السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمد فتحي: بعض اتحادات الملاك (السانديك) بقرة حلوب يستفيد منها بعض منعدمي الضمائر

محمد فتحي: بعض اتحادات الملاك (السانديك) بقرة حلوب يستفيد منها بعض منعدمي الضمائر محمد فتحي
عرفت مدينة الجديدة منذ بداية الثمانينات تطورات هائلة على المستوى العمراني، هذا التطور ارتفعت وتيرته في السنين الاخيرة نتيجة عدة عوامل ابرزها النمو الديموغرافي الذي شهدته في النصف الأخير من القرن 20. وما واكبه من تغييرات اقتصادية واجتماعية برزت عنها ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة وما صاحبها من نمو متسارع للحواضر، وتوسع في العمران، وارتفاع في أثمنة العقارات نتيجة الضغط المتزايد للطلب من أجل تغطية حاجيات السكن من جهة واحكام لوبيات العقار واعيان المدينة وبعض منتخبيها وبعض المؤسسات الصناعية سيطرتهم على الوعاء العقاري من جهة أخرى. لما تحوزوا مسبقا وباثمنة زهيدة مساحات كبيرة بالمدينة جعل المتر المربع الواحد يرتفع في ضرف قياسي إلى ما بين 5 آلاف و10 آلاف درهم، وازداد الطلب على السكن بسبب توطين عدة مشاريع اقتصادية وصناعية وتعليمية وخدماتية وسياحية بالمدينة ابتدأت بميناء الجرف الاصفر والمركب الصناعي للمكتب الشريف للفوسفاط وفتح جامعة شعيب الدكالي وبناء مؤسسات ومدارس عليا ملحقة بها كان لها الاثر الكبير في التحاق عدد كبير من الطلبة من اقاليم اخرى ضف الى ذلك التوسع المضطرد للأحياء الصناعية سواء بالجرف الاصفر والمدينة والنواحي وهو ما جلب اعدادا كبيرة من اليد العاملة من خارج الاقليم.
ومع استمرار الضغط على الوعاء العقاري تم الالتجاء الى البناء العمودي الذي ازدهر في السنين الاخيرة نتيجة الحاجة المتزايدة لإيواء الوافدين على المنطقة التي اصبحت مركز جذب للاستثمارات وقطبا صناعيا وخدماتيا خصوصا بعد ربط المدينة بالسكك الحديدة والطريق السيار.
فحسب احصاء 2014 فان عدد السكنى بمدينة الجديدة هو 49160 تمثل فيها العمارات 19.2 في المائة اي ما يعادل 9450 شقة سكنية بالعمارات يسكنها حوالي 37000 ساكن والعدد في ارتقاع ويتطور بشكل سريع ويكون قد وصل في سنتنا هذه الى مستويات عليا . هذا النمو المفاجئ صاحب معه عدة مشاكل منها ما هو مرتبط بالجانب التقني للعملية حيث لاحظنا سرعة وعشوائية انجاز مجموعة من العمارات على حساب الجودة وهو ما كان سببا في عدة عيوب وتشوهات كانت ولا زالت مثار تذمر من طرف مقتني الشقق من المواطنين وتسببت وتتسبب في تدهور وضعية صيانة الاجزاء المفرزة والمشتركة في العمارات وهي اعباء سيتحمل وزرها السكان واتحادات الملاك الساهرين على الصيانة وحل المشاكل. هذا بالإضافة الى نتائج التدبير العشوائي للشان العمراني بالمدينة الذي لم يراع الجوانب الاجتماعية والثقافية والحضارية لمجتمعنا فاصبحنا نلاحظ أن العمارات تنمو كالفطر بكثافة سكانية عالية بدون وجود فضاءات خضراء ومرافق الخدمات المختلفة التي تتطلبها الحياة العادية مما يجعلها مؤهلة لاحتضان كل الظواهر السلبية والأمراض الاجتماعية بسبب عشوائية التدبير العمراني للمدينة وجشع المنعشين العقاريين الذين لا يهمهم ما سيقع في المستقبل الامر الذي سيزيد الامر تعقيدا وسيضاعف من مشاكل قاطني هاته العمارات وستزداد معها مسؤولية اتحادات الملاك ومسيري المرافق المشتركة.
