الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

عبد الرزاق فاضل : هذا هو جواب الإمام مالك حول صيام الأيام الستة من شوال

عبد الرزاق فاضل : هذا هو جواب الإمام مالك حول صيام الأيام الستة من شوال الدكتور عبد الرزاق فاضل
إذا كان بعض الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب؛ قد قالوا باستحباب صيام الأيام الستة من شوال، فإن الإمام مالك؛ ذهب في ذلك إلى كراهة ذلك، ولكن ماذا يعني بالكراهة ؟ هذا ما يوضحه الدكتور عبد الرزاق فاضل، باحث في الدراسات الإسلامية في الورقة التالية التي توصلت بها "أنفاس بريس":
 
لعل المتأمل في قوله تعالى:" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، يدرك بإيمانه لأول وهلة الوظيفة الأم التي خلق من أجلها ألا وهي طاعة خالقه، والله سبحانه ترغيبا للنفوس وشحذا للهمم، ميز بين العبادات، ففرض الأركان الخمس، كما ميز صلى الله عليه وسلم بين كل عبادة بالفرائض والنوافل لحكم وأحكام، ليعيش العبد بين عبادة وعبادة، وهذا يجعل العبادات، متجددة من حيث الإثارة لأحكامها وحكمها، وهو أمر يعكس عناية العبد بمعبوده، الذي لا يعبد عن جهل، كشأن الأضحية، وزكاة الفطر، وصوم ستة أيام من شوال.
وعن هذه الأخيرة قال صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر".
أخرجه مسلم وفيه ترغيب لاستئناف الصوم على غرار رمضان، مع اختلاف وتباين في الأحكام، لقوله صلى الله عليه وسلم وسلم:" صيام رمضان بعشرة أشهر، وستة أيام بشهرين فذلك صيام سنة".
وعلى هذا ذهب بعض الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، إلى استحباب صيام الست من شوال، كما روي عن ابن عباس وطاووس طاووس والشعبيو الشعبي وميمون وميمون بن مهران وابن وابن مبارك والشافعي وأحمد أحمد وإسحاق.
بينما ذهب مالك إلى الكراهة لما رواه يحيى أنه قال:"سمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان، أنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة و الجفاء...". وهو ما ذهب إليه الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف.
وفي هذا عبارات تنبئ عن وعي واستيعاب للإمام مالك بحقيقة هذه الشعيرة مع التعليل لمذهبه فيها وهو الكراهة،علما أن حكمه هذا لا ينصب على صيام الأيام الست ، بقدر ما ينصب على تعيينها و حصرها في شوال والله يقول:" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"، وعليه: فاللغز في فهم رأي مالك في المسألة كما أفادنا علماؤنا يكمن في حروف المعاني في: (من شوال) فمن، عنده ابتدائية، وليست تبغيضة، بمعنى من صام رمضان، و أتبعه ستا ابتداء من شوال إلى آخر شعبان كان كصيام الدهر، فمالك لا يكره صيامها، وإنما يكره حصرها في شوال وهو الذي لم يبلغه عن أحد من السلف ,فكره ذلك احترازا من تقليد أهل الجهالة لأهل العلم ، وفي هذا متسع على المسلم في ابتغاء الأجر والفضل طوال العام،لا في شوال.