكل الشباب في أي بلد من البلدان – كما قال محمد عابد الجابري ذات مساء- يعني في الأساس، طرح مشكلة المستقبل وآفاقه ومضامينه ( وليس ظلالا للماضي).

الجابري في دار الشباب.. قضايا الشباب مشاكل المستقبل

فشباب اليوم هم رجال الغد، ما في ذلك شك، وما يزرع الآن سيحصده غدا شباب اليوم، ولذلك فقضايا الشباب ومشاكله هي من القضايا والمشاكل المطروحة باستمرار، انها باختصار قضايا ومشاكل المستقبل، حسب ما جاء في محاضرة بعنوان " دور الشباب في البلدان المتخلفة.. تعميق الوعي بالتخلف وتوجيهه ليتحول الى فعل" لمحمد عابد الجابري (1935-2010 ).

ويرى صاحب "نقد العقل العربي" في ذات المحاضرة التي القاها في دجنبر 1967، في الدار البيضاء، بإحدى دور الشباب ( فضاء كانت له دلالات ورمزية عميقة)، بدعوة من الجمعية المغربية لتربية الشبيبة "لاميج" أيام زمان، أنه كلما كان الانسجام بين وقائع الماضي ومعطيات الحاضر وآفاق المستقبل قائما، كانت المشاكل التي يطرحها المستقبل أقل حدة وأخف وطأة.

مشاكل الغد تطرح نفسها عندما تكون معطيات الحاضر نتائج غير طبيعية لوقائع الماضي

اما عندما يكون هناك تنافر وعدم اتزان بين الأطراف الثلاثة، أيعندما تكون معطيات الحاضر نتائج غير طبيعية لوقائع الماضي، وعندما تكون غير صالحة، لأن ترسى عليها أسس المستقبل، فإن مشاكل الغد تطرح نفسها بقوة وعنف، يوضح صاحب مؤلف " نحن والتراث" الذي يتم تخليد هذه السنة الذكري العاشرة لوفاته.

وبعدما تناول الجابرى في محاضرته، قضية المستقبل في كل من البلدان المتقدمة و المتخلفة، تساءل هل يتحمل الشباب تبعية التخلف، منها تزايد السكان ومشكل الأمية؟.وقال إن " التخلف ليس قدرا مقدورا"، غير أن ذلك يتطلب العمل على " تعميق الوعي وتوجيهه ليتحول الى فعل، وأن يحارب الشباب التخلف بنفسه، في فكره وميوله". وباعتبار أن المستقبل يداهمنا ونحن مضطرون لمجابهته سواء شئنا أم أبينا. فعلينا أن ننسجم مع أنفسنا، ومع سير التاريخ الذي يدفعنا بغير هوادة ولا رحمة. يستنج الجابري الذي توفي في ثالث ماي تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.