الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

كيف حولت "OB Electronique" أزمة "كورونا" إلى فرصة لصناعة أجهزة التنفس الاصطناعي؟

كيف حولت "OB Electronique" أزمة "كورونا" إلى فرصة لصناعة أجهزة التنفس الاصطناعي؟ كريم الوزاني المدير العام لشركة (OB Electronique) المغربية
وضع الصناعة المغربية ما قبل جائحة "كورونا" مختلف تماماً عما بعده، هذا ما يُجمع عليه خبراء الشأن الإقتصادي والإستثماري في بلادنا، في ظل تغير حقيقي لخريطة الطلب على السلع والخدمات على المستويين الجهوي والدولي. وتلعب الإستراتيجيات التي تنتهجها كل مقاولة، في التعامل مع تأثير الأزمة، دوراً محورياً في تحديد مستقبلها في عالم تنافسي لا يرحم من يستسلم للأمر الواقع.
لقد لجأت بعض الشركات المغربية إلى الطريقة الكلاسيكية التي تقوم على بدائل نمطية تشمل تصيفة الاستثمارات، وخفض التكاليف، وتسريح العمال، والتقدم بطلب الحصول على قروض بنكية تضمنها الدولة للحد من حجم الخسائر وإجراء تحسينات فورية في الأداء أملاً في البقاء على قيد الحياة الصناعية.
على الجانب الآخر، سلكت مقاولات أخرى إستراتيجيات مرنة وخلاقة تقوم على استثمار الفرص المتاحة وتحويل التحديات إلى مكاسب ملموسة. وقد مزجت هذه الإستراتيجيات ما بين اللجوء إلى تدابير وحلول مبتكرة لتقوية الأرباح من جهة، والحفاظ على مناصب الشغل القارة من جهة أخرى. هذا إضافة إلى استكشاف المهارات والخبرات المتوفرة داخل الشركات وما أكثرها.
- وصفة التأقلم الصناعي لتحدي مخاطر "كورونا"؟
كلمتان فقط لا غير: "التنويع" و"الإبتكار" هما وصفة الشركة المغربية (OB Electronique) من أجل التحول إلى أنشطة الصيانة الصناعية، والمساهمة في إنتاج أجهزة التنفس الإصطناعي لصالح السوق الوطنية في مواجهة وباء "كورونا". إنه تحول يدخل في سياق الإسهام في دعم الجهود الوطنية في مجال تقوية قدرات التجهيزات الصحية والطبية طبقاً لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس الذي يدير هذه الأزمة الوبائية غير المسبوقة، منذ ظهورها في بلادنا، بحكمة وحزم وبعد نظر بشهادة كبريات وسائل الإعلام الأوروبية والعالمية.
في حين كانت أزمة (كوفيد - 19) حادة ومؤلمة، بل وقاتلة للعديد من الشركات والآلاف من الوظائف على المستوى الوطني، أظهرت عدة مقاولات مغربية قدرة كبيرة ومرونة ملموسة على مستوى التأقلم الفعال مع التداعيات الكارثية التي أنتجها فيروس غير مرئي وشرس هاجم أداء منظومات الإنتاج الصناعي في المغرب كما في باقي دول العالم. وهذه القدرة على تحمل الصدمات والارتدادات مطلوبة، أكثر من أي وقت مضى، في أوقات عدم اليقين وضبابية الرؤية وخاصة لدى المقاولات التي تنشط في مجالات صناعية تعتمد على الاستثمار في الابتكار المستند إلى جودة ونوعية الموارد البشرية.
- قصة التحول إلى الإنتاج لصالح السوق الوطنية
اقتنعت (OB Electronique) بأن الإبتكار وإنتاج القيمة المضافة هما أفضل الأسلحة وأنجعها لاجتياز مرحلة الغموض والصعاب بنجاح، وخوض تجربة إستثمارية تُحَوِّلُ حدة الأزمة إلى فرصة واقعية نحو آفاق أخرى توضح الرؤية في المستقبل. هذا هو النموذج الذي تقدمه هذه الشركة (مغربية 100٪) والمتخصصة في تصنيع المعدات الإلكترونية المتطورة لحساب مجموعات عالمية.
"في مصنع شركتنا الذي يغطي مساحة إجمالية تصل إلى 6000 متر مربع، ويقع في المنطقة الصناعية (سيدي معروف) بالدار البيضاء، تأثرت الطلبات الخارجية بشدة كبيرة بعد ظهور هذه الأزمة الصحية العالمية. ومع ذلك، فإن المسؤولين عن إدارة شؤون الشركة لم يستسلموا للأزمة. إن هذه الأزمة كانت حافزاً لنا من أجل مواصلة العمل ومضاعفة وتيرته. في مجال الاستثمار الصناعي يجب دائماً توقع حدوث أزمات كي تكون قادراً على استيعاب الصدمات التي تكون في بعض الأحيان مدمرة كما هو ملاحظ حالياً في عالم المقاولة وطنياً وأوروبياً وعالمياً بسبب هذا الفيروس الفتاك والعابر للحدود والقارات"، يوضح كريم الوزاني المدير العام لشركة (OB Electronique) التي تكرس إنتاجها بالكامل للتصدير إلى العديد من كبريات الدول الصناعية. ويضيف الوزاني في هذا الصدد: "لقد استفدنا من انخفاض النشاط لإطلاق مشاريع التنويع التي كانت مهمة بالنسبة لنا. لذلك، اتخذت الإدارة قرار التحول إلى السوق المحلية المغربية من خلال التركيز على الصيانة والابتكار".
