الخميس 18 إبريل 2024
اقتصاد

إدريس العراقي: هذه هي الحالات القانونية التي يمنع فيها استخلاص الأداء بالمدارس الخاصة

إدريس العراقي: هذه هي الحالات القانونية التي يمنع فيها استخلاص الأداء بالمدارس الخاصة دريس العراقي

أوضح إدريس العراقي، محامي بهيئة الدار البيضاء، كيف أطر المشرع العلاقة التعاقدية بين أولياء التلاميذ من جهة و المدارس الخصوصية من جهة أخرى، مبرزا أن مطالبة بعض المدارس الخاصة لأولياء التلاميذ بالأداء الكامل لواجبات التمدرس، فيه نوع من الإجحاف لهؤلاء. على اعتبار أن هذه المؤسسات الخاصة لم تعد تقدم نفس الخدمة منذ تعليق الدراسة في منتصف شهر مارس، تمهيدا لإعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، مع العلم أن منح الدروس عن بعد لا يعوض بأي حال من الأحوال التعليم داخل المؤسسات التعليمية.

 

*ما هو القانون المنظم للعلاقة التعاقدية بين آباء و أمهات و اولياء التلاميذ من جهة والمدارس الخصوصية من جهة اخرى؟

**هذه العلاقة مؤطرة بقانونين هما: الظهير الشريف رقم 1.00.202 صادر في 15 من صفر 1421 ( 19 ماي 2000 ) بتنفيد القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي لا سيما المادة 4 من هذا الظهير التي تنص:

"تلتزم مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي كحد ادنى بمعايير التجهيز و التأطير و البرامج و المناهج المقررة في التعليم العمومي"

و كذا المادة 8 من نفس القانون ( فقرة 2 ) التي تنص: " كما يجب على هذه المؤسسات تهيئ تلاميذها و ترشيحهم لاجتياز نفس الامتحانات المنظمة لفائدة تلاميذ التعليم العمومي عند نهاية كل سلك تعليمي".

فبالرجوع الى الظهير الشريف أعلاه نجد انه يلتزم الأب أو ولي أمر التلميذ بأداء الأقساط الشهرية بصفة دورية منتظمة بالسعر المتفق عليه، بالمقابل تلتزم المدرسة الخصوصية بتلقين التلميذ داخل الحجرة الدراسية وتأهيله، لاجتياز نفس الامتحانات المنظمة من طرف الإدارة التربوية لفائدة تلاميذ التعليم العمومي عند نهاية كل سلك تعليمي.

وعندما يتحدث القانون المنظم عن التلقين والتأهيل لاجتياز امتحانات آخر السنة الدراسية، فمعنى ذلك أن العملية التنظيمية تشمل تلقين الدروس النظرية التي يتلقاها المتمدرسون يوميا، من الاثنين الى الجمعة وبمعدل يومي يتراوح ما بين 7 ساعات الى 8 ساعات في اليوم، كما ان هذه الساعات تتخللها دروسا مباشرة توجيهية وتطبيقية داخل الحجرات الدراسية و المختبرات المدرسية لاسيما بالنسبة لحصص العلوم التجريبية التي تتطلب حد أدنى توفره المؤسسة التربوية للتلاميذ ( مواد الفيزياء و الكيمياء و العلوم الطبيعية مثلا )، فضلا عن بعض الحصص الرياضية داخل الملاعب المدرسية المخصصة لذلك. وكذا الأنشطة الترفيهية والبداغوجية الأخرى المصاحبة كالرسم مثلا وما يتطلب من ضرورة توفير المؤسسة للتلميذ مباشرة كأوراق الرسم و الصباغة والتأطير الآني للأستاذ والتي عادة ما تكون لها انعكاسات إيجابية على الصحة النفسية للتلميذ والمتمدرس.

من ثم يتضح أن تلقين الدروس النظرية عن بعد ما هو إلا التزام واحد من بين مجموعة من الالتزامات التعاقدية التي يفرضها القانون على مؤسسات التعليم الخاص. وبطبيعة الحال فإن هذه الاخيرة لن تتمكن عن طريق التعليم عن بعد الوفاء بكل هذه الالتزامات الملقاة على عاتقها، والتي تستوفي كمقابل لها على مبالغ شهرية من طرف أباء و أولياء التلاميذ،

وبالتالي فإن مطالبة بعض المؤسسات الخاصة للآباء و أولياء التلاميذ بالأداء الكامل لواجبات التمدرس، فيه نوع من الإجحاف لهؤلاء الآباء و اولياء التلاميذ، على اعتبار أن هذه المؤسسات الخاصة لم تعد تقدم نفس الخدمة منذ تعليق الدراسة في منتصف شهر مارس، تمهيدا لإعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب. مع العلم أن منح الدروس عن بعد لا يعوض بأي حال من الأحوال التعليم داخل المؤسسات التعليمية. و إنما هو فقط وسيلة لضمان عدم انقطاع التلاميذ عن الدروس بشكل كامل خلال فترة الطوارئ الصحية. أما باقي الأنشطة البيداغوجية والرياضية و التطبيقية والدروس التجريبية كما هو الشأن بالنسبة لعلوم الحياة و الأرض، فان مؤسسات التعليم الخاص لم تعد تضمنها منذ شهر مارس 2020.

وبالتالي يظهر أن الالتزامات الواجبة على مؤسسات التعليم الخاص لا يتم الوفاء بها على الوجه الأكمل و بشكل طبيعي و عادي.

وبالتالي فإن حق هذه المؤسسات في استيفاء مصاريف التمدرس، والتي تشكل الالتزام المقابل الملقى على عاتق اباء وأولياء التلاميذ لم يبقى له موجب بالوجه الاكمل، نظرا لتعذر الوفاء الكامل بالالتزامات القانونية المفروضة على قطاع التعليم الخاص، و ذلك عملا بالفصلين 234 و 235 من قانون الالتزامات والعقود والذي يشكل القاعدة العامة للالتزامات التعاقدية الملزمة للجانبين. وهذين الفصلين يدخلان ضمن الظهير الشريف المشار اليه أعلاه والذي يهم و يخص القانون التنظيمي المنظم للمؤسسات الخاصة.

ذلك انه جاء في الفصل 234 من( ق ل ع) :

" لا يجوز لاحد ان يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام إلا اذا اثبت أنه أدى أو عرض ان يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق او القانون و العرف "

وجاء في الفصل 235 من (ق ل ع):

" في العقود الملزمة للطرفين ، يجوز لكل متعاقد منهما ان يمتنع عن اداء التزامه الى ان يؤدي المتعاقد الاخر التزامه المقابل "

وفي هذا الاطار وعلى سبيل الاستئناس جاء في قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 8/02/1995 تحت عدد 395 في الملف المدني عدد 881792 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 47 ص 31 و ما يليها :

" يجوز لكل متعاقد الامتناع عن الوفاء بالتزامه الا اذا وفى المتعاقد معه بالتزامه المقابل"

ومعنى ذلك ان القانون يمنح للمدين إمكانية الدفع بعدم التنفيذ الكامل للالتزام المقابل وهو ما يتحقق حاليا في العلاقة الرابطة بين مؤسسة التعليم الخاصة وآباء وأولياء الأمور في ظل تفشي وباء كوفيد 19. ولهم بالتالي إمكانية التمسك بعدم الأداء الكلي لواجبات التمدرس وذلك إلى حين وفاء المؤسسات التعليمية الخاصة بكافة وجبات والتزاماتها التربوية اتجاه الآباء و أولياء الأمور.

 

*هل يحق للطرفين مراجعة العقد الجامع بينهما؟

**اقترح بناء على ذلك كله وكحل وسط هو مراجعة العقود الملزمة للطرفين المبرمة بين المدارس الخاصة وآباء و أولياء الامور، بخصوص شهر مارس الى شهر يونيو من سنة 2020 حول أداء لجزء يسير من الواجبات المالية كمقابل لهذه الخدمة المقدمة عن بعد للمدارس الخاصة، والتي لا تشكل سوء جزءا من الالتزام الملقى على عاتق هذه المؤسسات بمقتضى القانون.

