الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: الحاجة لتحويل مفهوم الولاء للأفراد إلى الولاء للقانون

رشيد لزرق: الحاجة لتحويل مفهوم الولاء للأفراد إلى الولاء للقانون رشيد لزرق

في ظل وضع اجتماعي واقتصادي وما نعيشه من أزمات واحتجاجات، طرح السؤال حول الخطر المؤسساتي الذي يوجهنا جميعا. ولعل أشد سؤال بات يشكل تحديا على الخيار الديمقراطي اليوم، هو: كيف السبيل لحماية وتقوية المؤسسات؟

 

من هذا المنطلق أعتقد أنه ينبغي الاعتراف بأن العلاقة بين المؤسسات والمواطن تزداد تدهورا، وتذكي هذا الوضع حملة التّشكيك الممنهجة في تفعيل القانون وترسيخ التعاقد الدستوري، نتيجة تصاعد التيارات الشعبويّة بكل تلاوينها السياسية والحقوقية.

 

ولعمري أن هذا الوضع يدعونا جميعا إلى وقفة للتأمل في بروز حملة التنسيقيات التي تضرب في العمق صورة دولة القانون والمساواة. وما يقوي ذلك هو عدم تحمل المسؤولية وتعمد الحزب الحاكم الظهور بمظهر المفعول به، عوض أن يكون الفاعل الحاكم، كما أن اللافت في الأمر أيضا هو نهج المتحالفين معه نفس المنحي، مما جعل معادلة ربط المسؤولية بالمحاسبة كشرط ضروري من شروط تجذير المؤسسات، هي مجرد نص لا مكان له في الممارسة العملية.

 

هنا ينبغي الاعتراف بوجود شخصيات أصغر من المؤسسات التي يشغلونها في ظل تواطؤ سياسي بين الشخصيات المكلفة بالاقتراح في التعيينات في ضرب لمنطق الكفاءة، ومحاولة رضع الأتباع في ظل قيادات سياسية جاءت بهم الصدف...

 

والحقيقة الموضوعية التي لا مناص منها أن تقوية المؤسسات، وإعطاءها مصداقيتها لن تكون إلا عبر إشاعة قيم العدل التي تبقى المرجع والأساس الذي تستند إليه لبلوغ دولة القانون، بعيدا عن منطق المزايدات أو التوازنات الذي أفضى إلى ضعف في المؤسسات، والذي يظل بنية خصبة لحماية الفساد، الذي يضعف الشعور بالواجب والانتماء المشترك للوطن.

 

نحن في حاجة ملحة إذن لوقفة تأمل للحسم ومواجهة الأوضاع عبر الالتزام بالقانون، كمبدأ من المبادئ العليا، لتقوية المؤسسات. وهذه مسؤولية جماعية للنخب والمواطن بغاية تحصين مكتسبات الدولة؛ كما ينبغي أيضا التنبيه بكون الظروف القائمة التي نمر منها تدعو الجميع من مختلف المواقع، سواء تلك المتواجدة في الحكومة أو المعارضة أو المجتمع المدني إلى العمل بغية تقوية المؤسسات. وهو ما يفرض فتح مسار جاد في الحياة السياسية، وفي الممارسة العملية، بالتجرد من الأنانية وفسح المجال لنخب حقيقية قادرة على قيام بوظائفها بكل كفاءة؛ يجعل القانون يعمل في خدمة الجميع ومن أجل الجميع؛ ويمكن من استثمار الكفاءات البشرية وتحويل مفهوم الولاء للأفراد إلى الولاء للقانون وخدمة الوطن.

 

- رشيد لزرق، خبير في الشؤون الدستورية والبرلمانية