الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: "قيامة أرطغرل" تهزم أسود الأطلس

محمد الشمسي: "قيامة أرطغرل" تهزم أسود الأطلس محمد الشمسي

 صادفتْ مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الموريتاني بعد نصف ساعة من انطلاقها، يوم الجمعة 15 نونبر 2019، موعد بث مسلسل "قيامة أرطغرل" على القناة التونسية "حنبعل"، فاخترت مشاهدة الحلقة 284 من عمل درامي ضخم، يؤرخ لحقبة محاولات توحيد القبائل التركية على يد القائد أرطغرل ابن سليمان شاه زعيم قبيلة "الكايي"، وهو والد الزعيم عثمان أرطغرل الذي أسس الدولة العثمانية نسبة إلى اسمه، التي تحولت إلى إمبراطورية تمددت نحو آسيا وإفريقيا وأوروبا. وكان قراري هجر المباراة وطلب اللجوء نحو الإنتاج التركي راجع لكوني لا أجد في هذا المنتخب شيئا يجذبني إليه، فالتفرج على مبارياته مجرد مضيعة للوقت. بالمقابل تأسر أحداث المسلسل التاريخي من يتفرج عليه، في عرض فني بهيج، يستعرض الطبيعة الخضراء بمروجها ووديانها وسهولها وغاباتها، وأسراب العاديات ضبحا والموردات قدحا، في الحروب التي نشبت بين المسلمين والصليبيين خلال القرنين 12 و13، وقوة الخدع في اقتتال المقاتلين بالسيوف والرمي بالسهاد والرماح، في مشاهد مثيرة وقريبة من الحقيقة، دون إغفال إكسسوارات المسلسل، من ملابس وخيم ومعدات تحاكي تلك العصور، والدسائس والخيانات التي عاشتها عتبات القصور وجنبات القبائل، كل ذلك بعربية فصحى مدبلجة لعل أخطاءها أحد نقط ضعف العمل الدرامي الكبير.

 

ومن حين لآخر يشدني الحنين للإطلالة على المباراة، فأجد ركضا وجريا وهجوما وعرقا بلا طائل، والسيد المعلق المسكين يسعى إلى خلق تشويق في مباراة ميتة، ووجدت أنه لا شيء تغير في المنتخب منذ الخروج من الدور الثاني في مصر، وحده رونار من ذهب بلا رجعة، وحل محله العجوز خليلوزيتش، وباقي مقومات الأزمة كلها حاضرة، بداية من لاعبين غشاشين يعتبرون مبارياتهم مع المنتخب هي فقط للنزهة، وتراهم في أنديتهم يقاتلون مثلما قاتل رجال القائد أرطغرل، ونهاية بالطاقم المساعد للمدرب حيث نفس الوجوه التي تسببت في الفشل بمصر، ثم أضطر لأعود إلى أحداث المسلسل، فلا شيء في مباراة هذا المنتخب ما يدعو لمشاهدتها باستثناء قتالية لاعبي المنتخب الموريتاني الذي يكبر في صمت، ونحن نصغر نصغر، ألم نكن صغارا من ذي قبل ونرى أنفسنا كبارا.

 

انتهت المباراة بالتعادل السلبي الذي يمنح للضيوف نقطة ثمينة، واستمر المسلسل التركي في عرضه المبهر، وأنا غير نادم على اختياري، فمنذ أن تعاقدت الجامعة مع مدرب لم يجد من يدربه على فن التواصل والحديث، وأطلق عنان لسانه الطويل يحقر اللاعبين المحليين دون أن يكلف أحد نفسه تذكير الرجل الذي هو في سن مرض "خرف الذاكرة"، أن اللاعب المغربي سبق وحصد كرات ذهبية قارية عديدة، ومنذ تلك المباريات الودية التي أثبت خلالها هذا المدرب أن التاريخ تجاوزه، أعتبر مشاهدة مباريات المنتخب تحت قيادته خيانة لتاريخ كرة قدمنا، وحتى بعد "نكبة الجمعة" أخرج خليلوزيتش عينيه وهو "يضحك" على المغاربة بالقول" لو كان لدي ليونيل ميسي لقمت باختياره"، وهل يقبل ميسي دعوة مدرب قضى ثلاثة أشهر ينهب المال العام بأجور ثقيلة ولا يقدم شيئا؟، وإذا كان ليس لديك ميسي فلأنك لست مورينيو ولاكوارديولا ولايورغن كلوب، ثم إنه على ولي نعمتك الذي استقدمك ومنحك مال الشعب بلا رقابة، أن يخبرك أن المغرب فاز بكأس إفريقيا بأقدام لاعبين محليين لم يكونوا حاصلين حتى على جواز السفر، وإن المغرب عبر إلى الدور الثاني في كأس العالم بدون ميسي.

 

عجبت حين قرأت أن مدربين من قيمة انتونيو كونتي وآرسين فينغر ورانييري ولوران بلان والقائمة طويلة هم عاطلون عن العمل، في حين يجد أمثال خليلوزيتش هذه "الهوتة" في تدريب منتخب وسرقة أموال الأمة بلا نتيجة، ولا أحتاج لترديد قصة السبع مع القردة، عندما يشيخ ويهرم...

 

فآه يا أسودنا آه، يروضك من يحتاج لترويض، ويمثلك من "يمثل" عليك... ولا قوة في التمثيل غير "قيامة أرطغرل" على قناة "حنبعل" كل يوم على الساعة الثامنة والنصف.