التعليم الهجين أو المزيج هو الذي يوائم بين تعليمين الحضوري التقليدي والتعليم عن بعد باعتباره الحل الأنسب لمرحلة ما بعد كورونا.. وهناك من يؤكد على أن التعليم الحضوري النمطي سيزول تدريجيا؛ وهذا موضوع قابل للنقاش.
لقد كانت حياتنا تسير في مسارها الطبيعي. لكن فيروس كورونا المستجد أحدث أرباحا في كل المجالات. ومن بين تلك المجالات التعليم حيث توقف التلاميذ عن الذهاب إلى المدارس.
إن عدم الذهاب إلى المدارس في بعض الحالات يعني التوقف تماما عن الدراسة في ظل عدم وجود الإمكانات اللازمة للتحول إلى نمط تقليدي من التعليم أو بسبب الضعف الشديد في تلك الإمكانات، وهو ما يقلل من فرص النجاح الموجودة من البدائل غير التقليدية المطروحة. وفي حالات أخرى، كانت المرونة عالية والاستجابة سريعة بفضل وجود بنية أساسية الكترونية قوية.
لقد اعتمدت بلادنا في زمن كورونا نظام التعليم عن بعد. وشرعت وزارة التربية الوطنية في تنفيذ مباشرة بعد توقف النشاط البيداغوجي بالمدارس عبر إجراءات وتوجيهات ومنصات تطال كل أطراف العملية التعليمية، بدءا من الإدارة المدرسية ومرورا بالمدارس والتلميذ وانتهاء بولي الأمر.
إن التعليم يظل عنصرا جوهريا يسهم في بناء الانسان وتميزه، ويعزز حينما تكمل أركانه قدرة البناء السوسيو-اقتصادي وتقني، وهي أركان ينبغي العمل عليها لبلوغ المسيرة التنموية ببلادنا. بالأمور التي تركزت عليها وزارة التربية الوطنية سواء في التعليم عن بعد أو المستمر الحضوري أو البيئة المدرسية أو المناهج الدراسية.. كلها استهدفت الاستثمار في الإنسان وتطويره من أجل الارتقاء بقدراته يوائم بين قدراته العلمية ومتطلبات سوق العمل في عالم تزداد فيه الحاجة إلى التنمية المستدامة. فللذكاء الاصطناعي دور كبير في عملية التعليم الذكي. وينبغي الاستعداد لهذه التغيرات. فلن يكون له دور في التنمية المستدامة. والتعلم المستقبلي كفيل أن وضعت قواعده على أساس علمي متين ورصين، وإن اتسقت مناهجه مع متطلبات المجتمع أن يحقق ما يصبو إليه من تقدم وازدهار واستدانة المجتمع.
لا أحد يجادل في كون التكنولوجيا اقتحمت كل مناحي الحياة وأصبحت عنصرا مهما في حياة الإنسان. والتعليم إذا لم يأخذ بالجانب التكنولوجي في وضع المناهج وتقديم البرامج والتقييم، فإنه سيبقى متأخرا والمؤسسات التعليمية في العادة من أكثر المؤسسات مقاومة للتغيير بشكل عام.
إن التعليم الإلكتروني يتطلب تأهيل المدرس وتهيئته البنية التحتية وبناء المحتوى الإلكتروني وتوفير الأجهزة المتطورة.
وبالنسبة لسوق الشغل تغير حيث أن من لا يمتلك مهارات تقنية وتعليم ذكيا، فإنه سيكون بعيدا عن سوق العمل. والتعليم الذكي ضرورة حياتية لكل من يبحث عن العمل في المستقبل.
لقد حان الوقت لتحقيق قفزة نوعية في المهرجان التعليمية عبر استثمار تجربة التعليم عن بعد ومكتسباتها في إعادة هندسة منظومة التعليم في مؤسساتنا التعليمية، من خلال تطبيق تعليم هجين يجمع بين التعليم النمطي والتعليم عن بعد وتسمح بتوسيع قرص التلاميذ في التعلم والتطوير الذاتي والمهاري بالتركيز على التدريب والتطبيق والابتكار
إن التعلم عن بعد اختصر العديد من المراحل والخطوات نحو تحقيق الرؤى والخطط المستقبلية، ويعزز لا محالة جودة المخرجات التعليمية وكفاءتها.
إن أزمة كورونا أدت إلى توقف العليم الحضوري النمطي وتبني التعليم عن بعد بسلبياته. لكن التعليم عن بعد ليس في نظري تعليم أزمات، بل هو جاء لتطور طبيعي لتطوير أساليب التدريس. وما فعلته كورونا انها لفتت الانتباه إلى التعليم عن بعد وبرهنت أنه قادر على فعل ما لا يمكن للتعليم الحضوري فعله. لكن التعليم الحضوري لا يمكن الاستغناء عنه وتبقى مكانته متميزة في منظومة التربية والتكوين.
إن مستقبل لا يتصل بالتعليم عن بعد فقط وإنما بالمزاوجة بينه وبين التعليم عن بعد.. وفي اعتقادي ينبغي حصر المواد الدراسية التي لا يمكن تدريسها عن بعد والمواد العلمية.
إن التعليم الحضوري لا يمكن نكران فعاليته وإذا ما تمت الاستعاضة عنه بالتعليم عن بعد، فستبرز المشاكل بالجملة.
وبخصوص التقييم، أعتقد بأن التعليم الهجين أو المزيج بين التعليم الحضوري وعن بعد قد يكون حلا مناسبا للعملية التعليمية من حيث التدريس والتقييم. والتعليم عن بعد لن يكون الحل أو البديل عن التعليم الحضوري. لكن سيكون جزءا أصيلا في العملية التعليمية. ولا بد للتعلم عن بعد أن يشكل قيمة مضافة للعملية التعليمية برمتها.
وصفوة القول، ينبغي بناء علاقات جيدة مع تلامذتنا وتحضيرهم لجميع أنواع التعليم، وتأهيلهم للتعلم عن بعد، دون إغفال تأهيل المدرسين ومواكبتهم لمتطلبات التعليم عن بعد.
- خليل البخاري، باحث تربوي