أما بالنسبة لواجبات التنقل المدرسي والمطعم المدرسي فإنه من البديهي أنه لم يعد لها موجب على اعتبار ان هذه الخدمة لم تعد مقدمة منذ اعلان حالة الطوارئ بفعل جائحة كورونا و بالتالي فالمؤسسات لخاصة لا تستحق عنها اي مقابل مالي.

 

*هل يحق لمؤسسات التعليم الخصوصي توقيف الدراسة عن بعد في زمن كورونا، في حالة عدم اداء الأقساط الشهرية وهل يحق للمدرسة الامتناع عن تسليم التلميذ أو المتمدرس نتائج آخر نهاية السنة الدراسية نتيجة عدم الأداء ؟

**حق التعليم هو حق عمل المشرع المغربي على دسترته من خلال مقتضيات الفصول 31 و 32 و 33 و 168 من دستور المملكة لسنة 2011 بقوله في الفصل 32: "التعليم الأساسي حق للطفل و واجب على الأسرة والدولة ".

كما ان حق التعليق نصت عليه العديد من القوانين و المراسيم و المعاهدات و الاتفاقيات الدولية.

ومن تم فلا يحق لأي جهة أو مدرسة خصوصية أن توقفه تحت أي ذريعة كانت ولو كان ذلك بسبب عدم أداء الأقساط الشهرية، فحق التلميذ في التعليم هو حق كوني ودستوري فلا يمكن الاعتداء عليه ولا المساس تحت وطأة أية ذريعة كانت، وإنما يحق للجهة المتضررة (المدارس الخصوصية مثلا ) اللجوء إلى القضاء من أجل استخلاص ديونها وما بذمة ولي أمر التلميذ.

ونفس الأمر يتعلق في حالة امتناع إدارة المؤسسة من تمكين ولي أمر التلميذ من شهادة آخر السنة للنقاط المحصل عليها أو شهادة المغادرة عند رغبته في تغيير المؤسسة. لأن ذلك قد يتسبب في حرمان التلميذ من فقدان الفرصة في التسجيل بمؤسسة أخرى ومواكبة الدروس في آجالها المعلن عنها اكاديميا. وإنما يبقى من حق المؤسسة اللجوء إلى القضاء قصد الزام المدين بالوفاء بالتزاماته وسلوك جميع المسطر القضائية المخولة لها ضمانا لهذا الحق.

وللإشارة هنا، فانه يبقى من حق الأب أو ولي أمر التلميذ، في حالة التجاء المدرسة الى قطع الدروس عن بعد الموجهة للمتمدرس بإحدى الوسائل الحديثة،إثبات ذلك بواسطة معاينة قضائية تنجز من طرف أحد السادة المفوضين القضائيين، و إثبات ذلك في محضر رسمي و اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لرفع حالة الضرر، تحت طائلة غرامة تهديدية، و لما لا إقامة دعوى المسؤولية والمطالبة بالتعويض، في حالة تعرض ابنه أو من هو تحت وصايته إلى أضرار معنوية. نتيجة الحرمان المتواصل من الدراسة او من امكانية اجتياز امتحان آخر السنة أو استحصاله على نتيجة آخر السنة الدراسية، قد تكون مفتاح التلميذ في التسجيل في احدى الجامعات الوطنية او الدولية المعلن عنها في أجال محددة. كما قد تكون هذه الشهادة ضرورية للتلميذ قصد التقدم لإحدى المباريات أو اللجوء إلى سلك الوظيفة.

وإن من شان امتناع المؤسسة على تسليم الشهادة للتلميذ إقصائه من ذلك الشيء الذي قد يؤثر ذلك على مسار التلميذ أو المتمدرس، و تكون المؤسسة الخصوصية هي المسؤولة عن ذلك.