الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

لهلالي : هل نجحت أنقرة في فرض شروطها على بروكسيل باستعمال اللاجئين والمهاجرين؟

لهلالي : هل نجحت أنقرة في فرض شروطها على بروكسيل باستعمال  اللاجئين والمهاجرين؟ يوسف لهلالي
عرفت العلاقات بين أنقرة وبروكسيل أزمة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، وهي ازمة استعملت فيها تركيا اللاجئين والمهاجرين كورقة ضغط على أوربا وهو ما جعل هذه الأخيرة تتهمها بالابتزاز. ولم يتردد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من طلب من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بتقديم "دعم ملموس" في النزاع في سوريا، وذلك خلال زيارة لبروكسل الاثنين الماضي، واكبتها انتقادات لتركيا على خلفية اتهامها بالتسبب بأزمة هجرة ولجوء جديدة..
وأعرب أردوغان عن أمله بأن يبذل حلفاؤه الغربيون مزيدا من الجهود لمساعدة تركيا في النزاع في سوريا والتعامل مع ملايين اللاجئين الهاربين من المعارك..
وجاءت زيارة أردوغان لعاصمة الاتحاد الأوروبي بعد توقف الازمة مع روسيا و بعد قراره فتح حدود تركيا أمام عبور المهاجرين واللاجئين الموجودين ضمن أراضيها."ويوجد اليوم في الحدود بين البلدين ألاف المهاجرين الساعين لدخول اراضي الاتحاد الاوربي. واستعمل الرئيس التركي ملف الهجرة من اجل الضغط عى حلفائه ومطالبتهم بدعمهم في الملف السوري. وفي لقائه مع الامين العام للحلف طالب بدعم سريع.
وحتى بعد لقائه لعدد من المسؤولين الاوربيين على أعلى مستوى، فان أردغان يستمر في فتح حدوده امام اللاجئين والمهاجرين الراغبين في الانتقال الى اوربا حتى تلبي هذه الاخيرة كافة مطالبه.
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين اللذين طالبا تركيا على وضع حد لتدفق اللاجئين والمهاجرين والتفاوض على اتفاق جديد تبذل بموجبه دول الاتحاد الأوروبي مزيدا من الجهود لتحسين الأوضاع الإنسانية عند الحدود السورية. ويبدو ان ما ازعج تركيا هو الدعم الكبير الذي قدمته بلدان الاتحاد الى اليونان الذي تلقى من بروكسل 700 مليون يورو لتعزيز الأمن عند الحدود ومواجهة موجة الهجرة المتدفقة من الحدود التركية.ويؤاخذ انقرة على حلفائها تحميلها المسؤولية لوحدها حول تحمل هذه الهجرة غير النظامية.
ومند اعلانها فتح الحدود قبل اسبوع تدفق عشرات الالاف من اللاجئين والمهاجرين الى الحدود بين البلدين، وهو امر يخالف الاتفاق الذي تم بين تركيا وبلدان الاتحاد في مارس 2016 الذي يفرض على تركيا الاحتفاظ بالمهاجرين مقابل مساعدات وصلت حسب الاتحاد الى 6 ملايين يورو. ووافقت انقرة على احتواء هذا التدفق القادم من سوريا على الخصوص.
لكن انقرة اليوم تعتبر ام ما حصلت عليه من المساعدات هو غير كافي لتغطية تكلفة 4 ملايين مهاجر ولاجئ، اغلبهم سوريون ، تستقبلهم تركيا فوق اراضيها.
وقد اتفقت بلدان الاتحاد على استقبال عدد من الاطفال العالقين باليونان والذين يتجاوز عددهم اكثر من 5000 طفل ، ووصل في الايام الاخيرة حوالي 1700 مهاجر الى الجزر اليونانية التي تضم حوالي 38 الف شخص يعيشون في مخيمات مكتظة في ظروف جد مزرية.
وتتخوف بلدان الاتحاد من نزوح جديد بعد الأزمة الإنسانية الأخيرة بأدلب، والتي تسببت في جلاء اكثر من مليون شخص من ديارهم، وتكرر أزمة 2015 التي أدت إلى نزوح أكثر من مليون لاجئ ومهاجر نحو أوربا وتسببت في ازمة اوربية حول تدبير الهجرة وكذلك في تصاعد قوة الاحزاب الشعبوية بأغلب البلدان الاوربية سواء بفرنسا، او المانيا او ايطاليا حيث شارك اليمين المتطرف في حكومة ائتلاف. وبدأت حدة الضغط تخف على اليونان بعد ان منعت تركيا ولوج بحر ايجا من طرف المهاجرين واللاجئين الذين يصلون عبره الى الاراضي اليونانية.
في تعاملهم مع الاتراك يحاول الاوربيون رفض الابتزاز حول ملف الهجرة لكن في نفس الوقت يتركون الباب مفتوحا للحوار مع جارتها الصعبة والمتقلبة. تركيا من جهتها تريد دعما سياسيا وماليا وكذلك عسكريا من الحلف الاطلسي من اجل مواجهة الضغط الروسي في سوريا، بعد ان تحول تحالفها الى مواجهة دامية في الأيام الأخيرة، راح ضحيتها العشرات من الجنود الاتراك وعدد كبير من السوريين خاصة وسط اللاجئين بمنطقة أدلب، والتهديد برحيل مليون شخص تقريبا نحو تركيا وبعدها نحو اوربا. فهل يصل الجانبان الى حل هذه الأزمة، ام ان ما يحدث هو مجرد الهدوء الذي يسبق العاصفة. المستشارة الالمانية التي كانت مهندسة الاتفاق مع طيب أردوغان ستزور انقرة في اقرب وقت، وهو نفس الموقف الذي اتخذه الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون من اجل ايجاد حل للقضايا العالقة وإيجاد خارطة طريق، وحسب التسريبات القادمة من بروكسيل يمكن ان نفرج عن مساعدات بقيمة 500 ملين يورو التي لم تتلقها تركيا بعد، كما انها ترغب في مشاركة اوربا في إعادة بناء منطقة أدلب وهو طلب تعتبره بروكسيل لم يحن وقته بعد وهو ايجاد حل للازمة السورية وإيجاد مخرج سياسي لها. وهو الهدف الذي يعتبر بعيد المدى. ولكن في انتظار التوصل الى اتفاق ملموس يستمر أوردغان في فتح حدوده من اجل الضغط على أوربا من أجل الحصول على المساعدات بسرعة.