الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الصمد فلكي: تهميش دكاترة الوظيفة العمومية في زمن كورونا

عبد الصمد فلكي: تهميش دكاترة الوظيفة العمومية في زمن كورونا عبد الصمد فلكي

تأتى لي أن أطالع في مقالات متفرقة، هنا وهناك، ما يكتب عن جمعية دكاترة الوظيفة العمومية ودورها في الانخراط لمواجهة الجائحة؛ ولعل كوفيد19 قد كشف عن مدى الإهمال وعدم الاهتمام بالدكاترة في الوظيفة العمومية وعدم تحفيزهم وتشجيعهم على البحث وتطوير المادة الإدارية والمالية والاقتصادية، وعدم إعطائهم القيمة الاعتبارية والمعنوية المستحقة، والاقتصار فقط على تكليفهم بمهام تنفيذية بسيطة وروتينية، حيث قرأت تعاليق بعض القراء، الذين -للأسف- ربطوا الأمر فقط في حدود الوباء، وكأننا سنظل نحارب الوباء إلى الأبد، ونادوا بضرورة الاهتمام فقط بدكاترة الكيمياء والباحثين في المختبرات لسبب واحد حسب تعبيرهم أن هؤلاء تفانوا في البحث لمواجهة الجائحة.

 

أنا لا أقلل من مجهوداتهم هاته، ولكنني أرد على دعاة هذا الطرح، بكوننا لحد الساعة لم نصل إلى إيجاد اللقاح الذي يقضي كليا على المرض، بل لم تصل إليه حتى أعتى الدول تقدما وتطورا على سطح الأرض لإيجاده، ثم إن واقع المغرب الاقتصادي والمالي والقانوني وحتى السياسي والإداري يتطلب كفاءات ودكاترة حقيقيين في مجال العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية لتطوير المنظومة والنهوض بأوضاع البلاد المزرية على جميع المستويات، وذلك بمنجزات تتشكل من دراسات وبحوث علمية وأكاديمية تعتمد الواقع والدراسة المقارنة وسبل الإصلاح والتطوير... وهذا عمل ضخم يحتاج مختصين بعيدين عن مجال الكيمياء والبيولوجيا وغيرها من العلوم الحقة.

 

ثم إننا لن نقف دائما على وباء كورونا أو نربط الكفاءة فقط بمن هم معنيون بالبحث بمناسبة كوفيد19، فالمغرب ليس من أولوياته إعلان الحرب على كورونا إلى الأبد، ولكن الأولى أن نهتم بكل الكفاءات في جميع التخصصات كل يبدع وينجز أبحاثه التي تنفع بلاده في تخصصه، ذلك أن الأزمة الاقتصادية والمالية تحتاج كفاءات في نفس التخصص، وتطوير المنظومة القانونية والإدارية وجعلهما مواكبتين لمتطلبات الواقع؛ والعصر يتطلب كفاءات قانونية مختصة في البحث والتدقيق. ويبقى مجال للكيميائيين والبيولوجيين مقتصرا على مواجهة إكراهات الصحة العامة والأوبئة وإيجاد اللقاحات. وهذا هو المنطق الذي تتقدم به الدول وتتطور وتتحضر.

 

- عبد الصمد فلكي، أستاذ زائر/ كلية الحقوق الرباط