الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

دينار: هذه هي عناصر الإثارة في المادة 247 مكرر من قانون المالية التعديلي2020

دينار: هذه هي عناصر الإثارة في المادة 247 مكرر من قانون المالية التعديلي2020 ابراهيم دينار
بعد الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها أزمة كوفيد 19 والتحولات التي عرفها السياق الاقتصادي الوطني والدولي، تحتم على المغرب الانخراط في مشروع قانون مالي تعديلي يتم من خلاله إعادة النظر في التوقعات والأرقام الواردة في القانون المالي الذي تمت المصادقة عليه في زمن ما قبل كورونا.
لكن هناك مادة في القانون المالي التعديلي أثارت جدلا حادا داخل قبة البرلمان و يتعلق الأمر بالمادة 247 مكرر، وذلك لكونها ستسمح لعدد كبير من الشركات لاستعادة حصة لا بأس بها من المبالغ التي تبرعت بها لصندوق كوفيد 19 كما ستكون مناسبة لمقاولات أخرى للاستفادة من مبالغ أكثر من التي تبرعوا بها لصالح صندوق جائحة كورونا حيث ستتغير نسبة سعر الضريبة بعد خصم المبالغ المتبرع بها.
فعلى سبيل المثال لو تبرعت شركة بهبة قدرها 400 مليون سنتيم، فإنها ستخصم كل سنة 60 مليون سنتيم من القاعدة الضريبية، وحيث إن الضريبة على الشركات هي في حدود % 30 فإن الربح السنوي للشركة سيكون في حدود 24 مليون سنتيم، وهو ما يمثل 120 مليون سنتيم طيلة خمس سنوات، وبالتالي فالقيمة التي تبرعت بها الشركة هي 280 مليون سنتيم.
إذن لا يتعلق الأمر هنا باسترداد المبالغ التي تبرعت بها الشركات و إنما كل ما في الأمر أنه يتم اعتبار هذه الهبات بمثابة نفقات يتم خصم نسبة منها كل سنة من القاعدة الضريبية وذلك لكي لا تثقل كاهل المقاولة وتؤثر على ميزانيتها وكذا تنافسيتها.
تجدر الإشارة أن المادة 247 مكرر والتي تنص على ما يلي:" تعتبر بمثابة تكاليف قابلة للخصم توزع على عدة سنوات محاسباتية، المبالغ المدفوعة على شكل مساهمات أو هبات أو وصايا من قبل المنشآت الخاضعة للضريبة على الشركات، أو الضريبة على الدخل برسم دخول السنة المهنية أو الفلاحية أو هما معا، المحددة وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية، أو نظام النتيجة الصافية المبسطة لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة 'كورونا' ".
وقد رفض مجلس النواب المادة شكلا ومضمونا حيث أن التصويت كان مشروطا بمبدأين وهما عدم الرجعية ومبدإ استبعاد صندوق كوفيد 19 من دائرة الخصم الضريبي وبالتالي فالمادة تكتنف نوعا من المحاباة الضريبية لفائدة الشركات.
ولحفظ ماء الوجه أسرعت الحكومة لتعديل قانون 247 مكرر لتعوض عبارة الصندوق الخاص بجائحة كورونا الوارد في النص بالدولة.
وبعد التعديل عبرت الباطرونا عن استيائها و تقدم فريق بمجلس المستشارين مطالبا بإرجاع المادة 247 مكرر من مشروع قانون المالية التعديلي إلى صيغتها الأولى، حيث يسمح بخصم الهبات من القاعدة الضريبية و قد تفوق اللوبي المتمثل في الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمؤازرة الإدارة الضريبية التي أعلنت أن مساهمات الأشخاص الذاتيين والاعتباريين في "الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا"، تعتبر هبات تكتسي طابع مصاريف محاسبية قابلة للخصم من الحصيلة الجبائية لتنأى بنفسها عن الجدال.
بعيدا عن هذا الجدال، ألا يستحق أن نطرح السؤال التالي: لماذا تم اقصاء الموظفين والاجراء اللذين ثم اقتطاع بعض اجورهم كهبات لصندوق جائحة كورونا ننتظر الجواب من ممثلي النقابات المغربية.
أليس خصم هبات الأجراء والموظفين من القاعدة الضريبية من شأنه أن يدعم الطلب الداخلي ؟
أليست الطبقة الوسطى هي رافعة الاقتصاد ؟ أمازال الشأن الضريبي ببلادنا توجهه اللوبيات ؟
هي أسئلة  كثيرة  تنتظر الجواب.
 
ابراهيم دينار، خبير اقتصادي