- الصيانة والابتكار هما الحل. كيف ذلك؟
في هذا الإطار، يقول المدير العام للشركة: "قررنا استخدام خبرتنا والاستفادة من تجربتنا في مجال صناعة الإلكترونيات، وكذلك المعدات التي لدينا من أجل تقديم حل إصلاح محلي للمعدات الصناعية. خلال فترة الحجر الصحي، تدخلت فرقنا التقنية لإصلاح وصيانة الأجهزة المختلفة في قطاعات مختلفة وفي مقدمتها آلات إنتاج الأدوية والمختبرات الطبية... تسمح لنا خبرتنا التي راكمناها في مجال الإلكترونيات بتقديم خدماتنا لجميع الشركات المصنعة بغض النظر عن قطاع نشاطها، وتقليص وقت دورة الإصلاح".
ماذا يعني هذا التحول؟ هذا يعني، يشدد كريم الوزاني، أن "هذه الشركات ستستفيد من صيانة آلاتها وأجهزتها في المغرب بدلاً من انتظار أسابيع وشهور طويلة لإصلاحها في الخارج الذي يعاني من الآثار السلبية لوباء (كوفيد - 19)". المجال الثاني للتنويع الذي أطلقته الشركة يتعلق بالإبتكار. وفي هذا الصدد، يشرح الوزاني: "لقد حرصنا، في خضم هذه الأزمة الوبائية، على تحويل (OB Electronique) إلى التصنيع المحلي لأجهزة التنفس الإصطناعي (تصنيع مغربي مائة في المائة) من خلال المساهمة الفعلية في عملية تصنيع 500 وحدة، كمرحلة أولى، أعلنت عنها كل من شركة الدراسات والإنجازات الميكانيكية الدقيقة (SERMP)، والشركة الهندسية المتخصصة في السكك الحديدية وقطاع الطيران (Aviarail)، بشراكة مع تجمع الصناعات المغربية في الطيران والفضاء (Gimas). لقد تلقينا نموذجاً أولياً مصنعاً استخدمناه كنموذج؛ بالإضافة إلى البطاقات الإلكترونية التي قمنا بتحديثها لتكييف أدائها مع وظيفة جهاز التنفس الإصطناعي. لقد نجحنا، في فترة زمنية قصيرة إلى حد ما، في إعادة صياغة إنتاج البطاقات وتحسين الأسلاك وتجميعها لصالح شركائنا. إنه تطوير ذاتي لقدراتنا الصناعية، ونحن فخورون بهذا الإنجاز".
- تصنيع مقياس حرارة بدون اتصال...
على المستوى الداخلي "تم العمل على الإطلاق الفعلي لخلية مخصصة للإبتكار من أجل إجراء دراسات وتحليل إمكانية تصنيع المعدات الإلكترونية/المواد الاستهلاكية محلياً. اليوم، تعمل فرق (OB Electronique) على تنفيذ مشروع تصنيع مقياس حرارة مغربي يشتغل بدون اتصال (thermomètre sans contact)، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في المجال الطبي. في المغرب علينا أن نفتخر بمكسب مهم يتجلى في توفرنا، في مختلف الميادين، على المهارات والخبرات والدراية، عليك فقط أن تتسلح بالجرأة الإيجابية وأن تكون منافساً وفق معطيات ومتطلبات السوق ومعايير الإبتكار والجودة"، يشدد كريم الوزاني.
هذه هي قصة نجاح شركة (OB Electronique) التي تأسست قبل حوالي عقدين (سنة 2002)، وهي متخصصة في تصنيع المعدات الإلكترونية، وتجميع البطاقات الإلكترونية، والتكاملات، واللفائف وتجميع الأسلاك في مجالات الطيران، والإتصالات، والسكك الحديدية، والطاقة المتجددة، والصحة...
في عام 2004، أطلقت الشركة التي توظف حالياً 250 شخصاً بشكل قار أكثر من نصفهم من النساء (بما في ذلك 30٪ من المهندسين)، شراكة صناعية حصرية مع مجموعة (Selha) الفرنسية ذات الحضور الدولي في تخصصات مختلفة. ومنذ سنوات، تقوم (OB Electronique) بتصنيع منتجات في موقعها بمنطقة "سيدي معروف" لحساب كبريات المقاولات في العالم وفي مقدمتها (Airbus) و(Safran) و(Thalès). وفي عام 2018، حصلت الشركة على شهادة (NADCAP) بميزة (MERIT)، وهي ميزة مرادفة لإتقان عملية تصنيع البطاقات الإلكترونية المخصصة لقطاع الطيران.
 
طاقم شركة (OB Electronique) المغربية