الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

إدريس لشكر يؤكد في أرضية توجيهية حول تدبير المرحلة الراهنة

إدريس لشكر يؤكد في أرضية توجيهية حول تدبير المرحلة الراهنة إدريس لشكر
أكد إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الدولة المغربية بقيادة جلالة الملك جسدت، مع البدايات الأولى لانتشار "كورونا"، طابعها الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، وأن جلالة الملك قام باستعمال كل ما منحه الدستور من صلاحيات، سواء على مستوى إمارة المؤمنين، أو رئاسة الدولة، أو القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، لإطلاق مبادرات رائدة سهلت تدبير الأزمة وجعلت المغرب مضرب الأمثال في مختلف أقطار العالم.
وشدد إدريس لشكر، في أرضية توجيهية لتأطير النقاش الاتحادي حول تدبير الوضعية الراهنة تحت عنوان "استشراف المستقبل : جائحة كورونا فرصة لانطلاق النموذج التنموي الجديد على أسس سليمة"، على أهمية التناغم الحاصل بين الدولة بمؤسساتها وسلطها التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تحمي حياة ومصالح مواطنيها، والمجتمع الملتزم بقرارات وإجراءات مؤسساته. ودعا إلى ضرورة تشكيل كتلة وطنية لا تستثني أحدا، والحفاظ على اللحمة الوطنية وحمايتها من أي تشويش أو حسابات سياسية ضيقة، لأن البلاد أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء على أسس سليمة من أجل ترسيخ المكتسبات وتقوية الخصوصية المغربية. 
وفي هذا السياق، ذكر لشكر بالشعار الذي رفعه الحزب حول مشروع النموذج التنموي الجديد "دولة قوية عادلة .. مجتمع حداثي متضامن"، معتبرا أن الجميع يعي، اليوم على المحك، معنى الدولة القوية العادلة ذات المصداقية، المتحملة لمسؤولياتها والوفية بالتزاماتها، ومعنى المجتمع الحداثي المتضامن بغض النظر عن الانتماء الطبقي أو الفئوي أو الجغرافي أو النوعي.
وعلاوة على ذلك، عبر الكاتب الأول للاتحاد عن فخره بقرار إنشاء "الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد – 19" الذي فاقت مداخيله كل التوقعات بفعل الحس الراقي للتضامن الذي أبانت عنه كل مكونات الشعب المغربي.
وأبدى اعتزازه بالإدارة العمومية المغربية التي أبانت، في هذه الظرفية الاستثنائية، على قدر كبير من التأقلم والإبداع ونكران الذات مما أظهر للجميع أهمية القطاع العمومي وفعاليته وحيوية أدواره التي يستحيل على القطاع الخاص تأمينها. كما ذكر، في المقابل، بوضعية المغاربة العالقين في الخارج والمجهود الذي تقوم به قنصليات المملكة لمواكبتهم، داعيا الحكومة إلى التدخل العاجل من أجل إرجاعهم لذويهم.
من جهة أخرى، أبرز إدريس لشكر أن تبعات الجائحة أقوى من الحروب والأزمات الاقتصادية، وأنها تسائل المنظمات الدولية والإقليمية التي عجزت عن التعامل معها بكل المقاييس، مؤكدا الحاجة إلى تعاقد عالمي جديد للدفاع عن حقوق الكوكب والأجيال الصاعدة. ومتعهدا بالترافع الدولي عن هذا التوجه ضمن الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي. وسجل تأثر الاقتصاد الوطني، على غرار باقي اقتصادات دول العالم، بما فرضته جائحة "كورونا" من توقيف للآلاف من المقاولات الصناعية والفلاحية والخدماتية، معتبرا أن رد فعل الحكومة خاصة عبر "لجنة اليقظة الاقتصادية" كان سليما وحيويا للتخفيف من المخاطر الاقتصادية والمالية. وفي هذا الإطار، أثار الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي مسألة تأميم تأميم بعض المقاولات كليا ولو بشكل مرحلي لحمايتها من الإفلاس وإنقاذ آلة الإنتاج الوطني وحماية مناصب الشغل. ودعا إلى مواجهة الآثار الأولى على الميزان التجاري المغربي عبر اتخاذ تدابير للحد من واردات المواد الكمالية ومراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي فيها غبن للفاعل الاقتصادي المغربي. ودعا أيضا إلى النهوض بالإنتاج الوطني الذي أبان عن قدراته في مجال صناعة الكمامات، والاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وسن سياسة جبائية منصفة ومتوازنة لمغرب ما بعد "كورونا"، ودعم القطاعات المتضررة، وعلى رأسها القطاع السياحي وقطاع الخدمات والتجارة. ومن أجل تدبير أفضل هذه الأزمة الاقتصادية، أكد إدريس لشكر أنه من المستعجل طرح تعديل قانون المالية 2020 على البرلمان والبدء بإعداد سيناريوهات مشروع قانون المالية 2021. 