ومما فاقم الوضع بهذه المناطق السكنية هو ما يتداول في الوسط السكاني من استغلال بشع لبعض هيئات السانديك التي اصبحت بقرة حلوبا حيث يستولي البعض على موارد مالية كبيرة دون ان تعرف وجهة صرفها لغياب الشفافية والتطبيق المطلوب للقانون 00-18 المتعلق بالملكية المشتركة فالتقارير الدورية لمالية السانديك لا تقدم للملاك والاجتماعات السنوية لا تنظم لجرد الحصيلة وتقديم التقارير بل ان تجديد بعض اتحادات الملاك يتم في السر على الورق لاستمرار الوضع على ما هو عليه . ان جولة سريعة بهذه الاقامات والاستماع الى ساكنتها سيخرج بانطباع ان بعض منعدمي الضمير يستغلون سذاجة السكان وجهلهم بالقانون ووقوف سلطات القرب عاجزة ومتفرجة على ما يجري لتحقيق مزايا كبيرة على حساب الملاك الذين يتشكلون في اغلبيتهم من عمال وحرفيين بسطاء والذين يعاينون يوميا تدهور الفضاء المحيط وانعدام الامن وغياب الحراسة وتدهور صيانة المرافق ونمو العديد من الظواهر السلبية داخل الاقامات السكنية وهي مسؤولية السانديك الذي لا هم لبعض منه الا المبالغ التي يعتبرها مدخولا شهريا قارا بدون تقديم الخدمات التي يفرضها القانون.
ولحسن الحظ فإن مثل هؤلاء اقلية فهناك اتحادات ملاك عديدة وهي الاغلبية يديرها شباب واشخاص فضلاء وصلت الى مستويات رائدة من حيث الامن والنظافة وتجويد الفضاء المحيط وهو ما يتطلب تدخل السلطة المشرفة على حماية وتنفيذ القانون لوضع حد لمثل هذه السلوكات المشينة التي تقوم بها وتكرسها تلك النسبة الشاذة من أعضاء اتحادات الملاك
ان الادعاء بان تدبير امر الاقامات هو شان للملاك لا دخل للسلطة فيه يعطي الفرصة للمزيد من الفساد ونهب املاك الناس وتحويل هذه الاقامات الة جزر للابتزاز والاغتناء ويحول مشهد فضاءاتها ا الى قبح وفوضى في غياب الصيانة والامن والاهتمام وهو امر في اعتقادنا يهم السلطات بمختلف مكوناتها باعتبارها الساهرة على تنفيذ القانون وحماية المواطنين.
إن إعادة النظر في القانون 00-18 الذي نسخ عن القانون الفرنسي بدون اية ملاءمة مع الواقع المغربي أصبح أمرا ضروريا فبنوده عبارة عن امور معقدة التطبيق وغير ملائمة لواقع المغرب كما ان القانون الذي يحدد الواجبات والحقوق يبقى فارغ المحتوى اذا لم يحدد الجزاءات والعقوبات في حالة الاخلال بالواجب من طرف اتحاد الملاك .اضافة ان اغلبية شكايات الملاك واتحادات الملاك لا تعطى لها التتمة الضرورية باعتبارها قضايا مدنية وشانا داخليا بين الملاك رغم ان بعضها يعتبر جريمة من الناحية القانونية نصبا واحتيالا وخيانة للامانة.
ان فيدرالية جمعيات الأحياء السكنية من موقعها تترافع لتجويد الحياة بمدينة الجديدة وتحسين الخدمات بها قررت توجيه مجموعة من المراسلات الى كل السلطات المعنية محليا ومركزيا (وزارة العدل- رئيس النيابة العامة- وزارة الداخلية- وزارة السكنى – رؤساء الفرق البرلمانية-.....الخ) ومطالبتها بضرورة الاهتمام بهذا الجانب من حياة المواطنين وفتح تحقيق في كل الشكاوي التي تلقتها من الملاك واتحادات الملاك علما ان القضايا الجارية بالمحاكم والتي تهم الحياة بالإقامات تعددت وتكاثرت بشكل كبير الى درجة وجب على المسؤولين التدخل لإيجاد حل لها.