في سياق السجال القائم حول مشروع قانون 22.20، (قانون تكميم الأفواه)، والذي أثار الكثير من الانتقادات الرافضة له، وخاصة من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي؛ وجه القيادي الاتحادي محمد الدرويش رسالة إلى الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، يدعوه فيها الخروج بموقف صريح وواضح بخصوص مشروع هذا القانون.. وفي ما يلي نص الرسالة:
"الأخ الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
والأخوات والإخوة أعضاء المكتب السياسي
تحية أخوية صادقة،
أما بعد،
نتابع جميعا ما ترتب عن مصادقة المجلس الحكومي برئاسة السيد سعد الدين العثماني على مشروع قانون 20.22، والذي أعده وتحمل مسؤوليته السيد وزير العدل، من رفض شعبي وحزبي أغلبية ومعارضة -سواء الممثلة بالبرلمان أو غير الممثلة فيه- وأعضاء من المؤسسة التشريعية من مختلف الأحزاب -بما فيها الاتحاد الاشتراكي ومدني، واجتماعي، وحقوقي، الشيء الذي جعل حزبنا وجها لوجه مع كل أطياف الرافضين -وأنا منهم- وظل وحده الاتحاد في شخص الكاتب الأول ووزير العدل متشبثين بهذا المشروع .
وما أثارني، منذ بداية هذا المسلسل، هو غياب بلاغ رسمي صادر عن المكتب السياسي للحزب -باعتباره جهازا تنفيذيا- يعلن من خلاله الموقف الرسمي لحزب القوات الشعبية مما تضمنه مشروع القانون هذا من مواد تكون سببا في تراجع ترتيب المغرب دوليا في موضوع الحريات، وتناقض في بعضها الفصلين 6 و25 من الدستور، وتجعل المغرب في تناقض مع التزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتتنكر لنضالات نساء ورجال وطنيين أدوا الغالي والنفيس من أجل أن يتبوأ المغرب المكانة اللائقة به، وفي مقدمتهم شهداء ومناضلو ومناضلات حزب القوات الشعبية منذ ستين سنة .
الأخوات والإخوة الأعزاء،
مما لا شك فيه، نحن جميعًا مقتنعون بأنه لا يمكن لأي كان، أن يمحو تاريخ الاتحاد المكتوب بمداد دم الشهداء والمناضلات والمناضلين المخلصين، الذين أدوا الغالي والنفيس، حتى ينعم المواطنات والمواطنون اليوم بالحرية في شتى تجلياتها، وأن منطق التاريخ لا ولن يقبل أن تسلب من الاتحاد صفحاته المشرقة النضالية، ولا أن تتم "سرقات موصوفة" لعطاء أبنائه وبناته البررة لا نهارًا ولا ليلا.
ومن هذا المنطلق فإني، ومن موقعي عضوا بالمجلس الوطني للحزب، وعضوا بمكتبه السياسي قبلا، أدعو الأخوات والإخوة، وفي مقدمتهم الأخ الكاتب الأول للحزب الأستاذ ادريس لشكر، لإصدار بلاغ سياسي عن جهاز الحزب التنفيذي، يجيب فيه عن مجموعة من القضايا مثلت -في نظري- نقط ضعف في تدبير هذا الملف، منذ أن كان مسودة للسيد وزير العدل إلى أن صار مشروع قانون للحكومة، أذكر منها:
أولا/ لماذا عمد المجلس الحكومي إلى برمجة هذا النص، والمصادقة على مشروعه بسرعة قياسية؛ قلما شهدت -حسب علمي- المجالس الحكومية مثلها؛ مما سبب في إفساد لحظات إجماع وطني كامل وراء المبادرات، والقرارات الجريئة والذكية والتاريخية لقائد البلاد في تدبير جائحة كورونا وانعكاساتها الاجتماعية الاقتصادية والمالية، وغيرها .
ثانيا/ لماذا تنكرت كل الأحزاب المشكلة للأغلبية من خلال بلاغات قياداتها بتسلسل زمني وكأنه "مسلسل مدبر"، بدءا بالحركة الشعبية، ثم التجمع الوطني للأحرار، فالعدالة والتنمية، وقبلها ومساوق لها، بلاغات ومواقف التقدم والاشتراكية، والاستقلال، والأصالة والمعاصرة ثم الاشتراكي الموحد، كما عرفت الساحة السياسية التعبير عن مواقف أحزاب لم نسمعها منذ مدة ولو في قضايا وطنية مهمة .
ثالثا/ صمت الحكومة بكل أعضائها حتى من وجب أن يقدم تفسيرات في الموضوع، من مثل رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الناطق الرسمي باسم الحكومة.
رابعا/ ما معنى تسريب وثائق رسمية داخلية تهم وثائق حكومية ومذكرات وزارية، واستتباعه بحملة لا أخلاقية، غير مسبوقة ضد حزبنا، بتاريخه ومؤسساته ومناضلاته ومناضليه، وكذا خروج أخينا محمد بنعبد القادر وزير العدل بتصريح مقتضب يعلن فيه بأنه هو من أعد المشروع ومن يتحمل مسؤوليته .
خامسا/ لماذا لم يصدر عن المكتب السياسي للحزب أي بلاغ في الموضوع، حتى يكون خطاب الاتحاديين والاتحاديات خطابا متجانسا غير متضارب في زمن نقترب فيه من الحديث عن انتخابات 2021، والبدء في الإعداد لها سياسيا.
وعليه فإني، وبكل أخوية صادقة، أدعو المكتب السياسي للحزب لإصدار بلاغ سياسي -انتظره الاتحاديون والاتحاديات- يعبر عن موقف واضح، وصريح، رافض، ومتبرئ من مشروع "كل ما من شأنه العودة بنا إلى الوراء"، كما أدعوه لترتيب الجزاءات على كل من وما جعل حزب القوات الشعبية يتعرض لأكبر هجمة ممنهجة على تنظيم سياسي قاد المعارضة لأربعة عقود، وقاد الأغلبية لسنوات جعلت المغرب -إلى جانب قوى أخرى- يوضع في السكة الصحيحة، من أجل الوطن الديمقراطي، والمتقدم، والمتطور، والذي يضمن لمواطناته ومواطنيه الحرية، والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وتقبلوا أخواتي إخواني كل عبارات التقدير والاحترام.
أخوكم محمد الدرويش،
عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية".