الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

السعدية لاديب: "أمّ آدم".. ساحرة بألوان قوس قزح وخفيّة مثل "الكاميليون"

السعدية لاديب: "أمّ آدم".. ساحرة بألوان قوس قزح وخفيّة مثل "الكاميليون" السعدية لاديب

هي حقيقة لا أنكرها الممثلة السعدية لاديب فنانة "ساحرة"...

ساحرة في تمثيلها وأدوارها، كل شخصية تتقمصها تترك فيها سحرها. الممثلة التي لا تلقي عليك سحرها، ولا تقوم بتنويمك، ولا تجعلك متصنّما مثل كتلة حجر أمام صورها في الشّاشة، لا يمكن أن تكون ممثلة ذات كعب عالٍ.

 

أول الدّهشة في فيلم تلفزيوني للمخرج إدريس اشويكة "الطيور على أشكالها تقع" الذي أعلن عن ولادة "نجمة"، أضاءت أدوارها المتعاقبة سماء السينما والتلفزيون. هي لا تتقمّص الأدوار فقط، بل تسكنها، تقيم فيها إقامة "جبريّة"، تجعلك تصدّق بأنّ السعدية لاديب لم يعد لها وجود "فيزيقي".. في تلك اللّحظة وضوء عدسة الكاميرا يغمرها، تبدأ عملية التحوّل و"الميتامورفوز"، تسلخ جلدها لتولد شخصية أخرى.

 

 

الممثلة الموهوبة هي التي تدخلك في حالة من "النّسيان"، نسيان اسمها والتفاصيل الأخرى عن حياتها في الواقع، وتدفعك إلى أن تعيش معها حيواتها "الافتراضية" الأخرى الموازية، بعيدا عن شخصية "أمّ آدم" ربّة البيت المغربية، وطاهية الطّواجين البارعة، ومديرة المعهد الثقافي الصّارمة!!

 

تلك المرأة بعنفوانها الأمازيغي وشخصيتها الهادئة تسقطُ وتتفتّتُ أمام أيقونات شخصيّاتها المتعددة، سواء في السينما أو التلفزيون، تصبح "روافد" و"جداول" تصبّ في محيط بأمواج صاخبة.

 

 

ممثلة بألوان قوس قزح، لا تلبس لونا واحدا، تشبه "الكاميليون" كثيرا، سيدة الأقنعة، ومرايا التخفّي، فلا تتعب نفسك في تقفّي آثار السعدية لاديب، فهي تمحو آثارها بين دور وآخر وتخجل من الأضواء السّاطعة.

 

من يشاهدها في مسرحية "بنات لالّة منانة" وكيف كانت بقامة طويلة، يعرف كيف "ترتّق" شخصياتها بمخيط البهاء، ويعرف الطاقات الكامنة في هذه الممثلة التي تنتقل برشاقة غزالة من ركح المسرح إلى شاشة التلفزيون وعلبة السينما، وكأنّها راقصة باليه تتماوج حركات جسدها مع إيقاع الموسيقى.

 

 

لم تخطئ السعدية لاديب حين فضّلت المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي عوض متابعة دراستها في علم الاجتماع. لم تضلّ طريقها وهي تختار مهنة التمثيل وتصقل اسمها، وتنطلق بسرعة الصاروخ مثل عداءة المسافات القصيرة التي لا تلتفت خلفها، وكلّ انطلاقة خاطئة أو التفاتة قبل بلوغ خط النهاية تعني الخسران، لذا لم تكن انطلاقتها منذ البداية خاطئة، وخطواتها مدروسة. لا تتهافت على الأدوار، بل تطبخ شخصياتها على نار هادئة، وتختار التوابل التي تمنح ألوانا زاهية لأطباقها الشهية.. فلا تستغرب إذا تذوّقت طبقا بمطبخ السعدية لاديب.

 

خارج إطار التلفزيون والسينما، وبعيدا عن رهبة المسرح، تكتشف الشخصية الأقرب إلى قلب السعدية لاديب هي شخصية "أمّ آدم".. بخلاف جميع شخصياتها "أمّ آدم" تعيش قصّة أمومة وتلعب أصعب أدوارها بالصخيرات!!