وعلى الصعيد الصحي، ألح الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي على معالجة اختلالات المنظومة الصحية عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على الإنصاف والعدالة الترابية واعتماد تصور متكامل للتغطية الاجتماعية الشاملة. وأوصى بضرورة تطوير نظام شبكات الأمان الاجتماعي، واستغلال الفرصة لتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام الضمان الاجتماعي من جهة، ولتسجيل كل الفئات الأخرى في نظام "راميد" الذي يتعين مضاعفة تبسيط مساطره وتحيين معلوماته لتدبيره بسلاسة وبما يخدم مصلحة المواطنين ويصون كرامتهم.
وعلى الصعيد التربوي، نوه إدريس لشكر بقدرة المنظومة التربوية على التأقلم، وبأسرة التعليم التي كانت في مستوى اللحظة سواء من حيث اتخاذ القرار في الوقت المناسب أو تجنيد كل الإمكانيات التقنية لمباشرة الدراسة عن بعد. وأكد أن الظرفية كشفت أن الإصلاح ممكن بفعل الإرادة السياسية القوية واللحمة الوطنية، مذكرا بالموقف الاتحادي الذي يعتبر المنظومة التربية وسيلة أساسية لبناء المواطن، ويعتبر مجانية التعليم حق للشعب المغربي والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، مع ضرورة توفير العدالة الرقمية واللغوية لكافة المتمدرسين. 
وعلى الصعيد السياسي، وأوضح لشكر أن التعبئة الوطنية، التي بدأت مع الدعوة إلى نموذج تنموي جديد وترسخت في زمن الطوارئ الصحية، تقتضي من مواصلة الإصلاحات السياسية، وخاصة مراجعة المنظومة الانتخابية، حيث جدد الدعوة إلى إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، لتعزيز نزاهة العملية الانتخابية. ودعا مرة أخرى "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" و"الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" إلى المساهمة في الإصلاحات الانتخابية المرتقبة ومراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والإعلان عن ذلك في آنه، انسجاما مع المهام الموكولة لهما، دستوريا وقانونيا. كما دعا إلى تسريع تنفيذ ميثاق اللاتركيز الإداري، والإسراع بتطوير رقمنة إدارة المحاكم قبل التفكير في رقمنة المحاكمات، والتسريع بتفعيل القرارات والإجراءات المتعلقة برقمنة الإدارة العمومية بغية تعميم وتحسين الخدمات الأساسية لفائدة المواطن والمقاولة. 
وبالإضافة إلى ذلك، واعتبارا لما تعانيه المرأة في هذه الظرفية، دعا إدريس لشكر إلى الانكباب، بعد الخروج من حالة الحجر الصحي وبشكل مستعجل، على مراجعة المقتضيات والقوانين التي تمس النساء بما يتناغم مع الوثيقة الدستورية خاصة الفصل 19 منها، والتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة باعتبارها فاعلا محوريا في البناء الديمقراطي وطرفا أساسيا في معادلات التنمية والرقي المجتمعي.
وأوضح الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن أزمة كورونا أكدت صواب الاختيارات الاشتراكية الديمقراطية التي طالما دافع عنها الحزب، وأثبتت بالملموس إجماع الاتحاديات والاتحاديين بالانخراط الواعي والمسؤول في التعبئة الوطنية الراهنة. وأبرز، في الأخير، أن المرحلة المقبلة تتطلب، ليس فقط الدفاع عن المبادئ والقيم الديمقراطية والعمل السياسي والمؤسساتي المسؤول، بل أيضا تقوية البيت الاتحادي من خلال استثمار الدينامية الحزبية التي خلقتها مبادرة المصالحة والانفتاح، وذلك من أجل الدفاع عن المشروع المجتمعي التقدمي والحداثي.