الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف مرصود: عندما تجوع الدولة تأكل أبناءها..

يوسف مرصود: عندما تجوع الدولة تأكل أبناءها.. يوسف مرصود

كلما اشتدت أزمات الدولة المالية، إلا وتلتفت إلى مواطنيها ورعاياها قصد تدبير هذه الأزمات..

 

فهذا مشروع قانون المالية لسنة 2020 في مادته التاسعة، والذي منع الحجز على ممتلكات الدولة لأي سبب من الأسباب.. وبهذا المعنى فمن يحمل حكما ضد الدولة كمن يحمل العدم.. وبهذا المعنى أيضا لا منفعة من تواجد محاكم إدارية تقضي بين الدولة والمواطن.. بل لا معنى في الأصل لدستور يقول فصله 126: "الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع.."؛ بل ما يضحك ويبكي هو مقتضيات الفقرة الثانية من هذا الفصل التي قالت: "يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة، إذا صدر الأمر إليها بذلك، ويجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام..". فعن أي مساعدة للسلطات العمومية تتحدث أيها الدستور.. والسلطات نفسها من ستمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء.. أليس الجميع التي جاء بها الفصل 126 هي جميع الأشخاص سواء كانوا عاديين أو أشخاص القانون العام..

 

وهذا رئيس فريق حزب العدالة والتنمية يطل علينا من قبة البرلمان.. ويصرح بأن التنفيذات ضد الدولة كلفت الخزانة 10 ملايير درهم.. وأن في ذلك تهديد لميزانية الدولة.. السيد البرلماني أما علمت أن هذه الأموال هي حق وليس منحة.. هي مقابل ما تعتدي به الدولة على ممتلكات المواطنين.. السيد البرلماني تجرأت فقط على هذه المبالغ.. ولم تتجرأ على القول بأن ميزانية القصور وتعويضات الوزراء والبرلمانيين وتقاعدهم ترهق ميزانية الدولة.. فقط وجدت أمامك سور صغير اسمه مواطن فقفزت عليه.. السيد البرلماني الذي تجرأت على القضاة والمحامين وأنت الجاهل بالقانون ولا أدل على ذلك أنك تستغرب كيف تخسر الدولة قضاياها.. اسمح لي أن أضحك (هههههه ) طبيعي جدا أن تخسر الدولة قضية اعتداء مادي أو نزع ملكية طبيعي جدا جدا.. أم رغبت أن تعتدي الدولة وتنزع ويحكم القضاء برفض طلب المعتدى على ملكيته أو المنزوعة ملكيته.. ما أجهلك.. ونحن نستغرب كممارسين من أزمة صناعة التشريع والركاكة التي تعتري النصوص التشريعية والضعف الذي يطالها.. الآن فقط تبين الأمر بتواجدك وأمثالك في معمل التشريع..

 

المواطن وجد نفسه وحيدا في هذه الدولة محاصرا لا حول له ولا قوة.. حتى النواب من هم صوته في البرلمان تنكروا له.. وتواطؤوا مع الدولة ضده.. التي اشتد جوعها.. والتهمت هذا المواطن شر التهام.. الدولة التي زادت الأغنياء غنى وزادت الفقراء فقرا..

 

أكلّما اشتد عليك الجوع أيتها الدولة تأكلي أبناؤك.. إلى متى سيستمر هذا الحال.. هل هذا هو الحل الذي تبقى بيدك.. هل أعلنت إفلاسك.. أين ربط المسؤولية بالمحاسبة.. أين محاسبة ناهبي أموالك.. أين تقارير السيد جطو وما هو المآل.. أم أنهم الأقوياء ونحن الضعفاء؟؟؟

 

نتمنى أيتها الدولة أن تكوني الحرة، التي قيل عنها تموت ولا تأكل بثديها...

 

- يوسف مرصود، محامي بهيئة الدار البيضاء